الأمطار الموسمية في الهند قوة ديمقراطية تطال الأغنياء والفقراء

31 مليون شخص تأثروا بالفيضانات وأغلبهم فقد كل شيء

عمال هنود في ولاية بيهار خلال تنقلهم بعد الفيضانات الموسمية («نيويورك تايمز»)
TT

ضياع كل شيء يملكه اصبح كارثة روتينية لشانكار، وهو عامل هندي في ولاية بيهار شمال شرقي الهند، الذي شاهد مسكنه وممتلكاته يلحق بها الدمار في اسوأ فيضانات يتعرض لها شمال الهند منذ عقود طويلة.

وقال وهو يقف وسط المياه يحلق فيما تبقى من منزله «هذه هي المرة الثالثة التي افقد فيها مسكني جراء الامطار. هذا العام كانت الامطار اسوأ والمياه أعمق. ولكن في النهاية نفس الشيء ليس لدي أي شيء».

وسقف مسكنه المصنوع من القش هو الوحيد الذي ظهر فوق المياه التي حولت قرية ماليناغار الى بحيرة. وتحت السطح، تساقطت الحوائط القشية وضاع مخزونه من الحبوب الغذائية وملابسه واثاثه وممتلكاته.

وتجدر الاشارة الى ان الامطار الموسمية في الهند هي قوة ديمقراطية. فهي تهطل غزيرة على بيوت الفقراء والاغنياء على حد سواء. ولكن بعد انتهاء الامطار يعاني الفقراء فقط.

ففي 16 اغسطس (آب) الحالي، ذكر المسؤولون في يونيسف ان اكثر من 2800 في الهند وبنغلاديش ونيبال وباكستان ماتوا منذ بداية الامطار الموسمية غرقا ومن الامطار المتعلقة بالمياه ومن عضات الثعابين ومن الجوع.

ولكن بالنسبة للناجين، فإن المعاناة الحقيقية بدأت، فمع ضياع المحاصيل وغرق الحقول، لم تصبح هناك اعمال زراعية لملايين من العمال لعدة شهور، مما يجعلهم يعتمدون على دعم مؤسسات الاغاثة والحكومة. وقد اعربت اليونيسيف عن قلقها من تزايد المشاكل.

تجدر الاشارة الى ان ولاية بيهار هي اقل ولايات الهند تنمية. إلا ان هناك نظاما طبقيا وسط هذا الفقر، وطبقات من الاثرياء والفقراء.

بيوت اثرياء قرية ماليناغار لا تزال قائمة، وهي مصنوعة من الطوب والاسمنت. وتمكن البعض من العثور على ملجأ فوق اسطح مساكنهم عندما بدأت الامطار والفيضانات. اما الفقراء الذين يعيشون في اكواخ بدون كهرباء في طرف القرية فكان عليهم الهرب الى الاماكن المرتفعة.

وقد بدأت امطار الفيضانات في الانحسار في منتصف اغسطس، وحلت محلها الاوحال ذات الروائح الكريهة. واستمرت القرية معزولة. ويعيش مئات الألوف من الناس في الهواء الطلق على اطراف الطرق السريعة على بعد بوصات من المواصلات.

وفي الفترات بين العواصف، تصبح بيوت قرية ماليناغار سراب من الجمال. فخلف بقايا البيوت الغارقة، تمتد مياه نهر باغماتي التي دمرت ضفافه، على امتداد البصر. وتقف فتيات القرية مثل عرائس البحر يصففن شعورهن، وسط المياه الهادئة.

الا ان شانكار لا يجد ما يجعله سعيدا، فهو معتاد على الحرمان الذي يعقب الفيضانات. فزوجته وابنتاه سنة و6 سنوات، يعشن على اجر يكتسبه كعامل في الحقول.

وقال «لا يوجد عمل، ولذا لا يوجد مال. أشعر بالقلق بخصوص طعام الاطفال. حتى الآن نأكل خبزا جافا مع الملح. أمر سيئ حياة الاطفال بمثل هذه الطريقة». وعلى المستوى القومي، فإن مأساة ضحايا الفيضانات لا تثير تعاطفا. ففي اوائل شهر اغسطس عندما اعلنت الامم المتحدة ان الفيضانات هي الاسوأ حتى الان، والظروف السيئة التي يتعرض لها 31 مليون شخص تأثروا بالفيضانات تغطيها الامم المتحدة، ولكنها ليست موضوعا ينشر في الصفحات الاولى بالصحف الهندية ولا قنوات الاخبار التلفزيونية، التي تركز على الحكم بالسجن على نجم من نجوم بوليوود.

ومثل هذا الامر ليس بغير العادي. فالإعلام الهندي يهمل عادة معاناة الفقراء ولاسيما في الريف، وينشغل بانتصارات الهند اكثر من القصص العادية للمعاناة التي يتعرض لها ملايين من الهنود الذين يعيشون في الريف. وحتى في الحكومة، فإن محاولات تطبيق نظام وطني لمكافحة الفيضانات لا تجري بحماس. وذكر صفي الدين سوز، وزير موارد المياه انه يأمل في تخصيص مزيد من الموارد نتيجة للفيضانات الحادة هذا العام. ولا يوجد امل بين المشردين الذين ينتظرون جفاف المياه. فقد كان مانوهار باسوان ينظر عبر المياه الى بقايا بيته، وقد حلق رأسه احتراما لأصغر اولاده السبعة الذي فقد حياته في الاسبوع الثاني من اغسطس، بعد تعرضه لعضة ثعبان. ولا توجد وسيلة لحصوله على مساعدة، وهو ينشغل الآن بكيفية الحصول على طعام لأسرته، إذ «لا توجد مساعدات حكومية».

* خدمة «نيويورك تايمز»