بغداد تطلب إلغاء مؤتمر صحافي للسفير الإيراني لمنع التصعيد مع واشنطن

بعد إطلاق سراح أعضاء وفد إيراني رسمي اعتقلته القوات الأميركية

TT

في الوقت الذي كان الرئيس العراقي جلال طالباني يستقبل السفير الإيراني لدى بغداد حسن كاظمي قمي مساء اول من أمس، للتأكيد على ضرورة تعزيز العلاقات بين البلدين الجارين، قامت القوات الأميركية باعتقال وفد إيراني رسمي في أحد فنادق العاصمة العراقية. وعلى الرغم من ان القوات الأميركية أطلقت المجموعة المكونة من 8 إيرانيين و7 عراقيين صباح أمس، الا انه من المتوقع ان تزيد الحادثة من التوتر بين طهران وواشنطن. ويبدو ان بغداد تخشى من هذا التوتر، إذ طلب عدد من المسؤولين العراقيين من السفير الايراني، الغاء مؤتمر صحافي امس، كان ينوي التحدث فيه عن استهداف القوات الأميركية للوفود الرسمية الإيرانية في العراق. واستدعت وزارة الخارجية الايرانية دبلوماسياً من السفارة السويسرية، التي تمثل المصالح الأميركية في طهران للإعراب عن استنكارها اعتقال أعضاء الوفد الإيراني الذي كان مكلفاً التعاقد مع وزارة الكهرباء العراقية على صفقات تتعلق بالمنشآت الكهربائية. وقالت وزارة الخارجية الايرانية في بيان ان «القوات الأميركية اعتقلت وفدا من خبراء وزارة الطاقة الايرانية في الفندق، الذي ينزلون فيه» في بغداد، واصفة هذا العمل بـ«التدخل السافر». واضاف البيان: «الوزارة استدعت القائم بالأعمال السويسري في غياب السفير، وقدمت احتجاجات شديدة على التصرف غير المبرر المنافي للمعاهدات والمعايير الدولية، وطالبت الجانب الأميركي بتقديم ايضاحات». واضاف البيان ان «وفد وزارة الطاقة سيواصل مهمته»، موضحاً ان الوفد توجه الى بغداد لدراسة بناء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية.

ونقلت وكالة «مهر» للانباء عن الناطق باسم الخارجية الايرانية سيد محمد علي حسيني قوله، ان اعتقال الوفد الإيراني «تصرف ينم عن التدخل والعرقلة». واعتبر حسيني «ان هذا الإجراء الأميركي يتعارض مع مسؤولية القوات الأجنبية في العراق»، واضاف انه تمت تسويته من خلال «المساعي التي بذلتها السفارة الايرانية، وكبار المسؤولين العراقيين، وتم اطلاق سراحهم».

وبحسب مصادر رسمية عراقية وايرانية في بغداد، فقد كان الوفد الذي جاء الى العراق تلبية لدعوة من وزارة الكهرباء العراقية، يضم سبعة اعضاء بينهم امرأة. لكن بيانا عسكريا أميركيا ذكر ان الوفد ضم ثمانية أعضاء بينهم دبلوماسيان.

وشرح الجيش الأميركي ملابسات الحادث في بيان أمس، جاء فيه: «ان قوات التحالف اعتقلت مجموعة مكونة من 15 شخصا، كانوا يسافرون معا في في اربع سيارات في يوم الثلاثاء، واشتملت المجموعة على سبعة عراقيين وثمانية ايرانيين». وأوضح البيان الأميركي أن القوة العسكرية التي اوقفت السيارات الاربع، قامت بتفتيشها في احدى نقاط التفتيش العسكرية التابعة للجيش الأميركي في شارع أبو نؤاس قرب فندق «عشتار شيراتون». وصادرت القوات الأميركية بندقية من نوع كلاشنيكوف، ومسدسين كانا بحوزة العراقيين الذين كانوا يوفرون الحماية للوفد الايراني، ولكن لم يكن بحوزة افراد الحماية العراقيين أي ترخيص لحمل السلاح، في حين كان لديهم بطاقات تعريفية ونقود ايرانية. وأضاف البيان الأميركي: «تم السماح لهم بالمضي والدخول الى فندق الشيراتون، لتقوم بعدها قوة عسكرية اميركية بناءً على تعليمات اضافية بتفتيش غرف الوفد الإيراني، وصادرت جهاز حاسوب وأجهزة اتصال خلوية وحقيبة مليئة بنقود ايرانية وأميركية». وأكد البيان أنه تم اعتقال اعضاء الوفد الايراني وحراسهم لاستجوابهم، ليتبين لاحقاً ان بعضهم يحمل اوراقا ثبوتية دبلوماسية.

من جهته، اكد دبلوماسي رفيع المستوى في السفارة الإيرانية في بغداد، أن مسؤولين في الحكومة العراقية، طلبوا من السفير الايراني حسن كاظمي قمي، الغاء أو تأجيل مؤتمر صحافي كان من المقرر ان يعقده في مقر السفارة، على خلفية حوادث الاعتقال المتكررة التي تنفذها القوات الأميركية بحق دبلوماسيين وشخصيات ايرانية رسمية توجد في العراق. وقال محبوبي نجاد مستشار السفير الايراني لـ«الشرق الأوسط»: «كان مقرراً عقد مؤتمر صحافي للسفير قمي، يتحدث فيه عن عمليات الاعتقال التي يقوم بها الجيش الاميركي في العراق، ضد الوفود الدبلوماسية الايرانية».

وكشف الدبلوماسي الايراني عن تدخل من قبل الحكومة العراقية، ادى الى الغاء المؤتمر الصحافي، حيث طلب عدد من المسؤولين العراقيين من السفير قمي ذلك. واضاف أن المسؤولين العراقيين الذي لم يكشف عن هويتهم ابلغوا الرئيس «ان الوقت الحالي غير مناسب، ويمكن ان يؤدي ذلك الى توتر العلاقة والاجواء بين طهران وواشنطن، وما قد يترتب عليه من أزمة يمكن ان تنشب بين الطرفين وتودي بثمار الاجتماعات، التي عقدها سفيرا البلدين في العراق». وكان مسؤولون كبار من سفارتي البلدين في بغداد عقدوا جولتين من المباحثات خلال الشهرين الماضيين، حضرهما مسؤولون عراقيون وتركزت حول الوضع الأمني في العراق.

وكانت القوات الأميركية في العراق، قد اعتقلت عددا من الإيرانيين في بغداد وأربيل بداية العام الحالي، وتتهم بعضهم بالارتباط بالحرس الثوري الإيراني. وتتهم الإدارة الأميركية إيران بالتدخل لإذكاء فتيل الأعمال المسلحة في العراق، وهي اتهامات ترفضها وتنفيها طهران باستمرار.