أحزاب الكتلة الديمقراطية المغربية تلتزم موقفا موحدا إزاء حكومة ما بعد الانتخابات

تعهدوا بالشفافية والتنسيق في ما بينهم

TT

لم يطفئ قادة الكتلة الديمقراطية المكونة من احزاب: الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الاستقلال والتقدم والاشتراكية (مشاركون في الحكومة)، ظمأ الصحافيين والاعلاميين، الذين ذهبوا مساء اول من امس الى المقر المركزي لحزب الاتحاد الاشتراكي، لمعاينة وتغطية حدث توقيع الامناء العامين لاحزاب الكتلة على تصريح من اجل «مواصلة نهج الاصلاح والتحديث وترسيخ علاقات التضامن»، الذي فتح شهية السؤال عندهم، من دون ان يلقوا من يقدم توضيحات بخصوص ما تضمنه التصريح من اشارات ورسائل سياسية قوية، قبيل الشروع في الحملة الانتخابية، خاصة ان التصريح يشير بوضوح في الفقرة الاولى، الى ان الاحزاب الموقعة وفي اطار العمل المشترك بينها تهدف الى تأكيد الوصول الى تحالف متين قائم على التضامن الكامل بين اطرافها، مستحضرة ما حققته البلاد من مكاسب وصفها التصريح بانها ثمينة في مجال البناء الديمقراطي وإرساء اسس ومقومات دولة القانون والمؤسسات، مع تأكيد احزاب الكتلة ان انخراطها من اجل انجاح المشروع المجتمعي الديمقراطي، يتم بتلاحم مستمر بين الملك محمد السادس والشعب المغربي. وتعهد قادة الكتلة في ذات التصريح ان يكون التعامل بينهم قائما على الشفافية الكاملة، سواء في اطار العلاقات الثنائية او الجماعية، باعتماد التنسيق على مستويات القيادة والتنظيمات الجهوية، وكذلك على صعيد هيئات الاحزاب الثلاثة الموقعة ومنظماتها الموازية، وخصوصا الشباب والنساء.

والتزم التصريح باعتماد معالجة صحافية واعلامية بناءة للمواضيع التي يكون لها ارتباط بعلاقاتها الثنائية والجماعية، مع الحرص على التحلي بروح التضامن والتآزر، في احترام كامل لبعضها بعضا. وفي حالة حدوث مشاكل او خلافات بين مكونات الكتلة وعلى أي مستوى، فان الأحزاب اقرت بآلية للتصالح والتحكيم لفض كل الخلافات الطارئة بمجرد بروزها واللجوء الى اسلوب البحث والمذاكرة لايجاد حل ومواجهة المشكلة.

وفي سياق التحضير للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، أعلن قادة الكتلة تمسكهم بثلاثة مبادئ اساسية: اولها التحلي المطلق باخلاقيات التنافس الشريف خلال الحملات الانتخابية، والعمل صفا واحدا للتصدي لمن اسموهم «خصوم الديمقراطية»، وثانيها الالتزام بموقف موحد لاحزاب الكتلة بشأن الحكومة التي ستشكل بعد الانتخابات، وثالثا الاتفاق المسبق على الاطراف الاخرى التي قد يتم التحالف معها. وقرأ الملاحظون في التصريح استباقا واجراء وقائيا مما يمكن ان يحدث بين مكونات الكتلة بعد ظهور نتائج الانتخابات التشريعية، من خلافات محتملة على منصب رئيس الوزراء اذ اتفق ان يكون ذا لون حزبي، كما يمكن ان يطرأ تباين في وجهات النظر بخصوص نصيب كل حزب من المقاعد الحكومية.

وفي هذا الاطار تستوقف في التصريح عبارات ذات حمولة سياسية لافتة من قبيل «التضامن الكامل» والتزام التعامل بكل شفافية، والثقة والتضامن والوفاء، اضافة الى التطرق صراحة الى مسألة تعيين الحكومة المقبلة. ولوحظ في التصريح اقتصاره على الاشارة الى الحلفاء المحتملين من الغالبية الحالية في آخر فقرة، ما يحمل على الاعتقاد ان باب التحالف سيظل مفتوحا على احزاب اخرى من خارج الغالبية الحالية، وفقا لتمثيلية الاحزاب في مجلس النواب المقبل. وبعبارة اخرى، فان احزاب الكتلة تعتقد وتأمل في ان تشكل النواة الصلبة في المشاورات بخصوص تشكيل الحكومة المقبلة، وكأنها تريد ان تلمح الى ان أي سيناريو سياسي محتمل، لا يملك امكانية التحول الى منجز قابل للحياة الا بموافقتها والتنسيق والتشاور معها، معتبرة ضمنيا ما حدث عقب انتخابات 2002، درسا وعبرة استفاد منها الجميع.

وبرأي المراقبين فان جوهر تصريح احزاب الكتلة ينسجم في توجهاته العامة مع ما يهدف اليه الملك محمد السادس من الاستحقاقات التشريعية التي يريدها شفافة ونزيهة وذات مصداقية، تفرز غالبية قوية ومنسجمة ذات برامج ناجعة، وهو ما لا يمكن تحقيقه الا بواسطة مشاركة كثيفة للناخبين حتى تتضح امام الملك صورة لوحة القيادة.

من ناحية ثانية، قدمت الهيئة العليا لاحزاب الكتلة، ارضية العمل التي اعدتها والكفيلة من وجهة نظرها بتحقيق الاصلاحات الكبرى لتأهيل المغرب، مشيرة الى ان الارضية هي خلاصة توافقات بناءة وتراكمات النضال المشترك والتجربة التي راكمتها الاحزاب الثلاثة من خلال المشاركة في العمل الحكومي، كما انها ثمرة تشخيص سليم لوضع المغرب الحالي.

ولفتت الهيئة العليا الانتباه إلى أن الأرضية سلا تتموقع في مستوى البرامج الخاصة لكل حزب، التي من المفترض أن تكون أكثر تفصيلا وأكثر خصوصية»، مشيرة الى أنها تأمل في فتح نقاش واسع بين سائر فئات المجتمع المغربي حول السبل الكفيلة بتمكين المغرب من تجاوز صعوبات المرحلة الحالية.

كما أكدت ضرورة العمل من أجل تدعيم المكتسبات وفتح مجالات أوسع لتطور المغرب وتمكينه من الشروط الضرورية لمواجهة تحديات المرحلة القادمة، التي تتمثل بالخصوص على المستوى السياسي في تدعيم الوحدة الترابية والتوصل إلى حل نهائي لقضية الأقاليم الجنوبية للمملكة، وإرساء حوار صريح مع إسبانيا لاسترجاع سبتة ومليلة والجزر الملحقة بها إلى الوطن، والإرساء النهائي لدولة المؤسسات وسيادة القانون والقضاء المستقل.

وعلى المستوى الاقتصادي، أكدت الارضية على توسيع قاعدة التشغيل وتسريع وتيرة النمو وتأهيل البنيات الانتاجية وضرورة احتواء الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية لتطبيق اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة، خاصة في القطاع الفلاحي، فيما تؤكد على المستوى الاجتماعي على رفع نسق التقدم الاجتماعي، مع تقليص الفوارق، سواء على مستوى الفئات الاجتماعية أو على المستوى المجالي.

وفي الشق التكنولوجي، سجلت الأرضية أهمية مواكبة التسارع الحاصل على النطاق الدولي في مجال المعرفة والإعلام، مبرزة أن اتساع الهوة الرقمية بين المغرب والدول المتقدمة من شأنه أن يرهن طموحات الشعب المغربي في تدارك التأخر الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يعاني منه.

وبخصوص محاور العمل التي تقوم عليها الأرضية، فإنها تهم بالأساس إرساء الحاكمية الجيدة وتوسيع فضاءات الحريات، وبصفة خاصة استقلال القضاء ورفع مستوى أداء الإدارة وتطهيرها من اللامسؤولية والرشوة والمحسوبية، وتحقيق التنمية المستدامة والنهوض بالعالم القروي، وإعداد التراب الوطني في إطار رؤية شمولية ومتناسقة للتطور على المستوى المجالي.