نظرية المؤامرة تعود في موت الموسيقار بيتهوفن

بيتهوفن («الشرق الاوسط»)
TT

حلت يوم 26 مارس (اذار) الماضي الذكرى 180 لوفاة عبقري السيمفونية الألماني أماديوس فولفغانغ بيتهوفن. ويحلو دائما للعلماء في هذه المناسبات، سبرغور أسرار عظماء الألمان والكشف عن أسباب موتهم «الغامض». وتسري هذه الحقيقة على بيتهوفن، كما تسري على الشاعر هاينريش هاينة والروائي شتيفان تسافيج.

ورغم تأخره عن الموعد، فقد أعلن كريستين رايتر، خبير التشريح والبحث الجنائي النمساوي، عن نتائج دراسة جديدة تقول بأن بيتهوفن مات، ربما مقتولا، بتسمم الرصاص. وحلل رايتر محتويات خصلة شعر من بيتهوفن، وفق الوسائل الحديثة وتوصل إلى أن الرصاص يتركز بنسبة كبيرة في دم الموسيقار عند وفاته. ونشر الباحث دراسته في مجلة «بيتهوفن»، وقال فيه ان تركيز الرصاص في دماء الموسيقار كان يزداد بشكل واضح خلال مراحل العلاج الأخيرة على يد طبيبه اندرياس فوفروخ.

والمعتقد أن رايتر، بعد أشهر من البحث المضني بالطرق البوليسية، فسّر «الرصاص بعد جهد بالرصاص». هذا، لأن نظرية موت الموسيقار بالرصاص ليست جديدة، وسبق للعلماء الاميركان أن سبقوا الباحث النمساوي في تشخيص موت بيتهوفن بالتسمم بالرصاص، بل إن الاميركان توصلوا إلى نتائجهم من خلال تحليل أجزاء من عظام جمجمة بيتهوفن وليس من خلال تحليل شعره، كما فعل رايتر. فأشراف ذاك الزمان اعتادوا على صبغ شعرهم بالصبغات الحاوية على الرصاص، وعلى هذا الاساس فإن تركز الرصاص في الشعر قد يكون موضعيا.

تولت مختبرات ارغون الاميركية في شيكاغو عام 2005، وهو تاريخ ليس ببعيد، تحليل عينات من عظام جمجمة بيتهوفن وتوصلت إلى نتائج علمية مفادها أن الموسيقار كان يعاني من تسمم الرصاص منذ شبابه. وقارن العلماء النتائج مع نتائج تحليل جمجمة شخص آخر من عمر بيتهوفن وعاش في نفس زمانه كي يتأكدوا من النتائج. وعزز العلماء استنتاجاتهم من خلال روايات المؤرخين التي أكدت أن الأعراض بدأت تراود بيتهوفن وهو في سن العشرين. وتحدث المقربون منه آنذاك عن تغيرات في شخصية وسلوك بيتهوفن تتزامن مع تركز الرصاص في كبده وكليتيه. وأدى تسمم الرصاص، حسب نتائج الدراسة، إلى ظهور أعراض تصلب الأذن، على الموسيقار وهو في الثلاثين من عمره. وبدأ الموسيقار، وهو في سن مبكرة، يعاني من ثقل السمع، ومن ثم من الصمم التام بدءا من 1819، وحتى مماته عام 1827.

ويذهب البعض إلى أن السبب ربما يكون تعاطي بيتهوفن للنبيذ الذي يحتوي على هذه المادة، فيما قال آخرون إن الرصاص كان موجوداً في الماء الذي كان يتناوله الموسيقار العظيم. ويعتقد رايتر أن بيتهوفن ربما مات بسبب جرعة إضافية من الرصاص عجلت موته، وربما تكون على يد طبيبه فوفروخ. وبحسب الباحث، فإن هذه الجرعات القاتلة استقرت في كبد الموسيقار العليل، ما أدى في النهاية إلى مقتله.

وأوضح ريتر، رئيس الطب الجنائي في جامعة فيينا للطب: «إن وفاة الموسيقار ناجمة عن علاج الطبيب فوفروخ»، لكنه أردف قائلاً «رغم أنه لا يمكنك أن تلوم طبيبه الخاص، فكيف له أن يعرف في ذلك الوقت أن بيتهوفن أصبح يعاني من ضرر خطير في الكبد؟»، وأكد ريتر أنه رغم معرفة الأطباء في ذلك الوقت بأن الرصاص مادة سامة، غير أنه يبدو أن الطبيب لم يكن يعرف أن الجرعات كانت سامة بما يكفي لقتله نظراً لمرضه، وأن السموم كانت تهاجم كبده المريض.

وإذا كان العلماء يوجهون تهمة القتل غير العمد إلى الطبيب فوفروخ، في موت بيتهوفن، فإن نظرية المؤامرة في موت الشاعر هاينة تمتد بين التسمم على يد زوجته ماتيلدا، القتل بسبب الخلاف على الميراث مع أولاد عمومته، القتل بالسم على أيدي العملاء البروسيين، تناول السم على يد ابن عمه بسبب التشهير بالعائلة. وكان الرصاص حاضرا في كل القصص، في خصل شعر هاينة التي فحصت تحت المجهر، وفي النبيذ الذي كان يتناوله مع كارل ماركس في باريس.