مترجمون عراقيون يخاطرون بأرواحهم مقابل حفنة دولارات

يستهدفهم متطرفون شيعة وسنة.. وكثيرون لاذوا بدول الجوار أملا في اللجوء

TT

بغداد ـ رويترز: اتهم أبو أسامة بأنه جاسوس بسبب عمله مترجما لدى الجيش الاميركي، واعتقد انه سيحمي أسرته من اي أعمال انتقامية إذا ما غادر العراق. وفي يناير (كانون الثاني) بعد اربعة أشهر من سفره الى الاردن وحيدا اختطف مسلحون يشتبه انهم ينتمون لتنظيم القاعدة والده وشقيقه وشقيق زوجته قرب منزلهم في غرب بغداد، ولم يشاهد اي منهم منذ ذلك الحين ويفترض انهم قتلوا.

وقصة ابو أسامة مماثلة لما كابده آلاف من العراقيين يخاطرون بحياتهم بالعمل كمترجمين لقوات اميركية وبريطانية وغيرها تخوض حربا ضد المسلحين في العراق. ومن أجل بضع مئات من الدولارات في الشهر وأمل بناء العراق الجديد او تأشيرة تتيح لهم مغادرة البلاد، يعرضون أنفسهم وأسرهم لخطر انتقام مسلحين سنة وميليشيات شيعية. وطوى النسيان الكثير منهم في دولة ثالثة مثل الاردن وسورية الى حيث فر حوالي مليوني عراقي. وأحجم مترجمون التقت بهم رويترز عن ذكر أسمائهم خشية الأعمال الانتقامية.

وكان ابو اسامة وهو اسم مستعار يكسب حوالي 350 دولارا شهريا مقابل عمله في وحدة شرطة عسكرية اميركية في ابوغريب، وهو حي سني عنيف بغرب بغداد، ويقول «كان مكانا رهيبا». وتلقى تهديدا بالقتل مرتين جاء احدهما في رسالة وضعت على باب منزله. حينئذ قرر مغادرة البلاد تاركا زوجته وطفلا في السادسة من عمره وطفلة في الرابعة. وولد طفله الثالث بعد شهرين من مغادرته البلاد. وصرح عن طريق الهاتف من عمان «لا أعمل، من الصعب جدا ان آتي بهم الى هنا. جئت الى الاردن لأهاجر لأميركا. الأمر بالغ الصعوبة أمضيت عاما هنا في المحاولة».

ومن الصعب تحديد عدد العراقيين الذين عملوا مترجمين للجيش الاميركي او لفرق البناء. ويعمل معظمهم لدى متعاقدين يدفعون لحوالي ثمانية آلاف مترجم أجرا موحدا هو 750 دولارا. ويمكن للمترجم ان يحصل على علاوة إضافية 150 دولارا في الشهر إذا أقام مع وحدته ومثلهم عند الخروج مع الدوريات.

ويؤمن «تشاك» بالعمل الذي يزاوله، ويقول ان القوات الاميركية تحاول ان تساعد شعب العراق. ويقيم «تشاك» مع زوجته وأطفاله الخمسة في المنطقة الخضراء شديدة التحصين. وهو يدرك أيضا المخاطر بعدما عثر على جثة زميل له في السادسة والعشرين من عمره قرب مدينة الصدر في بغداد؛ وهو حي شيعي كبير ومعقل ميليشيا جيش المهدي الموالية لمقتدى الصدر رجل الدين الشيعي المعارض للولايات المتحدة. وقال «عثروا على بطاقة هويته في جيبه وقالوا انه يعمل مع القوات الاميركية.. لسوء الحظ قطعوا رأسه.. كان صديقي».

ويحاول كثيرون إخفاء طبيعة عملهم في محاولة لحماية أنفسهم وأسرهم. وقال «سال» الذي يقيم في شرق بغداد الذي تقطنه أغلبية شيعية «استوقفتني امرأة من الحي وسألتني اذا كنت أعمل مع الاميركيين. ضحكت وقلت: أتمنى ان اعمل مع الاميركيين. لا أتحدث الانجليزية.

أعمل في متجر. لا أعتقد انها صدقتني».

وذكرت وزارة الأمن الداخلي الاميركية في مايو (أيار) أنها قبلت ما يصل الى سبعة آلاف لاجئ في السنة المالية 2007. وجاء ذلك بعدما تعرضت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش لانتقادات من الكونغرس لقبولها فقط 466 لاجئا عراقيا منذ الغزو الاميركي للعراق في عام 2003. وذكرت السفارة الاميركية في بغداد ان ادارة بوش تسعى بشكل منفصل لاستصدار تشريع من الكونغرس يمنح تأشيرات هجرة خاصة لكل من يحق له ذلك من العاملين المحليين بعد تمضية ثلاث سنوات في العمل. وذكر بيان «الإدارة ملتزمة برعاية عدد كبير من العراقيين الشجعان الذين عملوا او يعملون مع الولايات المتحدة في العراق».

وسلطت الأضواء بشكل أكبر على معاملة المترجمين في العراق في يوليو (تموز) بعدما قالت الدنمارك انها نقلت جوا سرا مائتي مترجم وغيرهم من العاملين العراقيين وأسرهم الى خارج العراق. وعقب إقرار بريطانيا هذا الشهر بأن ما يزيد على 90 مترجما يعملون مع القوات البريطانية وقوامها خمسة آلاف جندي لن يحصلوا على حق اللجوء بشكل آلي، سارعت الصحف بنشر عناوين على غرار «المتخلى عنهم.. 91 عراقيا خاطروا بكل شيء».

والجهود الاميركية المبذولة حتى الآن لم تهدئ روع آلاف من العراقيين مثل ابو اسامة الذين لم يحصلوا على تأشيرات حتى الآن والذين يطالبون واشنطن بأن تحذو حذو كوبنهاغن.

وقال ابو اسامة «ساعدناهم على أداء مهمتهم. لسنا محاربين. نحن مدنيون». وأضاف «ساعدنا في تحرير العراق. كان ذلك من سوء طالعنا».