أزعور يؤكد تجاوب الحكومة ورعد يشدد على حرص المعارضة على التوافق

تلاق بين الموالاة والمعارضة على التعامل بايجابية مع مبادرة بري

TT

تلاقت أطراف في فريقي المعارضة والموالاة في لبنان على الترحيب بمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري لجهة التوافق على انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية في المواعيد الدستورية المحددة، باعتبار ان الانتخابات الرئاسية تشكل «خروجا من الازمة ومدخلا لتثبيت الديمقراطية» كما قال وزير المال اللبناني جهاد ازعور. فيما اعتبر رئيس كتلة نواب حزب الله، محمد رعد، ان طرح بري هو «تأكيد لحرص المعارضة على التوافق لانتخاب رئيس الجمهورية».

وشدد الوزير ازعور، في حديث اذاعي، على «ان الحكومة تتجاوب مع جميع المبادرات. وكانت وستظل تتعاطى معها بايجابية وعقلانية»، لافتا الى «ان رئيس الوزراء فؤاد السنيورة كان وسيبقى متجاوبا». ورأى أن «الانتخابات الرئاسية هي عملية للخروج من الازمة ومدخل لتثبيت الديمقراطية»، مشيرا الى «ان احترام المواعيد الدستورية هو باهمية اختيار الشخص».

ولاحظ أن «الوضع السياسي يضغط على الواقع الاقتصادي والمالي. الا اننا مصرون على الاستقرار المالي ونعمل له. وسنأخذ في المرحلة المقبلة اجراءات شبيهة بالتي اخذت في السابق، كي لا يختل الوضع المالي الذي سنعمل على تحييده».

من جهته، دعا وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون، عقب زيارته البطريرك الماروني نصرالله صفير في الديمان امس، الى «تطوير مبادرة الرئيس بري ليكون هناك نجاح لحل الازمة». وقال في تصريح ادلى به بعد الزيارة: «كلنا معنيون بالاستحقاق الرئاسي. وكان من الطبيعي ان نتبادل مع غبطته الهواجس الكبيرة حول هذا الاستحقاق نظرا للانقسام الداخلي والضغوط الخارجية التي عرقل بعضها الاستحقاق ودعم بعضها الآخر مسيرة السيادة والاستقلال وحصول الاستقلال. وتداولنا ايضا في المبادرة التي اطلقها الرئيس بري. وهي مبادرة جديرة بالاهتمام. ونعتبرها متطورة، لكنها ليست بالجديدة. وقد طرح مثيل لها على طاولة الحوار بالنسبة الى حل ازمة الحكم. وكان يومها الحديث بالثلثين لاننا كنا نتكلم عن تعديل الدستور ورئيس لست سنوات وباتفاق الثلثين. ورغم الاجماع على ضرورة حل ازمة الحكم لم يكن هناك نجاح، بل ان قسما من المعارضة قال للاكثرية: ان ما يحكى هو لمصلحتكم وفي الاستحقاق انتم قادرون على ايصال الرئيس الذي تريدون. واليوم لم يعد بالامكان السماح بالعودة بالسبل نحو التجربة نفسها نتكلم عن الثلثين من دون ان يكون هناك نجاح».

اما وزير العدل شارل رزق فقال في تصريح له: «ليست مبادرة الرئيس بري صيغة يتوخى املاءها على احد ولا حلا نهائيا يحاول فرضه. فهو، كما اعرفه، ابعد الناس عن منطق الفرض والاملاء. بل هي، كما قرأتها، دعوة الى حل ومدخل الى البحث عن ارضية وسطية نقف عليها للتفاهم على الرئيس العتيد».

واضاف: «بدأ الرئيس بري بالتنازل عن مطلب حكومة جديدة كشرط مسبق للرئاسة. واظن انه فعل ذلك لوعيه استحالة فصل الاتفاق على الحكومة عن الاتفاق على الرئيس، فجنب نفسه عناء الحكومة وذهب مباشرة الى الرئيس. اما في ما يتصل بالنصاب، فيعلم الجميع ان التفاهم عليه، كما التفاهم على حكومة جديدة، جزء لا يتجزأ من التفاهم على الرئيس. وان الامرين سيّان. وقراءتي للمبادرة انها دعوة للشروع في الامرين معا».

وخلص رزق الى القول: «انها (المبادرة) نداء يوجهه رئيس السلطة التشريعية من موقعه كضابط لايقاع الحياة السياسية في الاسابيع القادمة للمجتمع السياسي اللبناني الى انتخاب رئيس جمهورية يقتنع ثلثا هذا المجتمع ان لم يكن جميعه بأن هذا الرئيس اثبت عمليا قدرته على مقاربة اكثر الملفات الوطنية الحاحا وعلى رأسها المحكمة الدولية والامن بعد معركة نهر البارد وضرورة ترميم الوحدة الوطنية عن طريق نظام انتخابي يوثق بين ثنائية الخيار السياسي وتعددية الانتماء الطائفي، فيعيد المجتمع الى استقراره والاقتصاد الى ازدهاره».

وأكد النائب السابق فارس سعيد (قوى 14 آذار) انه «لن يصار الى اتخاذ مواقف تحبط مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري وسيتم التعامل معها بجدية الا ان هناك تشكيكا في الموضوع». وقال: «ان الخلاف ليس على اسم الرئيس بل هو سياسي" مؤكدا "السعي الى انتخاب رئيس على قاعدة الثلثين». ورأى «ان الرئيس بري مغلوب على امره وهو يعمل لفتح طريق لبناني للحل. وان حزب الله ينتظر، ففي حال نجاحه يكون جاء برئيس للجمهورية لادارة الازمة لفترة ست سنوات ويستمرون بالتالي في البقاء في قلب الحدث للتعطيل عندما يريدون وللتسهيل في حال كان ذلك في مصلحتهم كما يفعلون اليوم في وزارة الخارجية».

وقال مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو، في بيان اصدره امس: «اود ان احيي الرئيس البطل فؤاد السنيورة، فقد اقر له الرئيس نبيه بري بالانتصار. فالحكومة التي يرأسها الرئيس السنيورة لم تكن حكومة اشباح، بل كانت حكومة رجال، حكومة شجعان، صمدوا امام حملات التشبيح والتشويه. وان هذه الحكومة حافظت على الدولة اللبنانية وعلى الكيان اللبناني وعلى الشرعية اللبنانية. ولم تتأثر بالاعتصامات والهجمات والتشكيك، بل ظلت على ثباتها وصمودها، ما دفع الرئيس بري الى الاعتراف بان هذه الحكومة هي التي تمثل الشرعية في الماضي والحاضر والمستقبل. وهذا الامر يعد من اروع المواقف التاريخية التي واجهت اولئك الذين حاولوا تعطيل الشرعية وضرب الكيان اللبناني وشل الدولة اللبنانية». واضاف: «اقتراح الرئيس بري يستطيع ان ينفذه الرئيس بري قبل اي انسان اخر بان يفتح ابواب مجلس النواب ليجتمع المعنيون بانتخاب الرئيس العتيد تحت قبة البرلمان ويتحاوروا ويتناقشوا ويتفقوا على اختيار رئيس ماروني يكون اهلا يحمل المسؤولية واخراج لبنان من ازمته» في المقابل، قال النائب محمد رعد: «بالامس الرئيس نبيه بري ألقى الكرة في ملعب الاخرين حين تجاوز مطلبا اساسيا كانت تطرحه المعارضة حرصا منها على الوفاق الوطني لحمايته من الشر المستطير الذي اشير اليه بالامس والذي ينتظرنا حين يمر الاستحقاق الرئاسي من دون توافق. طرح مبادرة انقاذ جديدة وجب فيها مطالبة المعارضة بتشكيل حكومة وحدة وطنية تشكل مدخلا للتوافق على رئيس للجمهورية. ونحن نقول ان هذا الطرح هو تنازل للبنان وليس تراجعا للمعارضة حفاظا على الوفاق والاستقرار، لان المعارضة كانت تطرح حكومة وطنية تتحقق فيها شراكة وطنية. وكانت تقصد بذلك ان تحقق صمام امان للبلد يمكن ان يوصل الى توافق اكيد على رئيس الجمهورية المقبل. اما وقد اعتبر البعض ان تشكيل حكومة وحدة وطنية في هذا الطريق يشكل تحديا واجهاضا لانتخاب رئيس للجمهورية، فان طرح دولة الرئيس نبيه بري هو اجهاض لهذا التذرع وتأكيد لحرص المعارضة على التوافق من اجل انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية ووفق الاصول الدستورية، وان حكومة الوحدة الوطنية ان كانت تحديا لاحد لم يكن ليتم التنازل عنها وانما كانت طريقا للوصول الى التفاهم».

وقال عضو كتلة نواب حزب الله، حسين الحاج: «ان لبنان اليوم امام استحقاق مهم وحساس. والمعارضة تريد ان تشكل مفصلا باتجاه حل الازمة والتوافق على رئيس وسلوك طريق الصواب من خلال الشراكة والتوافق بما يؤمن الاستقرار والسلم الاهلي (...) وان انتخاب الرئيس بالنصف زائد واحد مخالفة دستورية صرف تؤدي الى مزيد من التأزيم والتصعيد. وعندها سوف تكون المعارضة مضطرة الى اتخاذ اجراءات معينة، فيما لا يزال الوقت الان يسمح بالوصول الى حل توافقي عبر الشراكة في صنع القرار سواء في الحكومة او الرئاسة من خلال المشاركة في صنع الرئيس واسمه».

وأكد مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله نواف الموسوي «ان المعارضة لن تسمح لفريق 14 آذار بأن ينفرد بحكم هذا البلد وهو حريص على الانفراد والاستئثار. لقد طرحنا تشكيل حكومة وحدة وطنية منعا للاستئثار. الآن حين يطرح الرئيس بري مبادرته فهو يريد منع تحويل رئيس الجمهورية الى موظف برتبة رئيس للجمهورية يعمل لدى السفير الاميركي في لبنان يعطيه تعليماته ويملي عليه إملاءاته».

ودعا المعاون السياسي لرئيس حركة أمل، النائب علي حسن خليل، الى «الانطلاق على قاعدة التفاهم في اخراج الوطن من المأزق السياسي». وقال: «فلنسقط الأوهام جانبا ولننطلق على قاعدة التفاهم والتوافق في اطار الدستور ومن المسلمات الدستورية».

ووجه نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الامير قبلان، رسالة الى اللبنانيين دعاهم فيها الى التجاوب مع «مبادرة الرئيس بري الإنقاذية». وقال: «أيها اللبنانيون انتهزوا فرص الخير، فانها تمر مرور السحاب. فمبادرة دولة الرئيس نبيه بري فسحة امل علينا ان نتعاطى معها بمسؤولية وايجابية، لأن البلاد أصبحت لا تتحمل اعباء اكثر، لأنها حبلى بالمصائب والمشاكل».