طوكيو: قفزة هائلة في خدمات الإنترنت

أسرع وصلة اتصالات وعلاج طبي وتشخيص للأمراض عن بعد

أسرع وصلة انترنت في العالم أتاحت بسهولة في اليابان مشاهدة البرامج التلفزيونية عبر الإنترنت «واشنطن بوست»
TT

اخترع الاميركيون الانترنت، ولكن اليابانيين طوروها، فخدمة النطاق العريض هي اسرع ما بين 8 الى 30 مرة منها في الولايات المتحدة، وارخص بكثير. ويوجد في اليابان اسرع وصلة انترنت في العالم، وتسلم المزيد من المعلومات بسعر ارخص من أي مكان آخر في العالم، طبقا للدراسات التي اجريت أخيرا.

ويدفع النطاق العريض المتسارع في هذا البلد ـ كما في كوريا الجنوبية ومعظم اوروبا ـ الى مزيد من الاختراعات في مجال الانترنت، التي من المرجح ان تبقى بعيدة عن الاستخدام في الولايات المتحدة لسنوات طويلة.

وتسمح السرعة لليابانيين بمشاهدة برامج تلفزيونية عبر الانترنت، وهي خبرة تتفوق كثيرا على الصورة غير الواضحة التي يشاهدها الاميركيون على شاشات التلفزيون.

وبدأ العديد من التطبيقات في الظهور في مجال عقد المؤتمرات عبر الانترنت، والعلاج الطبي عبر الانترنت ـ الذي يسمح للاطباء في المدن بتشخيص الامراض عن بعد ـ ولبرامج التواصل عن بعد التي ستسمح لليابان بتحقيق هدفها بمضاعفة عدد الذين يعملون من بيوتهم بحلول عالم 2010.

وذكر روبرت بيبر مدير شبكات التقنية الكونية في كازيو سيستم «في الفترة الحالية وفترة قصيرة قادمة، ستصبح هذه التطبيقات رخيصة، وربما افضل في اليابان».

وقد حققت اليابان تقدما كبيرا على الولايات المتحدة بسبب شبكات سلكية افضل واجراءات حكومية فعالة، كما ذكر المحللون.

فشبكات الاسلاك النحاسية التي تربط البيوت اليابانية هي احدث وتسير عبر نقاط تقوية اقصر الى سنترلات الهاتف مقارنة بالولايات المتحدة. ويرجع ذلك جزئيا للاوضاع الجغرافية والديموغرافية، واليابان بلد اصغر ومزدحم بالسكان وحضري اكثر من الولايات المتحدة. ولكن شبكات الكابلات الافضل ترجع الى القصف الاميركي، الذي دمر معظم المدن اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية وادى الى مد شبكات كابل جديدة في جميع انحاء البلاد.

ففي عام 2000 استغلت الحكومة اليابانية تقدمها في مجال الشبكات السلكية. وفي مقارنة حادة لادارة بوش، في نفس الفترة الزمنية اجبرت المشرعين هنا شركات الهاتف الكبيرة على فتح شبكات الكابل لديها لشركات تقديم خدمات الانترنت الجديدة.

وهو ما ادى الى انتشار النطاق العريض. ففي البداية كانت تلك الشركات تستخدم تقنية DSL الموجودة في الولايات المتحدة. ولكن بسبب شبكات الكابل الاقصر والافضل في اليابان، كانت خدمات DSL اسرع بكثير. ما يتراوح بين 10 الى 20 مرة، طبقا لبيبر، وهو واحد من خبراء البنية الاساسية للنطاق العريض.

والامر الاكثر اهمية ان المنافسة في اليابان دقت ناقوس الخطر في شركة نيبون تلغراف آند تلفون كوربوريشن التي كانت شركة حكومية ولا تزال اكبر شركة هاتف في اليابان. فبمساعدة من الدعم الحكومي والاعفاءات الضربيبة شنت الشركة حملة لاعادة ربط اليابان بشبكات من الالياف البصرية.

ويقول هيدكي اوهمتيشي مدير العلاقات العامة في نيبون تلغراف اند تلفون «من الواضح، انه بدون منافسة، لما تمكنا من القيام بكل ذلك».

وتقدم شركته الان سرعات عبر شبكات الالياف البصرية تصل الى 100 ميغابيتس في الثانية ـ وهو 17 مرة اسرع من افضل سرعة موجودة في الولايات المتحدة، يوجد 8.8 مليون بيت ياباني يستخدم خطوط الالياف البصرية ـ وهو 9 مرات تقريبا عدد البيوت في الولايات المتحدة التي تستخدم تلك الالياف.

وتدخل شبكة الالياف البصرية اليابانية الى مستقبل الانترنت، يقول الخبراء ان الولايات المتحدة لن تشاهده قبل مرور عدة سنوات.

وقد اختبر شوجي ماتسويا مدير التشخيص المرضي في مركز كانتو الطبي في طوكيو، شبكة هاتفية تابعة لشركة نيبون سيبدأ تطبيقها على مستوى البلاد في فصل الربيع القادم.

وتسمح للاطباء باستخدام شبكات فيديو ذات كفاء عالية وميكروسكوب يعمل عن بعد لفحص عينات من الانسجة من المرضى الذين يعيشون في مناطق بلا مستشفيات كبرى. ويحتاج المرضى الى العثور على مستشفى فيها الميكروسكوب والاتصال بشبكة نيبون للالياف البصرية.

وقد اشعر التقدم الياباني، بعدما خسرت الولايات المتحدة المنافسة بين العديد من الدول الصناعية في تقديم اتصالات بالنطاق العريض ذات سرعات عالية، العديد من المخترعين الاميركيين في مجال التقنية المتقدمة.

وقال فينتون جي كريفت وهو واحد من نواب رئيس غوغل «لقد اظهرت خبرات السنوات السبع الماضية انك تحتاج في بعض الاحيان الى اطار تنظيمي فيدرالي قوي لضمان حدوث المنافسات بطريقة بناءة».

ويحذر كريفت من ان تقدم اليابان في مجال السرعة يقلق البعض لأنها ستنقل مجال الاختراعات في الانترنت بعيدا عن الولايات المتحدة. واضاف كريفت وهو واحد من الذين ساهموا في اختراع بعض من البنية الاساسية للانترنت «اذا ما اصبحت لديك سرعة فائقة، اضمن لك ان الناس ستتوصل الى اشياء يمكن معها استخدام تلك السرعة».

ويدعم كريفت وهو واحد من المؤيدين للمنافسة على الطريقة اليابانية عبر تشريعات «حيادية الانترنت» المطروح على الكونغرس. وهي التشريعات التي ستجبر شركات الهاتف والكابل على معاملة الانترنت بحيادية بدون فرض اسعار عالية على محتويات معينة.

والقوانين المقترحة ستؤدي الى توفير مليارات من الدولارات على شركات مثل غوغل وياهو، الا ان هيئات الدفاع عن المستهلكين تقول ان مثل هذه الخدمات ستوفر مالا على معظم المستهلكين.

وتجدر الاشارة الى ان شركات الهاتف والكابل الاميركية، التي تسيطر على 98 في المائة من سوق القطاع العريض تعارض القوانين المقترحة، قائلة انها ستؤثر على الاستثمارات الضخمة المطلوبة لتجديد سرعة النطاق العريض.

ويوضح بيبر ان فتح خطوط الاسلاك النحاسية للمنافسة ادى الى زيادات متتالية في السرعة. وقد بدأت العملية بعد فترة قصيرة من قرار عدد من السياسيين اليابانيين، الذين اشتكوا من ان شبكة الانترنت في اليابان ابطأ واكثر كلفة من تلك الموجودة في الولايات المتحدة، فتح الخطوط النحاسية للمنافسة.

فمقابل دولارين في الشهر، سمح لشركات النطاق العريض الجديد بتأجير موجة على الخطوط النحاسية. وسمح الايجار الرخيص للشركات بتحديد اسعار رخيصة للمستهلك، لا تزيد على 22 دولارا شهريا لخط DSL .

وفي الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تتراجع في مجال الانترنت استفاد مستثمر ياباني من قرار حكومته بفتح الخطوط النحاسية للمنافسة.

فقد قدم ماسايوشي سون رئيس شركة يابانية اسمها سوفتبانك، خدمة نطاق عريض ارخص واسرع 6 مرات من الخدمة التي تقدمها شركة نيبون. واضاف وسائل تسويقية مثل ارسال مجموعات من الشباب لتقديم اجهزة مودام مجانية تربط المستخدم بشبكة يطلق عليها ياهو بي بي (تملك شركة ياهو الاميركية ثلثها». وقد ارتفع نصيب الشركة من خدمات DSL ارتفاعا كبيرا في السنوات الخمس الماضية، من صفر الى 37 في المائة. ومع تزايد المنافسة، انخفضت التكلفة الشهرية للاشتراك بنسبة النصف، في الوقت الذي زادت فيها سرعة النطاق العريض 33 مرة.

ويقول هاروماسا ساتو استاذ اقتصاديات الاتصالات الهاتفية في جامعة كونان في كوبي «اذا ما اختبر المستهلك السرعة العالية لـ DSL فإنه يطلب المزيد من السرعة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الاوسط»