ناج من الخطف: جماعات القتل على الهوية تخضع الضحايا لامتحان عسير

روى لـ«الشرق الأوسط» معاناته التي استمرت 3 أيام وكيف «مزق كفنه بيديه»

TT

شاءت الأقدار أن يفلت احد العراقيين من شباك إحدى الجماعات المسلحة التابعة لتنظيمات القاعدة في العراق، بعد أن قامت قوات مشتركة بمداهمة إحدى المناطق المحيطة بالعاصمة بغداد، وقد تمكنت «الشرق الأوسط» من ترتيب لقاء مع هذا الشخص الذي يستحق أن يطلق عليه تسمية «محظوظ»، لأنه وحسب كلامه (مزق كفنه بيديه) وعاد للحياة بعد أن عد من بين الأموات.

وأضاف المواطن، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، انه خطف من إحدى المناطق الساخنة في بغداد واقتيد إلى جهة مجهولة، لتبدأ عمليات تعذيب وتحقيق استمرت لثلاثة أيام متواصلة، اشترك فيها حتى أفراد عائلته عبر الهاتف، فكل كلمة يقولها تنتهي باتصال الأشخاص المشرفين على التحقيق مع أهله للتأكد، وأي خطأ ستكون نهايته الموت.

وعن طبيعة هذا التحقيق أوضح أن السبب الذي يدعوهم إلى التحقق من هوية المخطوف، هو ترابط العشائر العراقية التي أصلها واحد لكنها انقسمت فيما بعد إلى عشائر سنية وشيعية، فهناك مثلا عشيرة زبيد، فمنهم الشيعي ويقطن وسط وجنوب العراق، ومنهم السني ويقطن في مناطق الغربية والموصل، وأيضا عشائر جبور والدليم والعبيدي وبني أسد والجنابي والعزة وبني عجيل، وغيرها الكثير. واضاف ان نسبة كبيرة من العراقيين يحملون في جيوبهم هويات كتب فيها لقب عشيرته التي ستكون إحدى هذه العشائر، لأنها الأكثر انتشارا في العراق ولأجل معرفة مذهب الشخص يجب التحقيق معه، انه امتحان عسير ليس كباقي الامتحانات فهو يتعلق بالحياة والموت. وأكد أن التحقيق «بدأ بذكر منطقة سكني ومسقط الرأس فمعرفتها يقرب ما يريدون معرفته، فهم على اطلاع واسع بتفاصيل كل مدينة، وهل هي ذات أغلبية سنية أو شيعية ويعرفون أيضا أن فرع هذه العشيرة في المنطقة الفلانية ينتمون لمذهب معين، ومن الأسئلة الأخرى التي رافقها طبعا الضرب المبرح، قيام الشخص المحقق بالكلام مع المخطوف بلهجة معينة تتخللها عبارات متداولة في منطقة دون أخرى مثل (أكلك) بالكاف العجمية، فيما تقال في بعض المناطق بالضمة (أكولك) وأيضا يؤمر بنطق كلمات أخرى تختلف تهجئتها عند أهل العراق أو أن يؤذن أو يصلي وذكر أسماء إخوته والتأكد منها من قبلهم، لاتهامه بأنهم من جهة معينة تتعارض معهم وقد يتورط المخطوف عند سماعه هذه اللكنة، بالقول إنا منكم». واختتم «المحظوظ» كلامه بأنه تأكد، خلال الأيام الثلاثة التي قضاها مع الخاطفين، «أن ما يهمهم هو ليس البحث عن سني وشيعي، بل القتل، فهم يعلمون أن من يقع بين أيديهم هم فقط الأبرياء». مصدر أمني أوضح من جانبه لـ«الشرق الاوسط»، أن معدلات الجريمة وأعمال العنف والعمليات الإرهابية انخفضت في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، خاصة أعمال الخطف والقتل على الهوية. واضاف «ترجع الأسباب إلى توحد الأهداف، فمصدر الخطر واحد وهو نفسه الذي نكل بجميع الجهات، كما أن خطة فرض القانون والعمليات العسكرية المستمرة في المناطق الساخنة اضعفت تنظيمات القاعدة بشكل كبير، وهم الآن يتنقلون من منطقة لأخرى بعد أن تم القضاء على تنظيمهم الشبكي وأصبحت كل جماعة تعمل بمفردها وهذا ما سيسهل على الجهات الضاربة القضاء عليها».