تحرك في باريس لفرض عقوبات جديدة على إيران

دبلوماسيون يشككون في تشغيل إيران 3 آلاف جهاز طرد مركزي

TT

رغم الاتفاق الأخير بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران، حول التوصل الى أجندة محددة تلتزم بها طهران، للإجابة عن كل تساؤلات الوكالة بخصوص برنامج طهران النووي، ما زالت باريس تشكك في تعاون طهران وفي أغراض البرنامج النووي الإيراني وهي تسلك، أكثر فأكثر، نهجا متشددا يقربها من الموقف الأميركي.

وأفادت مصادر فرنسية بأن باريس تقوم من جانبها بحملة لدى الدول الأوروبية وغير الأوروبية، لحملها على اتخاذ موقف متشدد من إيران، وحث الشركات الأوروبية والمصارف على وضع حد لاستثماراتها في إيران، ولتمويل العمليات التجارية والاستثمارية مع إيران، بموازاة المجهود الأميركي في هذا السياق.

وقد قام مبعوثان دبلوماسيان فرنسيان بزيارة الى إيران أبقيت طي الكتمان، الغرض منها إيصال رسالة واضحة للقادة الإيرانيين، بخصوص البرنامج النووي الإيراني. ويأتي الحديث عن عقوبات فرنسية أو أوروبية بسبب المخاوف من أن يطول الجدل وتدوم المساومات في مجلس الأمن الدولي حول قرار جديد يفرض عقوبات دولية على طهران.

وأكد مسؤولون فرنسيون تحدثوا الى «الشرق الأوسط» مشترطين عدم ذكر أسمائهم، أن باريس وعواصم غربية تسعى الى افهام القادة الإيرانيين، بأن استمرارهم في برنامجهم النووي ورفض التجاوب مع مطالب مجلس الأمن الدولي، «أمر مكلف للغاية» لإيران سياسيا واقتصاديا وماليا. ولم يستبعد المسؤولون أن يفضي التشدد الإيراني الى عملية عسكرية أميركية، أو غير أميركية «في وقت غير بعيد» ضد المنشآت النووية والآلة العسكرية الإيرانية، وهي تبدي أسفها لموقف «الاستفزاز والتحدي» الذي تتخذه طهران. واعتبرت المصادر الفرنسية، أنه إذا نجحت إيران في الحصول على التكنولوجيا النووية العسكرية «فهذا يعني نهاية نظام حظر انتشار السلاح النووي»، ويعني أن «على الأقل عشر دول، منها البرازيل تركيا وأفريقيا الجنوبية ومصر، ستسعى بدورها للحصول على التكنولوجيا نفسها».

وحذر أحد المسؤولين الفرنسيين من انه «إذا كانت إيران تعتبر أنها قادرة على كسب الوقت عبر الوكالة الدولية للطاقة النووية وخداعها، وبالتالي التوصل الى وضع الأسرة الدولية أمام الأمر الواقع النووي، فإنها تخطئ كثيراً». ورأى مسؤول آخر أن خط إيران قام حتى الآن على التأجيل والمراوغة، ومحاولة إحداث انقسام داخل الأسرة الدولية ومجلس الأمن. وفي هذا الإطار، تقول المصادر الفرنسية، إن إيران تسعى من خلال الاتفاق الأخير مع الوكالة الدولية، الى التأثير على روسيا والصين، وعدد من دول العالم الثالث، وعرقلة توصل مجلس الأمن الى فرض عقوبات إضافية اقتصادية وتجارية عليها. واعتبر المسؤولون ان ايران «مخطئة لاعتبارها أن مشاكل واشنطن في العراق، تكبل يديها في الخليج، وتمنعها من التحرك عسكريا ضد إيران». بعدما اعتبرت هذه المصادر أن وجود تهديد عسكري أميركي ضد إيران «أمر مهم ومفيد في الوقت عينه»، لأنه يفهم الإيرانيين أن الخطر «جدي»، وأضافت أنه «يتعين على الإيرانيين التخلي عن أوهامهم: الحرب ضدهم قادمة لا محالة، إذا تبين أنهم يضربون عرض الحائط بمطالب مجلس الأمن الدولي، أو أنهم اقتربوا من الوصول الى عتبة انتاج السلاح النووي». وأكد المسؤولون ان الرئيس الأميركي جورج بوش أو أي رئيس اميركي آخر «لا يستطيع أن يقبل قيام إيران نووية». وفي الوقت الراهن، تعتبر باريس أن خيار العقوبات على إيران في مجلس الأمن الدولي، والضغوط الموازية لها سياسياً واقتصادياً هي «الطريق الوحيدة المفيدة» لحمل إيران على التجاوب مع مجلس الأمن وتنفيذ المطلوب منها بموجب القرارات الدولية.

من جهة اخرى، قال دبلوماسيون غربيون مطلعون على عمليات التفتيش التي تجريها الأمم المتحدة في طهران، انه لا يوجد دليل يؤكد ما أعلنه الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، من ان ايران تشغل 3000 جهاز للطرد المركزي، الأمر الذي يعني انه يمكنها انتاج كميات كبيرة من الوقود النووي. ويقول خبراء في المجال النووي، ان تشغيل 3000 جهاز للطرد المركزي فترات طويلة في نفس الوقت من دون عقبات وبسرعة تفوق سرعة الصوت، قد يؤدي الى انتاج كميات كافية من اليورانيوم المخصب لتصنيع قنبلة ذرية خلال عام، لكن ايران تقول انها لا تعتزم صنع أسلحة ذرية.

ويتناقض اعلان أحمدي نجاد «تشغيل» 3000 جهاز طرد مركزي، مع أحدث تقرير دوري للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن ايران، حيث جاء فيه أن 2000 جهاز للطرد المركزي فقط تستخدم في تخصيب اليورانيوم في محطة «نطنز» النووية عند منتصف الشهر الحالي.

وأفاد تقرير الوكالة الدولية المؤرخ 30 من أغسطس (آب) بأن القليل من تلك الأجهزة عدا الأجهزة الألفين، يعمل في التخصيب، وحتى الألفا جهاز الموجودة في المحطة الرئيسية، تعمل بطاقة تقل كثيرا عن طاقتها القصوى.