فنانون مغاربة يساندون الوزير المرشح بن عبد الله في حملته الانتخابية

وزير الإعلام يقر بوجود منافسين أقوياء بعضهم يستعمل المال

TT

عند مدخل مدينة تمارة بضاحية الرباط، علقت لافتات كبيرة كتب عليها شعار «أنا أصوت من أجل مغرب الحداثة والديمقراطية، واكتساب المواطنة»، وبدت المدينة المتعددة من حيث التركيبة العمرانية، وكأنها خرجت من صمتها نظرا لسخونة الحملة الانتخابية.

ونحن على مقربة من المكان الذي كنا نقصده، بشارع محمد الخامس، حيث أقام محمد نبيل بن عبد الله، وزير الاتصال (الاعلام)، ووكيل لائحة حزب التقدم والاشتراكية (غالبية حكومية)، مهرجانا خطابيا، ظهرت شاحنتان، وعشر سيارات تحمل مناصري أحمد بلا، وكيل لائحة الحركة الشعبية (غالبية حكومية)، وكأنها تخوض سباق «الرالي»، نظرا للسرعة التي تسير بها في الطريق العام، ولزعيق منبهاتها، ملقية ملصقات المرشح، بوفرة غير مبالين هل ستغطي الاوراق زجاج السيارات، وتحجب الرؤية عنها. هذا الاحتمال لم يكن واردا لدى مناصري هذا الحزب، لأن الاهم بالنسبة لهم هو تعبئة عدد كبير من الناخبين، والاعلان عن التواجد في مدينة مترامية الاطراف.

لم تعد تمارة كما كانت، تستقطب فقط النازحين من جحيم الجفاف في المناطق الريفية، أو تعيش على ما تجود به الأرض الفلاحية، التي زحف عليها العمران من كل حدب وصوب، لكون مسؤولي البلديات، استغلوا مشاكل السكن في الرباط، وقرروا تغيير معالم المدينة، فأضحت متنفسا لموظفي العاصمة فزحف العمران بشكل قوي. لكن عشوائية البناء تبقى السمة الطاغية على المدينة، حيث دور الصفيح على مقربة من العمارات الشاهقة، وكأنها فطر، تنبت هنا وهناك: لا مركب رياضي متعدد الاختصاصات، لمنح الشباب فرصة لتبيان مؤهلاتهم، ولا دور للشباب، ولا مسرح، ولا دور للأطفال للترفيه واللعب. وتفتقد المدينة بنيات الاستقبال الخدماتية. توجد فقط مقاهي، ومساحات شبيهة بحدائق، يجلس على جنباتها نساء يدردشن، وأطفال يلعبون بدون أدوات لعب، وحافلات متسخة تنفث دخانها الملوث، وسيارات أجرة كبيرة تتسابق من أجل الربح، وحديقة الحيوانات تحتاج الى من تؤويه.

لم يكن متوقعا أن يحدث الوزير بن عبد الله، ممثل رمز الكتاب، مفاجآت، إذ ظهر لأول مرة وفي سابقة أولى من نوعها في تاريخ الانتخابات بالمغرب، زمرة من الفنانين المغاربة المرموقين، لحظة استعداد مناصري بن عبد الله لتفطير الحفل الفني.

كانت الساعة تشير الى الخامسة مساء أول من أمس، وكان الوزير المرشح، في مقر الحزب، يتناول ساندويتش، ويستقبل الفنانين المغاربة بابتسامته المعهودة، لا تفارقه زوجته، التي بدت متعبة من كثرة التنقلات التي تفرضها الحملة بسبب شساعة الدائرة الانتخابية.

ينفي بن عبد الله أن تكون الحملة الانتخابية الخاصة بدائرة الصخيرات تمارة، التي يتنافس فيها مرشحون للفوز بثلاثة مقاعد، جامدة وباردة، فالصراع في نظره على أشده بين اللوائح المرشحة. ويضيف: «هناك تنافس شديد بين مرشحين مختلفين، لكن مع الاسف استعمل بعضهم أساليب غير مقبولة تعتمد أساسا على المال. لكن على أية حال أشعر بأن هناك حماساً كبيراً في هذه الدائرة الانتخابية، التي تعاني من مشاكل جمة. وهناك تجاوب مع مرشحينا كممثلين لحزب التقدم والاشتراكية. وهناك أيضا غضب كبير، بخصوص أوضاع السكان، والحمد لله، أن الناس الذين كانوا يتأرجحون بين عدم المشاركة، والسعي إلى البحث عن مرشح يفي بكلمته، يلتفون أكثر فأكثر على مرشح حزب التقدم والاشتراكية».

وبشأن الخلط الذي يقع لدى الناخب بين تلبية المطالب المرتبطة بالشأن البرلماني، والاخرى المتعلقة بانتخابات البلديات، أجاب بن عبد الله بالإيجاب، وأكد أن غالبية مطالب السكان ذات طابع محلي أساساً، معتبرا ذلك أمراً طبيعياً على اعتبار أن سكان المنطقة يعانون مشاكل كثيرة، من قبيل البطالة، وانتشار دور الصفيح، وغياب مرافق اجتماعية أساسية.

وبشأن مساندة قوية من الفنانين المغاربة له، يقول بن عبد الله: «أحمد الله، وأعتقد أن ذلك يرجع للعلاقات الطيبة التي تربطني بهم».

وتعليقا على الشكاوى التي وجهت ضد 6 وزراء في الحكومة، لخرقهم القانون الانتخابي، على حد زعم المرشحين المتنافسين. أكد بن عبد الله أنه لحد الآن، لا يعرف ضد من وجهت تلك الشكاوى، ولا يمكنه التعليق عليها، مشيرا الى أن بعضا منها تم حفظه من قبل الادعاء العام، لغياب دليل قاطع، مما يدل على أنها كانت شكاوى خفيفة، على حد قوله.

عند وصول موكب بن عبد الله الى مكان المهرجان الخطابي، اصطف مواطنون كانوا مارين بالقرب من المكان، لأخذ صور تذكارية مع الوزير الذي كان يرتدي قميصا أبيض، خاصة أن عددا من المواطنين لا يرون الوزراء إلا عبر شاشات التلفزيون، فيما كانت الفنانة المسرحية ثريا جبران ترد التحية على محبيها الى درجة أن الزنقة المؤدية الى المكان عرفت ازدحاما بين السيارات. وعند صعود بن عبد الله الخشبة، كانت الفرقة الشعبية «تاكدة» تؤدي أغانيها التي حفظها المغاربة، فأخذت ثريا الميكرفون لتفتتح التجمع قائلة: «إن بن عبد الله، مرشح حزب التقدم والاشتراكية، لم يعط مالا لأحد، ولم نعطه شيئاً. أحببناه من الأعماق، لذلك جئنا لدعمه بكل قوة وبدون تردد، وكنا دائما من المساندين للرجل النظيف، والحامل لرسالة الدفاع عن الفن والفنانين، فنحن غير منتمين الى حزب التقدم والاشتراكية، ومع ذلك نحن نساند الرجل الذي خرج من وسط الشعب، ليساهم في مسيرة الاصلاح التي يريدها المغاربة قاطبة، وليقطع الطريق على اللصوص والانتهازيين والمفسدين». واضافت: «كنا بالأمس مع عبد الرحمن اليوسفي، الأمين العام السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (غالبية حكومية) ساندنا حزبه في حملته الانتخابية، وقبل ذلك كنا مع الراحلين عبد الرحيم بوعبيد، الامين العام الاسبق لنفس الحزب، وعلي يعتة، الامين العام السابق للتقدم والاشتراكية. إن الفنانين مع الاصلاح الهادف».

وحالما أنهت كلمتها طلبت من الحاضرين الذين أقبلوا بكثافة غير معهودة في هذه الحملة الانتخابية، التصفيق بحرارة للفنانين وشرعت في المناداة عليهم واحدا تلو الاخر: أحمد الطيب لعلج، ومحمد الخياري، والاخوان ميكري، ورشيد الوالي، وفاطمة خير، ومولاي أحمد العلوي، وإدريس الروخ، وسعد التسولي، والبشير عبدو، وصفية الزياني، ومحمد الخلفي، وعبد العاطي آمنا وعبد الكبير الركاكنة وسعد الشرايبي، وأنور الجندي، واحمد بولان واللائحة طويلة.

وارتجل بن عبد الله كلمة حماسية، دعا فيها ناخبي منطقة تمارة الصخيرات، ذاكرا أسماء أحيائها، إلى المشاركة بكثافة في اقتراع 7 سبتمبر (ايلول) الحالي، واختيار رمز حزبه «الكتاب» للتصويت عليه، مشيرا الى أن بعض منافسيه، يستعملون المال لشراء ذمم الناخبين، والبعض الآخر يعتبر الفن ميوعة ويجب محاربته. وفي تلك اللحظة مر من قرب المهرجان، قرابة 30 شخصا من مناصري المرشح، موح الرجالي، وكيل لائحة حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، منهم من رفع السبابة، كرمز ديني، ومنهم من رفع شارة النصر، فيما كانت شابات محجبات من مرافقي بن عبد الله، يوزعن ملصقات الحزب، ومطويات برنامجه الانتخابي.

خاطب بن عبد الله الناخبين، قائلا إن أحسن رد على الذين يعتبرون الفن ميوعة، هو توجيه سؤال مباشر لهم: «لماذا أهملتم المدينة وجعلتموها تغوص في المشاكل، وأنتم مسيرو بلديتها، وتشرفون على كل القضايا المرتبطة بسكان المنطقة؟».