حرب فتاوى حول «صلاة العراء» في غزة

رابطة العلماء تمنعها وقاضي القضاة يجيزها

TT

اشتعلت حرب الفتاوى الدينية بين سلطتي رام الله وغزة حول صلاة العراء (الصلاة خارج المساجد، بعد دعوة حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية لإقامة صلاة عامة في كل ساحات الضفة والقطاع يوم الجمعة المقبل احتجاجا على ما سمته «استغلال حماس للمنابر للتحريض والتخوين والتكفير». وادلى شيوخ ورجال دين في المملكة العربية السعودية ومصر بدلوهم في هذه المسألة.

وأصدرت رابطة علماء فلسطين في غزة فتوى بمنع صلاة العراء، وقال مروان أبو راس، رئيس الرابطة لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أفتينا لولي الأمر، بمنع صلاة العراء التي تهدف للتخريب، رغم شرعية الصلاة في الساحات»، وقالت الرابطة في بيان «إن اعتماد الساحات العامة وهجران المساجد فيه محاربة لبيوت الله ونزع لهيبة المسجد وقدسيته، ومع الإصرار على الاستمرار في ذلك فإننا نقول إن هذه الصلاة صلاة خطيرة، ولا يجوز لأحد أن يشارك فيها لا في غزة ولا في الضفة الغربية، تحت أي ستار كان». وأضاف البيان «لهذه الأسباب كلها ولما ثبت بهذه الأدلة ولما هو معلوم عن الكثيرين مما يشاركون في هذه الصلاة أنهم ليسوا من أهل الصلاة، وإنما جاءوا للتخريب والعبث وإثارة الفتن والقلاقل وترويع الآمنين وعودة الفلتان، فإنه من الواجب على ولي الأمر أن يمنع هذه الصلاة وأن يجعلها في المساجد، ودليل ذلك ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من إحراق مسجد ضرار بعد هدمه وتحريم الصلاة فيه، وهذه الصلاة هي شبيهه تماماً بتلك التي فعلها المنافقون». وفي الضفة الغربية رد الشيخ تيسير التميمي، قاضي قضاة فلسطين ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، بجواز الصلاة خارج المساجد في العراء والساحات العامة، مؤكدا أن الجهة الرسمية التي تتولى إصدار الفتاوى والمخولة بها هي فقط المحاكم الشرعية أو دار الفتوى. وأشار التميمي إلى أن الفتوى بعدم جواز صلاة الجمعة في العراء لا تستند إلى نص أو دليل شرعي، مؤكداً أن السنة النبوية القولية والفعلية نصت صراحة على جواز الصلاة في أي مكان، فقد قال صلى الله عليه وسلم «وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ".

وحسب التميمي، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤدي صلاة العيدين والاستسقاء والجنازة خارج المسجد النبوي في مصلى المدينة المنورة الواقع في العراء عند بابها الشرقي. وأضاف التميمي في تعقيبه على فتاوي غزة «إن هذه الفتوى صدرت عمن لا يحق له أن يتصدى للإفتاء، لأن هناك جهات رسمية حددتها المادة 101 من القانون الأساسي التي تنص على اختصاص المحاكم الشرعية بالأمور والمسائل الشرعية». واعتبر سامي أبو زهري، الناطق باسم حماس، أن دعوات قاضي القضاة «لا تسهم إلا في نشر الفتنة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الشيخ التميمي يصدر فتاوى «لخدمة أطراف معينة»، متهما إياه بعدم احترام الأمانة الشرعية.

وكان صالح الرقب، وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في الحكومة المقالة بغزة، قد طالب «بمنع صلاة الجمعة في العراء لكونها غير شرعية». وقال الرقب انه يوجه هذه الدعوة من منطلق الواجب الشرعي باعتبار «أن هذه الصلاة لا تحقق الحكمة التي من أجلها شرعت صلاة الجمعة، وان فيها من اللغو واللعب والهزء الذي يجب صيانة فرائض الدين عنه».

أما مفتي الديار المقدسة الشيخ محمد حسين فدعا الى وحدة الصف والكلمة وتجنب كل ما من شأنه إثارة الفتن بين أبناء الوطن الواحد. وقال ان رسالة المسجد هي الدعوة والتوحيد ونبذ الفتن خاصة في مثل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني والمعقدة امتثالا لقوله تعالى «وإن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا».