الجيش اللبناني يسيطر على مخيم نهر البارد بعد محاولة فرار فاشلة لمقاتلي «فتح الاسلام»

طبيب روسي: العبسي حلق لحيته ووزع أموالا وحليا مع خطة الهرب

لبنانيون يحتفلون بانتصار الجيش في معركة نهر البارد (رويترز)
TT

أنهى الجيش اللبناني حرب مخيم نهر البارد، التي اطلقها تنظيم «فتح الاسلام» ضده منذ 106 أيام، وذهب ضحيتها أكثر من 150 عسكريا يضاف إليهم مدنيون لبنانيون وفلسطينيون وعشرات المسلحين التابعين لـ«فتح الإسلام». ودارت آخر المعارك امس على خلفية محاولة فرار قام بها نحو 45 مسلحا، ضاقت بهم المساحة المتبقية داخل المخيم.

وتحدثت المعلومات عن سقوط ثلاثين مسلحا على الأقل من «فتح الاسلام»، نتيجة محاولة الفرار من المخيم، الا ان جهات قدمت ايضا ارقاما متفاوتة حول حصيلة معارك الامس، اذ نقلت وكالة رويترز للانباء عن مصادر امنية ان 31 متشددا على الاقل قتلوا حين حاولوا الفرار، في حين تم اعتقال ثلاثة وعشرين مقاتلا اخر، على الاقل، بينهم 12 جريحا.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية مقتل ما لا يقل عن 28 عنصرا من «فتح الاسلام»، حسب الصليب الاحمر، فيما اعلن المتحدث باسم الجيش عن سقوط بحدود 37 مقاتلا في المعارك.

وقتل خمسة جنود لبنانيين في المعارك ما يرفع الى 158 عدد العسكريين الذين قتلوا منذ اندلاع المعارك.

وفي التفاصيل ان مجموعة من التنظيم الاصولي يعتقد ان شاكر العبسي كان على رأسها حاولت الفرار من المخيم. وترافقت هذه المحاولة مع إطلاق نار على حاجز تابع للشرطة العسكرية في الجيش عند افران البيادر في بلدة العبدة، من داخل سيارة مرسيدس بيضاء اللون، سقط افرادها بين قتيل وأسير بعدما ردت عناصر الحاجز على النار بالمثل. وذكرت المعلومات ان احد ركاب السيارة تمكن من الفرار من دون ان تعرف هويته.

وكانت المواجهات قد اندلعت عند الرابعة فجرا عندما تمكن الجيش اللبناني من احباط محاولة الفرار، وتولت وحدات منه مطاردة الفارين. وقد اقيم لهذه الغاية الحواجز وسيرت الدوريات في مختلف البلدات والقرى المحيطة بالمخيم، اضافة الى مشاركة المروحيات العسكرية في عمليات التمشيط. وقامت وحدات الجيش بعملية تمشيط واسعة لمنطقة وادي عيون السمك، الذي يفصل منطقة الضنية عن عكار. فيما اتخذت قوى الامن الداخلي اجراءات مشددة واقامت الحواجز الثابتة على كل الطرق الممتدة من المنية حتى عيون السمك، كما قامت قوارب للبحرية بدوريات في المنطقة.

وقال ضابط في الجيش لوكالة الصحافة الفرنسية، ان المقاتلين حاولوا الفرار في ثلاثة اتجاهات، اذ حاولت مجموعة اولى الخروج من شمال المخيم، غير ان عناصرها قتلوا او اعتقلوا، خلال مواجهات مع الجنود. ولقيت مجموعة ثانية المصير ذاته حين حاولت الفرار من البحر فيما نجحت مجموعة ثالثة في الفرار سالكة مجرى النهر.

وقد انتشرت وحدات الجيش في مختلف القرى والبلدات المجاورة لمخيم نهر البارد، التي يُحتمل ان يلجأ اليها المسلحون التابعون لـ«فتح الاسلام» حيث لا تزال عمليات مطاردة فلول المسلحين متواصلة. وفي ما يتعلق بزعيم «فتح الاسلام» شاكر العبسي لم تتوافر اي معلومات اكيدة عن مصيره. وترددت روايات حول أن الجيش تمكن من أسره. الا ان مصادر متابعة نفت هذا الأمر، موضحة أن الأسير هو طبيب روسي كشف للأجهزة الأمنية أن العبسي حلق لحيته ووزع أموالا وحليا ذهبية على المقاتلين، وأطلعهم على خطة الهرب. وذكر الطبيب أن العبسي قتل خلال المعركة. كذلك تردد ان ابو سليم طه، الناطق باسم «فتح الاسلام»، ما زال موجودا داخل المخيم مع عدد قليل من العناصر والجرحى، الا ان ضابطا في الجيش قال لوكالة الصحافة الفرنسية، ان شاكر العبسي لم يعثر على جثته بين قتلى التنظيم، مما يرجح امكانية ان يكون هاربا على رأس مجموعة من المقاتلين.

هذا، وعقدت قيادة «فصائل المقاومة الفلسطينية» في الشمال اجتماعا طارئا في مكتب تنظيم «الصاعقة» في مخيم البداوي. وأصدرت بيانا قالت فيه إنها «تدارست المستجدات الأمنية الناشئة في المنطقة، في ضوء فرار مجموعات ما يسمى فتح الإسلام من مخيم نهر البارد وتصدي الجيش اللبناني لها، وما ترافق معها من تسريبات إعلامية عن هروب المدعو شاكر العبسي برفقة مجموعته. وقد اتخذت الفصائل سلسلة تدابير وإجراءات أمنية في مخيم البداوي وجواره. لمنع تسلل أي من هؤلاء إلى المخيم بالتنسيق مع الجيش اللبناني. وشكلت لجنة متابعة لهذه الغاية من الفصائل. وعززت القوة الأمنية المشتركة بمشاركة جميع القوى».

وافادت معلومات ميدانية بان سيارات الاسعاف التابعة للصليب الاحمر اللبناني عملت على نقل جثث عناصر «فتح الاسلام» الذين قتلوا صباح أمس الى المستشفى الحكومي في طرابلس. وتم احصاء 26 جثة نقلت الى المستشفى المذكور بمواكبة امنية. وأشرف اربعة اطباء شرعيين على عملية تشريح الجثث.

ونعت قيادة الجيش الملازم علي نصار والرقيب الاول مصطفى ناصر حسن والعريف احمد عارف السيد احمد والعريف مصطفى احمد سيف الدين والعريف علي خالد الرفاعي الذين سقطوا امس «اثناء قيامهم بالواجب العسكري في مهمة الحفاظ على الامن والاستقرار في منطقة الشمال».

وقد عمت الاحتفالات العفوية مناطق الشمال اللبناني. وانطلقت مواكب السيارات داخل البلدات والقرى وعلى الطرق الدولية. ورفع ركابها الاعلام اللبنانية واللافتات التي تحيي الجيش. وتدفقت الى المنطقة المحيطة بمخيم نهر البارد حشود شعبية للتعبير عن الفرحة بانتهاء «الحرب». وعقدت حلقات الرقص واطلقت الهتافات والاناشيد الحماسية عبر مكبرات الصوت.

وصدر عن قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه البيان الآتي: «احتراما لدماء الشهداء، والتزاما بالقوانين المرعية الاجراء، تدعو قيادة الجيش المواطنين الكرام الى عدم إطلاق النار ابتهاجا. كما تدعو الاخوة الفلسطينيين الى عدم التوجه الى مخيم نهر البارد حتى الانتهاء من الإجراءات الميدانية التي تقوم بها وحدات الجيش المختصة، وذلك حفاظا على سلامتهم وتسهيلا لعمل هذه الوحدات. وقد أعطيت الأوامر للقوى العسكرية بمنع أي كان من الدخول الى المخيم لحين زوال الأسباب المانعة».

على صعيد ذي صلة، سادت اجواء الترقب مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا في جنوب لبنان. وراح من تربطهم انتماءات او علاقات بالمنظمات الاصولية يترصدون بكثير من الاهتمام المعلومات الواردة من مخيم نهر البارد عن حسم الجيش للعمليات القتالية ضد «فتح الاسلام». ويشار الى ان مخيم عين الحلوة يشكل ارضية خصبة لحصول توترات بعد انهاء ظاهرة «فتح الاسلام» في الشمال. لكن مصادر فلسطينية اكدت «ان الوضع ممسوك ولا داعي للقلق والخوف، خصوصا ان القوى الفلسطينية متفقة على منع اي اخلال بالامن وعلى رفع الغطاء عن المتسببين بأي عمل مخل بالأمن وعن محاولي نقل التوتر»، الى عين الحلوة.