باريس تربط رفع مستوى اتصالاتها بدمشق بـ«إشارات» مقنعة عن تسهيلها الحل في لبنان

مع بدء السفير كوسران اتصالاته بالمسؤولين في بيروت

TT

نفت باريس أن تكون ثمة زيارة مقررة لوزير الخارجية برنار كوشنير الى سورية، لكنها أوحت بأن هذا الاحتمال قائم من حيث المبدأ.

وفيما بدأ أمس السفير جان كلود كوسران، المكلف متابعة الملف اللبناني، مشاوراته في بيروت مع الأطراف المعنية مع وجود احتمال قوي بالقيام بجولة على عدد من العواصم الإقليمية بما فيها دمشق، ربطت فرنسا رفع مستوى اتصالاتها بالمسؤولين السوريين بصدور «إشارات» مقنعة من سورية حول استعدادها لتسهيل خروج لبنان من أزمته.

وقال الناطق باسم الرئاسة الفرنسية، دافيد مارتينون أمس، إن «مفاتيح الحوار مع سورية موجودة في دمشق»، في إشارة الى أن الكرة موجودة الآن في الملعب السوري. وإذ رفض مارتينون تأكيد الأخبار التي تناقلتها صحف لبنانية حول زيارة كوشنير الى دمشق، اعتبر أنه «من المبكر لأوانه الحديث عن هذا الموضوع».

وقال مصدر فرنسي رسمي لـ «لشرق الأوسط» إن أجندة الوزير كوشنير «لا تتضمن زيارة لدمشق».

وتميز باريس بين الاتصالات الدبلوماسية والاتصالات السياسية مع سورية إذ أن الأولى تتم على مستوى السفراء أو القنوات الدبلوماسية العادية وهي قائمة، بينما الاتصالات السياسية تتم على مستوى وزير الخارجية وهذا ما لم يحصل حتى الآن.

وعزا الناطق باسم الإليزيه عودة كوسران الى بيروت الى كونه «أفضل الخبراء في فرنسا وربما في أوروبا في شؤون العالم العربي وبالتالي لماذا نحرم أنفسنا من هذه المؤهلات؟». وأدرج مارتينون زيارة كوسران في سياق ما سعت اليه فرنسا في الشهرين الماضيين بحثا عن «مساعدة اللبنانيين على الوصول الى تفاهم من أجل إخراج بلدهم من الآزمة التي يعاني منها». وردا على سؤال حول مدى التوافق بين المقاربتين الفرنسية والأميركية للملف اللبناني، قال مارتينون إن «المجموعة الدولية بأسرها تريد أن يستعيد لبنان استقلاليته ويتخلص من التأثيرات الخارجية»، في إشارة الى وحدة الهدف القائمة بين باريس وواشنطن.

إلا أن مصدرا سياسيا في باريس أشار الى استمرار وجود «تمايزات» بين العاصمتين والى «عدم اقتناع» واشنطن بالمقاربة الفرنسية وتحديدا حيال نقطتين، هما الانفتاح على سورية والحوار مع حزب الله . وبحسب المصدر المذكور فإن زيارة كوسران الراهنة سببها أن باريس «تريد أن تعرف عن قرب ما تراه كل الأطراف والمحافظة على ما تحقق في يوليو (تموز) من معاودة الحوار بين اللبنانيين». غير أن السبب الأهم هو أن باريس لاحظت أن المبادرة التي أعلن الرئيس نبيه بري عن استعداده لإطلاقها «لم تأت»، وبالتالي فإن فرنسا تريد استكشاف الأسباب والنظر في ما إذا كانت الموانع محلية أم خارجية. وترفض المصادر الفرنسية الخوض في بورصة المرشحين لرئاسة الجمهورية «إذ يتعين أن يكون الاستحقاق لبنانيا». أما بخصوص موضوع تعديل الدستور للسماح لقائد الجيش العماد ميشال سليمان أو لحاكم مصرف لبنان رياض سلامه بالترشح للانتخابات، فإن باريس تلتزم موقفا شبيها بموقف البطريرك، احدهما مبدئي يعارض التعديل خدمة لمآرب خاصة إضافة الى التذكير بالقرار 1559 الذي يطالب باحترام نصوص الدستور في الانتخابات الرئاسية. والثاني «عملي» ومفاده أنه إذا «أجمع» اللبنانبون على التعديل، فإن باريس «لا تجد مانعا» في ذلك «لأن المسألة أولا تهم اللبنانيين».

وأبدت المصادر الفرنسية تخوفها من «التعقيدات» الإقليمية على الوضع اللبناني. غير أن ذلك لا يمنعها من رفض دفن فكرة المؤتمر الإقليمي ـ الدولي حول لبنان «إذا كان نقل هذه المبادرة مفيدا». لكنها في الوقت عينه، تحرص على التأكيد بأن الوزير كوشنير «ليس صاحب الفكرة»، بل تعود للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى.