وزير الداخلية المغربي: القانون لا يفرق بين وزير مرشح ومواطن عادي

إحالة 357 خرقاً انتخابياً إلى الادعاء العام قبل بدء الحملة الانتخابية

TT

أعلن شكيب بن موسى، وزير الداخلية المغربي، إحالة 357 خرقا انتخابيا على الادعاء العام، قبل بدء الحملة الانتخابية التي انطلقت صباح أمس، منها ما قرر تحريك المتابعة القضائية في حقه، ومنها ما تم حفظه، ومنها ماهو في طور البحث.

وأكد بن موسى الذي كان يتحدث مساء أول من أمس، في مؤتمر صحافي بمقر وزارة الداخلية، أن الخلايا التي أنشئت أخيرا على مستوى المناطق بمختلف أقاليم وعمالات وولايات (محافظات) البلاد، تلقت 504 ادعاءات بوجود خرق قانوني، تختلف بتنوع طبيعة المخالفات المرتكبة، والجهات التي سجلت فيها.

وأوضح بن موسى أن المعطيات الاولية المؤقتة، أظهرت أن الخروقات المتعلقة بالحملات السابقة لأوانها بلغت 59 في المائة من إجمالي الادعاءات، تليها خروقات استعمال المال ووسائل الدولة وتصرفات رجال وأعوان السلطة.

وسجل بن موسى أن المصالح المختصة بوزارة الداخلية اتخذت إجراءات احترازية لضمان سلامة ونزاهة الانتخابات، حيث تم إلحاق 12 من رجال السلطة و29 من أعوانها (مساعدين)، تربطهم علاقة مع أحد المرشحين، أو الذين ثبت في حقهم تقصير في أداء واجباتهم المهنية، إما بالمصالح المركزية لوزارة الداخلية أو بمصالح العمالات والاقاليم، وتمت مباشرة بعض التحويلات الداخلية بنفس مقار المحافظات، وتأجيل بعض المواسم الثقافية، والمهرجانات الفنية، التي يمكن استغلالها للدعاية الانتخابية السابقة لأوانها، والإشراف المباشر من قبل السلطات الادارية على العديد من الاشغال الخاصة بالبلديات حتى لا يتم استغلالها أيضا لذات الغرض.

وقال بن موسى، في معرض جوابه عن سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن القضاء هو المختص في تحديد موعد البت في المنازعات الانتخابية المحالة إليه، ولا يمكن لوزارة الداخلية كعضو في الحكومة التدخل في استقلال القضاء، مشيرا الى أن الاجتماع التمهيدي الذي عقدته وزارته مع وزارة العدل، خلص الى ضرورة أن تسرع المحاكم في البت في الشكاوى المحالة إليها من قبل الادعاء العام لمختلف محاكم المغرب.

ولم يؤكد بن موسى ما إذا كانت المحاكم ستنظر في هذه المنازعات الانتخابية أثناء الحملة الانتخابية، أو بعد الاعلان عن النتائج، مشيرا الى أن ملف عمر البحراوي، عمدة الرباط، لا يزال في المحكمة الابتدائية، مبرزا انه لا حق لوزارته التدخل في سير العدالة، وأن جميع المرشحين سواسية أمام القانون.

وبخصوص رفض الادعاء العام في بعض المناطق الاستماع الى بعض الوزراء الذين قيل إن منافسيهم احتجوا عليهم لقيامهم بحملة انتخابية سابقة لأوانها، وهم في حالة تلبس، قال بن موسى «إن وزارتي الداخلية والعدل لا تفرقان بين مرشح وزير أو مرشح ذي منصب عال، وبين ابسط المواطنين، فالقانون يساوي بين الجميع، وكل الشكاوى التي ترد على الادعاء العام أو السلطات المحلية، تؤخذ بالاعتبار، ويتم فتح تحقيق فيها، ولا يوجد أي تغاض في هذا الموضوع، فاستعمال وسائل الدولة أو البلديات، أو استعمال المال الحرام ممنوع بقوة القانون، حتى ولو كان الامر يتعلق بوزير».

وبشأن ضرورة تقديم الوزير لاستقالته حتى لا يتهم بكونه يستغل وسائل الدولة لفائدة حملته الانتخابية، أوضح بن موسى أن القانون المغربي لا يمنع وزيرا من الترشح، لكونه قبل كل شيء مواطنا له حق التنافس الانتخابي، للفوز بمقعد اسوة بباقي المرشحين.

وأبرز بن موسى التدابير التي تم تفعيلها للحيولة دون وقوع خروقات انتخابية، ضمنها دعوة جميع المرشحين للانتخابات الى اجتماع تحت إشراف الوكلاء العامين للملك (المدعي العام) والولاة والعمال (المحافظ)، لتذكير الجميع بضرورة احترام القانون والالتزام بالضوابط الأخلاقية، والعمل على إذكاء روح المواطنة لدى المشاركين، وتوعيتهم بضرورة التزامهم بما يضمن شفافية ونزاهة العملية الانتخابية، مع تضمين الخلاصات والمبادئ المتفق عليها، عند الاقتضاء، في ميثاق مكتوب تلتزم به جميع الاطراف.

وأشار إلى أن جميع الاطراف مدعوة الى ترسيخ ثقافة سياسية تشجب جميع مظاهر الفساد الانتخابي، مثمنا الدور الذي تقوم به وسائل الاعلام في تحصين المسلسل الديمقراطي، داعيا إياها الى التعاون في مجال محاربة المفسدين.

وأكد بن موسى أن وزارته قامت بتفعيل توصيات اللجنة المشتركة التي أحدثت بتنسيق مع وزارة العدل، حيث توصل محافظو المدن بدورية انصبت على تفعيل مجموعة من التدابير الوقائية والزجرية، وإعطاء التعليمات اللازمة للسلطات الادارية المحلية والأمنية، من أجل تعبئة كافة الوسائل والطاقات للقيام بما يقتضيه الواجب بكل حزم ومسؤولية، مع التحلي باليقظة اللازمة والتعبئة المستمرة للحيلولة دون توظيف الآلية الديمقراطية لأغراض غير شريفة، ولتكون هذه الاستحقاقات الانتخابية فرصة للتنافس السياسي السليم بين مختلف الاطياف السياسية المتبارية، مضيفا أن محافظي المدن بلوروا استراتيجية حكومية على الصعيد المحلي في مجال محاربة الفساد، وذلك من خلال حرصهم الشخصي على تتبع أنشطة الخلايا الجهوية (المناطق)، للتتبع والضبط والمراقبة، وتوفير الوسائل المادية والبشرية الضرورية لأداء عملها، وتحسيسها بضرورة التحلي باليقظة والالتزام بالحياد، وتنسيق جهودها مع الخلايا المحدثة على مستوى الدوائر القضائية.

وفي موضوع ذي صلة، قال مصدر مطلع بوزارة العدل المغربية لـ«الشرق الاوسط» إن اللجنة المشتركة المحدثة بين وزارة الداخلية والعدل، ليس هدفها ملاحقة المشتبه فيهم إفساد العملية الانتخابية، وإنما جمع المعطيات وتقديمها للرأي العام.

ونفى المصدر ذاته ان يكون محمد بوزوبع، وزير العدل المغربي وراء تحريك الشكاوى المرتبطة بخروقات انتخابية، مبرزا أن الادعاء العام يقوم بها بعد دراسته للشكاوى المحالة إليه، ويقرر المتابعة من عدمها، في حق المشتكى بهم.

وأكد المصدر أن وزارة العدل أصدرت دليلا للانتخابات، يوضح كل ما هو مباح للمرشح، القيام به وفق القانون، ويظهر أيضا، نوع السلوكات التي يجرِّمها القانون، والتي قد تدفع القضاء الى ملاحقة المشتبه في تورطه في إفساد العملية الانتخابية، مثلما وقع في انتخابات تجديد ثلث أعضاء مجلس المستشارين التي جرت في 8 سبتمبر (ايلول) 2006.