السفير الأميركي يبلغ بري التزام واشنطن وحدة لبنان ومؤسساته .. وإجراء انتخابات رئاسية وفق المهل الدستورية

لحود يكشف عن اقتراح لتشكيل حكومة مدنية برئاسة قائد الجيش

TT

شهد موضوع الاستحقاق الرئاسي في لبنان خطوة لافتة امس تمثلت في تداول رئيس مجلس النواب نبيه بري الموضوع مع السفير الاميركي في بيروت، جيفري فيلتمان، الذي اكد «التزام الولايات المتحدة وحدة لبنان ومؤسساته الدستورية... واجراء انتخابات رئاسية في موعدها طبقا للدستور اللبناني»، مشيرا الى توافق مع الرئيس بري على «وجوب حصول الانتخابات وفقا للمهل الدستورية... من دون تدخلات خارجية، بما في ذلك الولايات المتحدة».

في غضون ذلك، كشف رئيس الجمهورية اميل لحود عن اقتراحه صيغة انقاذية تقضي بتعيين قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا لحكومة مدنية تجري انتخابات نيابية ومن ثم رئاسية على اساس نصاب الثلثين، مؤكدا اهمية «التوافق بين اللبنانيين كأساس لبقاء لبنان».

في مقر رئاسة مجلس النواب في بيروت، استقبل الرئيس بري امس السفير الاميركي فيلتمان، وذلك للمرة الاولى بعد عودته من واشنطن. وعرضا الاوضاع في لبنان. وقال فيلتمان عقب اللقاء: «بحثنا التطورات المحلية في الاسابيع المقبلة. وابلغت دولته التزام الولايات المتحدة القوي وحدة لبنان ومؤسساته الدستورية. كما اكدت له اننا، كما رئيس المجلس، نريد ان نرى انتخابات رئاسية تجرى في لبنان في موعدها طبقا للدستور اللبناني».

وسئل فيلتمان ما اذا كان يحمل اجوبة عن الاسئلة التي حمَّله اياها الرئيس بري الى الادارة الاميركية، فاجاب: «وفقا للبروتوكول الدبلوماسي، فإن المحادثات بين رئيس مجلس النواب وبيني، وبيني وبين اي مسؤول تبقى سرية بيننا. ولكن ما استطيع قوله انني اكدت للرئيس بري اننا نتوافق معه كليا على وجوب حصول الانتخابات الرئاسية في موعدها، ووفقا للمهل الدستورية. وكررت لرئيس المجلس موقفنا الذي يتوافق مع القرار 1559 الصادر قبل سنوات، بأننا نريد ان تجرى الانتخابات اللبنانية من دون تدخلات خارجية ووفقا للدستور». واضاف: «اعدت التأكيد للرئيس بري انه ليس من عملنا ان نرشح الاسماء. ولنا ملء الثقة بالبرلمان اللبناني لانتخاب رئيس للجمهورية ملتزم استقلال وديمقراطية وسيادة ووحدة لبنان وتنوعه».

وسئل ما اذا كانت الولايات المتحدة تدعم انتخاب رئيس جمهورية بنصاب النصف زائد واحدا، فقال: «اننا ندعم الانتخابات وفق الدستور اللبناني. وان تفسير دستوركم هو شأن لبناني. وهو دستوركم وليس دستورنا».

من جهته، كشف الرئيس لحود عن تقديمه اقتراحا لصيغة في حال تعذر الاتفاق على رئيس للجمهورية تقضي بتعيين قائد الجيش العماد ميشال سليمان «على رأس حكومة انتقالية تضم ستة او سبعة وزراء مدنيين من الطوائف الاساسية تكون مهمتها: وضع قانون انتخابي يكون مقبولاً من الجميع واجراء انتخابات نيابية على أساسه باسرع وقت ممكن، تحدد على ضوئها الاكثرية في البلاد، لتتم على اساسها انتخابات رئاسة الجمهورية».

وابلغ وفدا من بلدة القعقور زار القصر الجمهوري امس: «لمن يقول ان الحكومة ستكون عسكرية اجيب: لا. فمثلما جرى مع الرئيس فؤاد شهاب الذي كان قائدا للجيش وتم تعيينه رئيسا لحكومة، مهمتها انتخاب رئيس للجمهورية، على ان يقوم بذلك في اسرع وقت، عندها انجز مهمته وعاد قائدا للجيش». واكد: «الحل الوحيد للأزمة الراهنة في لبنان يكمن في الوفاق، اذ طالما قام لبنان على التوافق»، متسائلا: «هل نلبي اليوم رغبة بعض الدول التي تريد ان نغلب طرفا على آخر؟».

واذ شدد على انه «لا يمكن الاتيان برئيس للجمهورية اللبنانية بالنصف زائد واحدا»، اعتبر انه «يجب حصول انتخابات الرئاسة بنصاب الثلثين على ان يكون الرئيس فعليا لكل لبنان»..

الى ذلك، اكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون (قوى 14 اذار) ان لا جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية خارج مجلس النواب. وقال: «ان المساعي القائمة لتقريب وجهات النظر على الصعد العربية والاقليمية والدولية حيال الاستحقاق الرئاسي في لبنان لم تنتج توافقا. والجزء الكبير الحائل دون الوصول الى توافق مرتبط بملفات رئيسية منها ملف المحكمة الدولية والملف النووي الايراني، اضافة الى ان الاجواء سلبية اليوم على هذه الصعد».

واكد الوزير فرعون ان «لا جلسة خارج مجلس النواب، في نيويورك كما يُشاع. انما، في المقابل، هناك حالة رفض تام لتعطيل الاستحقاق الرئاسي. والأكثرية ايضا هي اكثرية الشعب اللبناني. وتعتبر ان اي تعطيل للاستحقاق لاسباب غير مرتبطة بالاجندة الداخلية هو بمثابة فتح الباب امام الفراغ، حيث ان البعض يربطه بالمحكمة الدولية، وآخر يربطه بالانتخابات الرئاسية في اميركا وبعض اخر بالملف النووي الايراني، ومنهم بالاجندة الاقليمية».

واتهم النائب اكرم شهيب (الحزب التقدمي الاشتراكي) سورية بانها «تريد الفراغ والفوضى في لبنان». وقال: «ان الاكثرية (قوى 14 اذار) مصممة على اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري بالنصف زائد واحدا في الايام العشرة الاخيرة من الاستحقاق اذا استمرت قوى الثامن من اذار في التعطيل». واضاف: «لا للفراغ. ورئيس الجمهورية آت في لبنان. اذا ما طبقوا الدستور فنحن سنحتكم اليه. واذا لم يطبقوا الدستور نذهب ايضا الى نص دستوري واضح، وهو المادة 49. وكلام البطريرك (نصر الله) صفير واضح ايضا لأن النظام في لبنان نظام برلماني ديمقراطي، الاكثرية تحكم ولم يعط الاقلية حق الفيتو. وسننتخب رئيسا جديدا للجمهورية بالنصف زائد واحدا في الدورة الثانية. واذا كانوا يحضرون لانقلاب فليقبلوا بذلك ولا يتحججوا بالدستور، خصوصا بعدما فشلت كل وسائلهم لتعطيل كيانية هذا البلد».

واستغرب شهيب «تفاؤل الرئيس نبيه بري بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها»، متسائلا: «هل يستطيع الرئيس بري ان يسوق لدى حزب الله مشروع التوافق على رئيس توافقي؟».

من جهته، قال النائب غسان مخيبر (تكتل التغيير والاصلاح) عقب اجتماعه بالبطريرك نصر الله صفير امس: «أكدت لغبطته التزامنا اجراء الانتخابات وفق الاصول والمهل الدستورية. ونحن ضد الفراغ في سدة الرئاسة الاولى وضد التعطيل».

واكد عضو كتلة نواب «حزب الله» حسن فضل الله ان «لا مناصَ من التسوية الداخلية والتعاون والتعامل مع شركائنا في الوطن». وقال في احتفال اقامه الحزب امس: «ان الازمة الحالية في لبنان تدور حول مدى احترام الدستور من قبل فريق السلطة الذي ارتضى لنفسه أن يكون أداة وألعوبة في يد مشروع خارجي، بكل أسف. وما ترونه من تصعيد سياسي من قبله مصدره غير لبناني، إنما هو انعكاس للتصعيد الأميركي في المنطقة، لان أميركا متوترة نتيجة سقوط وانهيار مشروعها في العراق وفلسطين. ولم يبق لهم إلا لبنان ساحة قوتهم. ويريدونه للمقايضة مع الآخرين ومن اجل حماية جنودهم في العراق».

وقال وزير الزراعة المستقيل طلال الساحلي (حركة امل): «محكومون بالتوافق لان لبنان لا يمكن ان يستمر بغالب ومغلوب. ولا يمكن ان يستمر إلا من خلال اتفاق الطائف ومن خلال التوافق واحترام الدستور ومن خلال ان تكون المواقف الدستورية كذلك والاستحقاقات في مواقيتها كونها حساسة جدا في تاريخ لبنان».

وقال النائب ياسين جابر (كتلة التحرير والتنمية) ان الرئيس بري «سيستمر في جهوده وعمله من اجل ان يكون هناك، وقبل شهر ايلول، استحقاق رئاسي ناجح في لبنان، وان نأتي برئيس يبدأ بالخروج من الازمة الصعبة التي تمر بها البلاد.. ونبدأ في مرحلة مقابلة ببناء البلد».