«هدنة» إخراج المدنيين من نهر البارد لم تحصل والجيش يواصل تضييق الخناق على المسلحيـن

منظر عام لمخيم نهر البارد التقط امس، يظهر مدى الدمار الذي لحق بمبانيه، بعد معارك الأشهر الثلاثة الأخيرة (رويترز)
TT

بخلاف ما كان متوقعاً، لم تحصل الهدنة التي طلبها مسلحو «فتح الاسلام» لاخراج ما تبقى من المدنيين في مخيم نهر البارد في شمال لبنان على رغم موافقة قيادة الجيش اللبناني على الطلب الذي نقله اليها اول من امس عضو «رابطة علماء فلسطين» الشيخ محمد الحاج بعدما كان تبلغه من الناطق باسم المسلحين «ابو سليم طه».

وعلى الصعيد الميداني عنفت المواجهات منذ ساعات الصباح الاولى امس واستعملت فيها مختلف انواع الاسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، وقصفت مدفعية الجيش بشكل مركز البقعة الاخيرة التي يتحصن فيها مسلحو «فتح الاسلام». كما دارت مواجهات في محيط حي سعسع الفوقاني وحي عمقا واطراف حي الدامون ومحيط مسجدي الحاووز والشيخ علي. وقد احرز الجيش مساء اول من امس وصباح امس المزيد من التقدم حيث سيطر على ابنية جديدة، مشدداً الضغط على المسلحين. وشاركت المروحيات في قصف مواقع ما تبقى من عناصر «فتح الاسلام». وسجل تدمير عدد كبير من التحصينات ومحاصرة عدد من الملاجئ بعد إغلاق منافذها. وكانت مدفعية الدبابات ومدفعية الميدان قصفتا منذ ساعات الصباح الاولى هذه المواقع، ممهدة الطريق امام تقدم وحدات الجيش التي باتت تطبق من كل الجهات على كامل المساحة التي يسيطر عليها من تبقى من المسلحين الذين يرفضون الاستسلام ويتخذون من عائلاتهم دروعاً بشرية. ونفذت المروحيات خمس غارات استهدفت ملاجئ «ابو عمار» و«زاروب جبهة النضال» ومحيط مسجدي الحاووز والشيخ علي حيث تم تدمير عدد من التحصينات ما سهل كشف مداخل الملاجئ بحيث تتمكن وحدات الجيش من التعامل معها بالطريقة المناسبة. وافيد عن حالة من الارتباك في صفوف المسلحين، وترددت معلومات عن محاولات يقوم بها بعضهم للهرب او الاستسلام.

هذا، وافاد شهود عيان انه قرابة التاسعة والنصف من صباح امس اوقفت دورية للجيش شخصاً في منطقة حي البحر ـ مفرق حمص، على مسافة 3 كيلومترات شمالي مخيم نهر البارد. وتبين انه احد عناصر «فتح الاسلام» ويدعى م. ق. س. (فلسطيني) وانه تمكن من الهرب بحراً.

وعلى صعيد ذي صلة، افاد عضو «رابطة علماء فلسطين» الشيخ محمد الحاج ان «انقطاع الاتصال مع جماعة فتح الاسلام بعد إلغاء او حرق بطاقة الهاتف للمتصل (ابو سليم طه) ادت الى اعاقة عملية خروج عائلات «فتح الاسلام» بسلام، لأن الجيش اللبناني يريد خروجاً آمناً للعائلات وتحديد الجهة التي ستخرج منها لتأمين سلامتها. واستغرب «الغاء وسيلة الاتصال كلما جرى الحديث عن تحقيق نتائج يمكن ان تسهل الحل». واشار الى ان «الجيش ابدى كل استعداد لتقديم التسهيلات اللازمة التي من شأنها ضمان خروج العائلات بسلام» وكان الجيش قد التزم المهلة التي طلبها المسلحون عبر «رابطة علماء فلسطين» من اجل اخراج عائلاتهم ومن يرغب من المدنيين ـ على حد تعبيرهم ـ وذلك في مهلة اقصاها مساء الثلاثاء.

من جهة اخرى، تحدثت معلومات صحافية عن وجود 44 جثة لمسلحين من «فتح الاسلام» في براد المستشفى الحكومي في طرابلس. الا ان مسؤولاً في المستشفى افاد ان المعلومات ليست من مصدر رسمي، رافضاً كشف العدد الحقيقي للجثث. وقد علمت «الشرق الاوسط» من مصادر مطلعة ان عدد قتلى «فتح الاسلام» اكبر بكثير وان هؤلاء من جنسيات عربية مختلفة. واوضحت ان هذا العدد لا يشمل جثث القتلى الذين سقطوا في اشتباكات طرابلس منذ 20 مايو (ايار) الماضي.

هذا، واعتبر رئيس الجمهورية اميل لحود «ان دماء شهداء الجيش والقوى الامنية ومسعفي الصليب الاحمر اللبناني والمدنيين التي سالت في المواجهات بين الجيش ومسلحي تنظيم فتح الاسلام في الشمال عززت سيادة لبنان واستقلاله وحمت وحدته الوطنية ودوره في محيطه والعالم. ومن غير الجائز ادراج هذه الشهادات السامية في أي اهداف اخرى». وقال: «ان الجيش الوطني الذي يقاتل رجاله باللحم الحي اثبت مرة جديدة انه رمز الوحدة الوطنية وحاميها» وشدد على «ان المحافظة على الجيش مسؤولية وطنية كبرى. ولن يكون من المسموح لأي كان التطاول عليه او التشكيك بدوره.. ولعل الحكمة العالية التي اظهرتها قيادته في الظروف الدقيقة التي مر بها لبنان خلال السنتين الماضيتين خير ضمانة لاستمرار الدور الريادي للجيش الوطني في الدفاع عن ارض لبنان وشعبه ومؤسساته».