كوسران يبدأ جولة «تقريب» فرنسية جديدة بين اللبنانيين تخترق سجال الموالاة والمعارضة حول الرئاسة والحكومة

بري يطرح التوازي بين انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة ويتمسك بنصاب الثلثين

الموفد الفرنسي الى لبنان، جان كلود كوسران، خلال لقائه امس برئيس الحكومة اللبنانية، فؤاد السنيورة، في بيروت (أ.ف.ب)
TT

على وقع الجولة الجديدة لمحاولات الدبلوماسية الفرنسية «التقريب» بين فرقاء الازمة اللبنانية، التي استؤنفت بوصول السفير الفرنسي جان كلود كوسران الى بيروت بعد ظهر امس، تواصلت «المناوشات» الاعلامية والسياسية بين فريقي الموالاة والمعارضة، بين متمسك باجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري اولاً، وداع الى تشكيل حكومة وحدة وطنية او قيام حكومة انقاذ تتولى الاشراف على الانتخابات الرئاسية.

وقد التقى كوسران، حسب البرنامج، الذي اعده له القائم بالاعمال الفرنسي الجديد في بيروت اندريه باران، رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الاشغال العامة والنقل محمد الصفدي ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط. وذكرت مصادر قريبة من الرئيس بري انه ابلغ كوسران موقفه الذي لا يزال يتمسك به وهو «التوازي بين موضوعي حكومة الوحدة الوطنية ورئاسة الجمهورية، بحيث يتم التوافق على شخص الرئيس المقبل، مقابل التوافق على حكومة الوحدة الوطنية»، وكذلك تمسكه بنصاب الثلثين في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. وكرر بري تفاؤله الحذر بالنسبة الى مستقبل الوضع واعادة الحياة السياسية الى طبيعتها.

وقال وزير الاتصالات مروان حمادة ان كوسران «يحمل الى بيروت جملة اسئلة لتساعده على تقويم الوضع... وان الاسئلة تدور حول إمكان ان يدفع احتدام السجال السياسي الامور نحو اعادة الفرقاء الى طاولة الحوار، وهل نستطيع الآن، وقد اقتربنا من الاستحقاق الرئاسي، ان يجتمع فرقاء الصف الاول حول طاولة حوار».

من جهته، قال وزير الدولة للشؤون الادارية جان اوغاسبيان، ان زيارة الموفد الفرنسي «تشكل أملاً جديداً للبنانيين بايجاد مناخات تسمح بالعودة الى التوافق»، محذراً من «ان عدم اجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده سيودي بالبلد الى الفوضى السياسية والامنية». وافاد بان زيارة كوسران مرتبطة باللقاء الذي حصل في الولايات المتحدة بين الرئيس نيكولا ساركوزي والرئيس (جورج) بوش. وينتظر ان تشهد باريس نهاية هذا الاسبوع ايضاً لقاءات اميركية – فرنسية... والمحادثات ستكون طبعاً حول الوضع اللبناني وترجمة للتفاهم بين الرئيسين ساركوزي وبوش في اميركا. ولا شك في اننا شهدنا اصراراً لدى الفرنسيين في اتجاه حل سياسي في لبنان يؤمن اجراء انتخابات رئاسية في موعدها ويمنع انفجار الوضع.

وفي اطار تحركه لاعلان ترشحه لرئاسة الجمهورية، زار امس النائب السابق نسيب لحود البطريرك الماروني نصر الله صفير. وقال عقب اللقاء: «تشرفت بزيارة غبطة البطريرك ووضعته في اجواء ترشيحي لرئاسة الجمهورية. ولي الشرف بان اترشح لهذا المنصب في اجواء تمكن اللبنانيين وللمرة الاولى بواسطة ممثليهم النواب، من ان يمارسوا حقهم وواجبهم في انتخاب رئيس بإرادتهم وضميرهم الحي من دون تدخلات اجنبية». وأضاف: «همنا الكبير اليوم ان نلبنن هذا الاستحقاق بعيداً عن التدخلات الخارجية. وهذا شأن يعني النواب اللبنانيين. فاذا ارادوا، فهم قادرون على انتخاب رئيس متلائم مع هذه المرحلة، رئيس يمكن ان يأخذ البلد الى تغليب السيادة والاستقلال واستعادة الثقة بلبنان، وثقة اللبنانيين والعالم بلبنان».

وسئل لحود اذا كان هو مرشح «14 آذار» لرئاسة الجمهورية، فأجاب: «اتمنى ذلك. وآمل خلال الاسابيع المقبلة ان تعرض قوى 14 آذار الترشيحات الموجودة من قبل المرشحين فيها. وكل المرشحين لديهم الكفاءة وقادرون على تحمل المسؤولية. لكن سيتم اختيار مرشح واحد. وايا يكن هذا المرشح سنقف الى جانبه وندعمه ونعرضه للوفاق على الفرقاء السياسيين الآخرين. ويدنا ممدودة الى الجميع لنتفق واياهم ونعمل على اقناعهم ونتفاهم واياهم على برنامج مشترك لهذا الرئيس وعلى حكومة اتحاد وطني يكون للمعارضة فيها التمثيل الفعال ويكون هناك برنامج يساعد على حل المشاكل الكبرى التي يتعرض لها لبنان».

وعما ذكر من ان الموالاة ذاهبة الى انتخاب رئيس للجمهورية من دون نصاب الثلثين، قال: «هدفنا اليوم هو تحقيق المطلب الاكبر للبطريرك الماروني وهو وجود 128 نائباً في هذه القاعة لانتخاب رئيس. ونحن سنسعى بكل قوانا الى وجود جميع النواب ونركز على هذا الامر». وتعليقاً على كلام النائب وليد جنبلاط حول انتخاب رئيس للجمهورية بنصاب النصف زائد واحداً وخارج قاعة مجلس النواب، قال لحود: «هدفنا ان تعقد الجلسة في مجلس النواب برئاسة الرئيس بري وحضور جميع النواب في هذه الجلسة. فإما ان يتوافق النواب على رئيس، وإما يحصل الاستحقاق بالتنافس الديمقراطي، اي بالانتخاب».

وقال النائب محمد قباني (تيار المستقبل): «ان المشترع عندما وضع نصاً دستورياً حول خلو سدة الرئاسة من أي علة كانت كان يفكر بالاسباب الاضطرارية، مثل استقالة الرئيس او وفاته او تعذر انتخاب رئيس جديد لاسباب امنية قاهرة. ولم يتصور ان العلة يمكن ان تكون قراراً ارادياً بتفريغ سدة الرئاسة، فالمادة 62 من الدستور وضعت لمنع الفراغ وليس لاحداث الفراغ. وان مبدأ رفض الفراغ قائم في جميع المواقع السياسية والادارية، وهو بالنسبة الى المؤسسات الدستورية وبالتحديد رئاسة الجمهورية خطير جداً على مصير لبنان وان هذا الفراغ لو حدث لن يكون بالحقيقة خياراً، بل سيكون قراراً بالانتحار».

في المقابل، تمنى النائب حسين الحاج حسن (حزب الله) «التفاهم على رئيس بنصاب الثلثين»، مشيراً الى «ان المعارضة ما زالت تدعو الى الشراكة عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية وتهدئة الوضع الاعلامي والسياسي للتفاهم على رئيس». وقال: «اذا انتخب فريق 14 آذار رئيساً بالنصف زائد واحدا فهذا يعني انه يتخذ خطوات متهورة وخطيرة على البلد. واذا ذهبوا في اتجاه اكساب الرئيس شرعية من الخارج عن طريق استيراد الشرعية فهذا الرئيس سوف يكون ممثلاً لسلطة انتداب اميركية وليس رئيساً لجمهورية لبنان».