الأمم المتحدة: 200 ألف يموتون سنويا بسبب الضجيج

علماء ألمان يتوصلون إلى إنتاج نوافذ منيعة

TT

توصل العلماء الألمان إلى انتاج نوافذ منيعة على الضجيج يمكن أن تساعد في تقليل ضحايا أمراض الضجيج الذين قدرت الأمم المتحدة عددهم بنحو 200 ألف في السنة على المستوى العالمي. وكانت دائرة البيئة الألمانية قد قدرت ضحايا الألمان من الضجيج بنحو 2000 سنويا.

فما عادت النوافذ، وحتى أحدثها، قادرة على وقف تسلل ضجيج الطائرات والطرق السريعة وأعمال الحفر والبناء إلى أذني الإنسان النائم. ويمكن للزجاج المزدوج أو المثلث أن يمنع الأصوات العالية، كما يمكن لطبقة زجاج سميكة أن تقلل تأثير ضجيج الطائرات، لكن ذلك يتعارض مع توجهات البناء الخفيف وغير المكلف.

ويقول علماء معهد فراونهوفر الألماني لابحاث المواد في دارمشتادت(جنوب) انهم نجحوا في انتاج نوافذ تقلل الضجيج، القادم إليها بتردد 50ـ100 هيرتز، بمقدار 6 ديسبل كل مرة. علما أن الديسبل هي وحدة قياس الضجيج ويحدد الاتحاد الأوروبي قوة الضجيج غير الضارة بالإنسان بـ 85 ديسبل. وأشار ثيلو باين، رئيس قسم الطاقة والصحة، ان النافذة استطاعت خفض بعض الأصوات العالية المنفردة بمقدار 15 ديسبل وجعلته ضمن الحدود المسموح بها. ويتوقع العلماء مستقبلا أن ينجحوا بجعل النافذة قادرة على خفض الضجيج من تردد 1000 هيتز بمقدار 10 ديسبل كمعدل. واستخدم باين وزملاؤه رقاقة شفافة تلصق على زجاج النافذة بهدف قياس تردد الزجاج تأثرا بتردد الضجيج. كما استخدموا محولات منمنمة رقيقة مصغرة، تعمل على قاعدة تحويل الصوت إلى كهربائية وبالعكس( تقنية بيزو)، كي ترسل ترددات صوتية خافتة تعادل(تلتهم) ترددات الضجيج. ولأن الصوت(الضجيج) يتسلل إلى البيت من خلال تردده على الزجاج وعلى إطار النافذة وعلى مناطق ارتكازها على الجدار، فقد وضع العلماء عدة محولات(بيزو) عند نقاط ارتكاز النافذة بهدف معادلة الضجيج المتسرب من هناك. واستخدم العلماء بيتا قريبا من أحد المطارات، وبالتالي أكثر عرضة للضجيج من غيره، بهدف التأكد من النتائج.

وقال باين إن النماذج الأولى من النافذة المضادة للضجيج قد انتجت، وإن العلماء يعكفون حاليا على تصغير المحولات وزيادة كفاءتها كي لا تكون ظاهرة للعين. ويأمل معهد فراونهوفر بتسويق النافذة على نطاق تجاري خلال 4 سنوات.

وعلى نفس «الضجيج» يعمل علماء معهد ماكس بلانك الألماني من مدينة لايبزج (شرق) منذ عدة سنوات. ويتفق المشروعان من ناحية الهدف، اي خفض الضجيج، إلا أن علماء معهد فراونهوفر يركزون على طريقة معادلة الضجيج في حين يركز علماء ماكس ـ بلانك على تطوير كريستال ملتهم للضجيج. ويطلق العلماء على الكريستال الخاص اسم الفونوكريستال بالعلاقة مع الفوتونات التي تعتبر أصغر وحدات الصوت المتنقل بالترددات. وذكر علماء ماكس ـ بلانك أن الكريستال الجديد يمنع دخول ضجيج الآلات والمكائن لكنه يسمح بدخول الأصوات اللطيفة مثل تغريد الطيور.

ويتمتع الكريستال الفونوي بخاصة أخرى هامة للإنسان وهي قدرته العالية على امتصاص الحرارة. وربما يفكر العلماء في هذا الاتجاه أيضا لولا ان سعر هذا النوع من المادة ما يزال عاليا جدا. ويعتقد العلماء في البداية بإمكانية انتشاط شرائح لاصقة، أو زجاج خفيف، من الكريستال الفونوي بغية حماية المنازل من الضجيج العالي.

ويعتبر الصداع الدائم، فقدان التوازن، ثقل السمع والصمم واضطراب النوم، الطنين وجلطات القلب من أشهر مضاعفات التعرض الدائم للضجيج. وقدرت مجلة «نيوساينتست» العلمية، وفي ضوء معطيات الأمم المتحدة، موت عشرات الآلاف سنويا على المستوى العالمي بسبب الضجيج. وبالنظر للعلاقة المثبتة بين الضجيج وأمراض القلب ( الجلطات والذبحات) التي تفتك سنويا بـ 7 ملايين انسان فإن حصة الضجيج من الضحايا قد ترتفع إلى 200 ألف شخص سنويا. ويعتبر الضجيج الدائم سبب الموت في 3% من حالات أمراض القلب القاتلة في أوروبا.

وكتبت «نيوساينست» أيضا أن الضجيج، وإن بترددات ضئيلة، يؤثر سلبا في قابليات الأطفال على التعلم. واستشهدت المجلة بدراسة ألمانية (ميونيخ) تثبت أن ذاكرة الأطفال البعيدة المدى، الذين يسكنون البيوت القريبة من مطار ريم (ميونيخ) تحسنت بنسبة 25%، بعد أن تم غلق المطار. وبالعكس، فقد ثبت أن ذاكرة الأطفال، الذين يسكنون في البيوت القريبة من موقع المطار الجديد، قد تراجعت بنسبة مماثلة.

ويتسلل الضجيج إلى بيوت المدن بقوة 40 ـ 50 ديسبل، وفي المكاتب بقوة 65 ديسبل كمعدل. لكن السكن أو العمل قرب من الشوارع الرئيسية يرفع هذا الضجيج إلى 86 ديسبل، إلى الحد المسموح به.