البصرة: صراع حاد بين الدفاع والداخلية والأحزاب للسيطرة على قصور الرئاسة

كان مقررا لها أن تستضيف قادة دول مجلس التعاون العربي

أطفال عراقيون يلعبون بالقرب من مدرعة أميركية في منطقة العلاوي وسط جانب الكرخ من بغداد (ا.ف.ب)
TT

فتح انسحاب قيادة القوات البريطانية من القصور الرئاسية في وسط مدينة البصرة الباب واسعا امام جهات حكومية تتصارع على ضمها لها، من بينها وزارتا الدفاع والداخلية والاحزاب السياسية للسيطرة على هذه القصور.

وكان  اللواء موحان الفريجي قائد عمليات الجيش العراقي في البصرة قد أكد للصحافيين اول من امس ان القوات البريطانية سلمت مجمع القصور الرئاسية في المدينة، الذي كانت تتخذه مقرا لها، الى القوات العراقية، ما يعني ان وزارة الدفاع هي التي تسيطر على القصور وليس وزارة الداخلية. وأشار الى ان «منطقة القصور اصبحت بالتالي منطقة عسكرية يمنع التقرب منها الا للمخولين»، وطالب الاحزاب السياسية التي تتصارع من اجل السيطرة على هذه القصور بالابتعاد عن المكان. مؤكدا ان «وزارة الدفاع هي المسؤولة عنها وليست الداخلية» في رسالة واضحة الى محافظ البصرة بعدم التفكير بالسيطرة على هذه القصور.

وفي البصرة ذكرت مصادر مطلعة ان احزابا سياسية شيعية تستعد ومنذ اكثر من شهرين للسيطرة على القصور الرئاسية خاصة بعد تصريحات مسؤولين بريطانيين بقرب الانسحاب منها. واشارت هذه المصادر الى ان «ميلشيات مسلحة تابعة لاحزاب شيعية لها نفوذها اتخذت من مواقع قريبة من القصور مقرات لها استعدادا للقتال من اجل السيطرة عليها لكن الفريحي، قائد عمليات الجيش العراقي في البصرة، كان قد حسم اول من امس الموضوع قائلا «مصير القصور سيحدده دولة رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة».

وتعتبر محافظة البصرة أن من حقها الطبيعي ان تتسلم مسؤولية هذه القصور كونها تقع اداريا ضمن مسؤولياتها ولم تعد مؤسسات عسكرية، بينما ترى الاحزاب الشيعية ان من يسيطر على القصور الرئاسية سوف يعلن معنويا سيطرته على الاوضاع السياسية في البصرة. وتقع منطقة القصور الرئاسية في البصرة في منطقة السراجي السياحية جنوب المدينة بمحاذاة كورنيش شط العرب، ونواتها كانت فيلا بناها احد اغنياء البصرة قبل ان يسيطر عليها الرئيس السابق صدام حسين ويفرغ المساحات المحيطة بها لصالح الفيلا ومن ثم ليعلن عن مسابقة معمارية لتصميم اربعة قصور رئاسية ترمز الى مجلس التعاون العربي الذي كان يتكون من العراق ومصر والاردن واليمن، انفك عقده عشية دخول القوات العراقية الى الكويت في الثاني من اغسطس (آب) عام 1990. وكان من المؤمل ان يعقد قادة دول مجلس التعاون مؤتمر قمة في هذه القصور.

يذكر ان معماريا عراقيا كان قد صمم اربعة قصور تشبه الاهرامات وترمز الى مجلس التعاون، لكن صدام حسين اعترض على شكل التصميم وانتهى الامر به الى ان يقترح بنفسه على الدائرة الهندسية في رئاسة الجمهورية شكل القصور التي شيدت على بحيرات داخل القصر بعد ان تم ضم احد انهار البصرة الى القصر ومصادرته.

وانشغل صدام حسين بعيد نهاية الحرب العراقية الايرانية عام 1988 بمتابعة تشييد القصور الرئاسية في البصرة ضمن اشرافه (صدام حسين) على اعادة اعمار المدينة التي كانت اكثر المدن العراقية تعرضا للقصف المدفعي الايراني لقربها من الحدود العراقية الايرانية.

وقد تعرض مجمع القصور الرئاسية خلال أحداث ما أطلق عليها ألان الانتفاضة الشعبانية في حرب الخليج الثانية عام 1991 إلى إعمال نهب وسرقة، إلا إن قوات النظام استعادت سيطرتها على المدينة، وتم إعادة اعمار القصور وتشديد الحراسة فيها الى درجة عدم سماح للزوارق والسفن والبواخر المرور في الشط قبالة القصور قبل الحصول على إذن مسبق.

واختار قائد القوات البريطانية قصر الرئيس العراقي السابق ليكون مقره، بعد دخول قوات التحالف الى البصرة في 16 مارس (اذار) 2003، وهو أحد القصور الرئاسية الأربعة التي تتوسطها بحيرة تتفرع منها جداول مياه، وهو أشبة بمحمية للطيور والحيوانات النادرة.

ونقل رؤساء عشائر ومواطنون التقوا القادة العسكريين البريطانيين في القصر الرئاسي لـ«الشرق الأوسط» انه بالرغم من إبدال القادة العسكريين البريطانيين الذين تولوا مسؤولية قيادة القوات المتعددة الجنسيات إلا أنهم حرصوا جميعا على استخدام كرسي رئيس النظام السابق المزين برأس وذراعي الأسد. وأكد بعضهم أن «حركات القادة البريطانيين وإيماءاتهم من خلف المكتب الرئاسي كانت تتسم بالتعالي والمبالغة في تقليد الرئيس السابق».

ويعد مجمع قصور البراضعية الأحدث من المجمع الرئاسي في منطقة الحكيمية الذي شيد أواسط السبعينات، وقد تعرض الى قصف جوي ابان حرب الخليج الاخيرة بعد اعتقاد قوات التحالف بوجود الرئيس العراقي السابق فيه. وتتخذ قيادة قوات شرطة المحافظة هذا القصر مقرا لها بعد إعادة إعمار أجزاء منه.

وقال محمد سعدون العبادي، رئيس مجلس محافظة البصرة، ان «المجلس صادق على تشكيل لجنة مهمتها متابعة تسلم القصور الرئاسية من اجل تحويلها وتأهيلها إلى مرافق سياحية ومراكز ترفيهية في أوقات لاحقة». وقال للصحافيين «ان موقع القصور الرئاسية، وهي تطل على شط العرب، من شانها أن تكون مرفقا سياحيا وترفيهيا جميلا لعوائل البصرة». يذكر ان مجمع القصور الرئاسية، الذي يضم أيضا القنصليتين الأميركية والبريطانية، كان يتعرض بشكل يومي لقصف بصواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون من قبل جماعات مسلحة مجهولة. ولم يبق للقوات البريطانية وجود غير مطار البصرة الدولي الذي لملمت فيه قرابة خمسة آلاف من جنودها.