إعصار «دين» يعصف بقمة «الأصدقاء الثلاثة» في أوتاوا

بوش يسعى لتعزيز العلاقات مع كندا والمكسيك

TT

سعى الرئيس الأميركي جورج بوش الى طمأنة زعماء كندا والمكسيك بأن بلاده تريد توثيق العلاقات مع البلدين، على الرغم انصرافه عنهما بسبب الحربين في العراق وأفغانستان. وكان مستوى العلاقات بين الدول الثلاث محور المحادثات بين بوش ورئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر والرئيس المكسيكي فيليب كالديرون في القمة الثلاثية في كيبيك الكندية، التي اطلق عليها «قمة الاصدقاء الثلاثة». غير أن اعصار «دين» القوية في بحر الكرايبي الذي هدد بإشاعة الدمار في شبه جزيرة يوكاتان المكسيكية القى بظلاله على قمة كيبيك، اذ بعد فترة وجيزة من وصوله الى مونتبيلو باقليم كيبيك، أعلن كالديرون تقليص مدة زيارته من أجل التعامل مع كارثة محتملة بسبب الاعصار. وقال كالديرون إنه ألغى خططا سابقة لقضاء وقت أطول في كيوبيك، كما ألغى غداء عمل في تورنتو كان مقررا أن يتم اليوم الأربعاء مع رئيس الوزراء الكندي، ولكن من المتوقع أ‏ن يشارك في مؤتمر صحافي مع بوش وهاربور للحديث عن نتائج القمة.

وقال المركز الوطني الأميركي للأعاصير ان الإعصار الذي قتل 11 شخصا حتى الآن في طريقه عبر البحر الكاريبي اثناء مروره بالمارتينيك وهايتي وجمهورية الدومينيكان وجامايكا. وارتفعت شدته الى اعصار من الدرجة الخامسة، وهي أعلى درجات الأعاصير، الا انه انخفض الى لاحقاً الى الدرجة الثالثة عن وصوله الى ساحل المكسيك في وقت لاحق امس. وأبلغ بوش كالديرون استعداد الولايات المتحدة لتقديم المساعدة بعد الاعصار. وقال دان فيسك وهو متخصص في شؤون النصف الغربي من الكرة الأرضية بالبيت الأبيض: «نريد أن نكون في وضع يسمح بمساعدتهم بشكل ملائم وبأفضل ما يمكننا اذا ضرب دين أي منطقة بالمكسيك». وقد سحبت المكسيك أكثر من 14 ألف شخص من العاملين في مجال النفط من أماكن تمركزهم، حيث ينتظر الإعصار دين، كما أغلقت مئات المنشآت النفطية في خليج المكسيك. وقامت السلطات أيضا بترحيل أعداد كبيرة من السكان وسط مخاوف من فيضان مياه البحر وإغراق اليابسة. وحاول آلاف السياح مغادرة منتجع كانكون، إلا أنه تعذر على البعض منهم العثور على طائرات تنقلهم بعيدا عن المنطقة. وفي جمهورية بليز المجاورة للمكسيك تم إخلاء المنطقة السياحية الرئيسية، أما في جزيرة جامايكا فقد تسبب الإعصار في تدمير عدد من أسقف المنازل وأسلاك الطاقة الكهربائية عند مروره بالقرب من وسط الجزيرة. ويعتقد خبراء الإرصاد الجوية أن منتجع كانكون المكسيكي الشهير لن تصيبه «ضربة مباشرة»، ورغم ذلك فقد غادر حوالي ثلثي السياح المنطقة. وقال خبراء في المركز القومي لدراسة الأعاصير في الولايات المتحدة، إن الإعصار دين قد بلغ الدرجة الخامسة «التي تنذر بحدوث كارثة» بعد أن تجاوزت سرعة الرياح 260 كيلومترا في الساعة، وبلغ ارتفاع الأمواج 5.5 متر فوق معدلاتها الطبيعية.

وتصدرت القضايا الأمنية والتجارية المحادثات بين القادة الثلاثة، وخاصة فيما يخص مراقبة الحدود بينهم ومنع دخول المهاجرين غير الشرعيين مع السماح لمواصلة التجارة. وبحث بوش وهاربر الاوضاع في افغانستان، حيث ينتشر 2500 جندي كندي. وقال مسؤول كندي لوكالة «اسوشييتد بريس» ان هاربر اكد لبوش ان مهمة كندا في افغانستان لن تجدد بعد عام 2009 من دون موافقة البرلمان. وبدأت القمة التي تعقد في قصر يطل على نهر اوتاوا وسط تظاهرات نظمها محتجون علت أصواتهم بهتافات تطالب بوش بالعودة الى بلاده واعترضوا على هدف تعزيز التجارة والعمل على التوصل الى نهج مشترك ضد الارهاب. وكانت مجموعة كبيرة من المعارضين للحرب في العراق ضمن الحشود. وعبر منتقدون عن قلقهم من أن تعزيز العلاقات الاقتصادية من شأنه أن يضر بالسيادة الوطنية ومن أن تعاونا أوثق بخصوص مكافحة الارهاب، قد يؤدي الى انتهاكات لحقوق الانسان. ولكن هاربر وكالديرون مهتمان بتوسيع العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة على رغم أن كل منهما لا يريد أن يبدو قريبا أكثر من اللازم من بوش الذي لا يحظى بشعبية في أي من البلدين.

وكان بوش تعهد بالتركيز على تقوية العلاقات مع المكسيك قبل انتخابه رئيساً عام 2000، غير أن منتقدين يقولون انه تجاهل مخاوف جيرانه في أمريكا الشمالية، عقب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001. وتشعر المكسيك بخيبة أمل ازاء السياسيات الاميركية المتشددة على نحو متزايد بشأن الحدود والتضييق على دخول العاملين المكسيكيين، بالاضاقة الى الفشل في اصلاح قوانين الهجرة الاميركية التي تمس الكثير من العائلات المكسيكية. أما كندا فهي غاضبة من اجراءات مكافحة الارهاب التي تعرقل تدفق السلع والخدمات عبر الحدود. وناقش هاربر مخاوف كندا بخصوص الزعم الرمزي من جانب روسيا بأحقيتها في السيادة بالقطب الشمالي، حيث غرست علما في قاع المحيط. وتزعم كندا سيادتها على الممر الشمالي الغربي للقارة القطبية الشمالية، غير أن الولايات المتحدة تعتبره مضيقاً دولياً. وقال هاربر: «أعتقد أن من العدل قول ان الرئيس خرج بادراك أفضل لموقف كندا.. ومع ذلك.. سأشير الى أن من وجهة النظر الأميركية فإننا نواصل الاعتقاد بأن الممر الشمالي الغربي هو مجرى مائي دولي.. أن هناك حقوقا دولية للابحار عبر الممر».