العام الدراسي يبدأ غدا وسط مخاوف من شل القطاع التعليمي جراء التضارب بين رام الله وغزة

TT

تنفس عبد الرحيم الطلوع، 37 عاما، الصعداء عندما تفاجأ بممثل الجمعية الخيرية في منطقة بركة الوز حيث يقطن، يدق بابه ليخبره أن عليه التوجه في اليوم التالي لمقر الجمعية لتسلم حقائب مدرسية تكفي لأولاده السبعة الذين يتلقون تعليمهم في المدارس الابتدائية والاعدادية بمعسكر المغازي، وسط قطاع غزة.

فحتى قبل اربعة أيام على افتتاح العام الدراسي الذي من المقرر أن يبدأ غداً، لم يشتر الطلوع أية حقيبة أو قرطاسية لأولاده لأنه لا يملك المال الكافي لذلك، علما بأن اسعار القرطاسية ارتفعت بشكل كبير بسبب الاغلاق والحصار. فهذا الشاب وهو عامل نظافة في احد المجالس المحلية في المنطقة لم يتلق راتبه منذ ثمانية اشهر، إلا على شكل سلف مقتطعة لا تكفي لسد رمق العائلة المكونة من احد عشر فرداً.

ومثله مثل العشرات في المنطقة من معدمي الدخل أو من ذوي الدخل المحدود، توجه في اليوم التالي لمقر الجمعية التي زودته بسبع حقائب وقرطاسية.

وقال الطلوع لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يشتر هذا العام ملابس جديدة لأولاده الذين عليهم أن يعودوا للبس ذات الزي المدرسي الذي اشتراه لهم قبل عام.

وفي ظل انهيار الخدمات الاجتماعية التي تقدم من قبل المؤسسات الحكومية، تبقى الجمعيات الخيرية هي أمل الفقراء والمعوزين في قطاع غزة لتغطية نفقات بعض مستلزمات الدراسة. وبسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية تتصاعد الدعوات لإلغاء الرسوم السنوية التي تفرضها الحكومة على الطلاب. ويعترف خليل العودة، 43 عاما، الذي يقطن في مدينة دير البلح وله خمسة ابناء يتلقون تعليمهم في المدارس الحكومية، بأنه ليس بوسعه دفع مليم واحد كرسوم مدرسية.

ويأمل مثل عشرات الآلاف من الآباء في أن تصدر الحكومة قراراً باعفاء الآباء من دفع الرسوم. لكن الخطر الأكبر الذي يتهدد قطاع التعليم هو تأثير المناكفة بين حكومتي غزة برئاسة اسماعيل هنية، ورام الله برئاسة سلام فياض على سير العملية التعليمية في العام الجديد.

ورغم ان حكومة هنية تراجعت عن فرض يوم الجمعة كيوم وحيد للاجازة الأسبوعية وتركت لحكومة فياض حرية القرار في ذلك، فاعتمدت يوم الجمعة فقط، وهو قرار فاجأ الجميع، غير ان ما يخشاه الناس هنا أن تتم عملية تسييس التعليم كما هو الحال في قطاع الصحة، بحيث تصدر الحكومتان قرارات متناقضة وتحاول الزام المدرسين بها.

واضح تماماً أن الأغلبية الساحقة من العاملين في مجال التعليم سيلتزمون بقرارات حكومة فياض لأنها الجهة التي تقوم بدفع الرواتب، فهؤلاء العاملون يخشون أن يتم حرمانهم من الرواتب في حال لم يلتزموا بقرارات الحكومة. فقطاع التعليم في القطاع يخضع حالياً لنظامين اداريين مختلفين ومتناقضين، وكلاهما يحاول الإثبات أنه صاحب الصلاحية هنا. ويتوقع على نطاق واسع أن يدفع الطلاب وذووهم فاتورة المماحكات بين الحكومتين، بخلاف القطاع الصحي، فإن حكومة هنية لم تقم بعمليات تنقلات وتعيينات جديدة في هذا القطاع، الأمر الذي منع حتى الآن من وجود مسوغات للدعوة للإضراب، لكن على ما يبدو، فإن ما لم يتحقق بالتضارب بين الحكومتين قد يتحقق بفعل الفعاليات النقابية، فنقابة المعلمين ومقرها رام الله التي تسيطر عليها حركة فتح أعلنت رفضها لقرار حكومة فياض القاضي بالاكتفاء بيوم الجمعة كيوم عطلة اسبوعية وحيد، وتهدد بالإضراب احتجاجاً على ذلك، هذه النقابة التي تدعي حماس أنها لا تمثل قطاع المعلمين لأن مجلس ادارتها غير منتخب، تحظى بدعم فتح التي ابدت تعاطفها مع مطالب النقابة. ولا تقف مشاكل قطاع التعليم عند المماحكات بين رام الله وغزة، ودخلت على الخط، قرارات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الانروا»، التي يتعلم عشرات الالاف من ابناء اللاجئين الفلسطينيين في مدارسها. فقد قامت بتقليص عدد الحصص المخصصة للمواد الاجتماعية ومن ضمنها التربية الوطنية والتربية المدنية من دون الرجوع لحكومتي هنية او فياض، علما أن الانروا تلتزم عادة بالبرنامج المقر من قبل حكومة الدول المضيفة.