نظام القوائم الحزبية يختزل الساحة السياسية الروسية ويضمن إعادة انتخاب بوتين

اختيار خليفته وراء تأجيل انطلاق الحملة الانتخابية لـ«الدوما»

TT

رغم إعلان الرئيس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الاحد الماضي للثاني من ديسمبر (كانون الأول) المقبل موعدا للانتخابات البرلمانية بما يعني رسميا بدء الحملات الانتخابية، فان الاوساط الحزبية والرسمية في الساحة الروسية لم تكن تستطيع بدء هذه الحملات قبل نشر المرسوم الرئاسي في الجريدة الرسمية «روسيسكايا غازيتا» التي تأخرت في ذلك الى جانب عدم وصول المرسوم ممهورا بتوقيع بوتين الى مجلس الدوما حتى الامس لأسباب «فنية» حسب تصريحات مصادر الكرملين. وعزا المراقبون ذلك الى الجدل الذي يحتدم بين اوساط الحزب الحاكم «الوحدة الروسية» حول قوائمه الحزبية وما يقال حول ضرورة ان تشمل اسماء المرشحين لخلافة بوتين. إلا ان الجدل لا يعصف بالحزب الحاكم وحده بل طال بقية الاحزاب الرئيسية في الساحة السياسية الروسية التي تواصل معاركها من اجل استقطاب نجوم الاحزاب المنافسة الى صفوفها. وكان حزب «العدالة الروسية» (يسار الوسط) بزعامة سيرغي ميرونوف رئيس مجلس الاتحاد قد نجح في استمالة الكسي ميترافانوف، الشخصية الثانية في الحزب الليبرالي الديمقراطي المعروف باسم حزب جيرينوفسكي الى صفوفه، في الوقت الذي يواصل فيه محاولاته لاستقطاب نجوم الحزب الشيوعي الروسي بما يسمح لاحقا بتقويض مواقعه وابتلاع الحزب الليبرالي الديمقراطي تجسيدا لحلم الرئيس الروسي بإقرار نظام الحزبين الكبيرين. وكان الحزب الذي تشكل من الاحزاب الثلاثة «الحياة» و«الوطن» و«حزب المتقاعدين» سبق أن حظي بدعم الرئيس الروسي الذي يبدو مؤيدا للتخلص من الاحزاب الصغيرة والتحول الى نظام الحزبين ـ يمين ويسار الوسط. وترى اوساط المراقبين ان الغالبية الساحقة من الاحزاب الخمس عشرة المسجلة لن تستطيع تمرير مرشحيها الى مجلس الدوما بسبب القانون الجديد الذي ينص على اجراء انتخابات الدورة الجديدة وفق نظام القوائم الحزبية وتحديد نسبة 7% حدا ادنى للفوز، مما يعني عمليا ان الفوز لن يكون حليفا للاحزاب الاربعة. وقد اشارت استطلاعات الرأي الى ان «حزب الوحدة» الحاكم مرشح للحصول على قرابة 50 في المائة من اصوات الناخبين بما يضمن له اغلبية مقاعد الدورة القادمة، مقابل 18 ـ 20% للحزب الشيوعي الروسي، و8 ـ 10% لحزب «العدالة الروسية» الى جانب تأرجح الحزب الليبرالي الديمقراطي عند حاجز السبعة في المائة من الاصوات. اما عن فرص ترشح المستقلين، فينص قانون الانتخابات الجديد على حق المستقلين في الترشح بنسبة لا تزيد على خمسين في المائة من القوائم الحزبية بوصفهم مناصرين لافكار الحزب لا كأعضاء فيه. ويتوقع المراقبون ضآلة فرص فوز أي من الاحزاب اليمينية مثل «تحالف القوى اليمينية» و«يابلوكو» (1-4%) وبقية الاحزاب الصغيرة التي سيكون نصيبها اقل من الواحد في المائة. وكانت اللجنة المركزية للانتخابات قد نشرت امس قائمة هذه الاحزاب التي تضم الى جانب الاحزاب المشار اليها كلا من «الحزب الديمقراطي الروسي» و«حزب الخضر» و«الحزب الزراعي» وحزب «العدالة الاجتماعية» و«القوى القومية» و«قوى المجتمع المدني» وحزب «البعث الروسي» (الصحوة الروسية) و«الاتحاد الشعبي». وتشير التوقعات الى انحسار عدد الناخبين في الانتخابات المرتقبة عن الدورات الانتخابية السابقة بعد اقرار القانون الذي يعترف بشرعية الانتخابات بأي عدد من الاصوات على غرار الكثير من الدول الغربية بعد ان كان القانون السابق يحدد المشروعية بنسبة لا تقل عن خمسين في المائة زائد واحدا من اصوات المسجلين في القوائم الانتخابية، والذين يبلغ عددهم في روسيا قرابة المائة وثمانية ملايين ناخب. واعلن فلاديمير تشوروف رئيس اللجنة المركزية للانتخابات اعتبار نهاية اكتوبر (تشرين الأول) المقبل موعدا نهائيا لتقديم الاحزاب المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة لقوائمها الانتخابية. وكان بوريس غريزلوف رئيس مجلس الدوما واحد الرؤساء المناوبين لحزب الوحدة الحاكم استهل الجلسة الافتتاحية للدورة الخريفية الاخيرة للمجلس الحالي بالتحذير من محاولات الترويج لاقرار القوانين الجدية ذات الطابع الشعبوي، مؤكدا انه والاغلبية الحزبية لن يسمحا بذلك، فيما دعا الاعضاء الى الابتعاد عن استخدام منصة الدوما لصالح مآرب انتخابية. ويقول المراقبون ان الانتخابات المقبلة لا بد ان تساهم الى حد كبير في الكشف عن المرشح لخلافة الرئيس بوتين في الانتخابات الرئاسية المقررة في الثاني من مارس (آذار) المقبل، بينما لا بد ان تكون ضمانا لنهج الرئيس الحالي بما يسمح بإعادة انتخابه في الانتخابات التالية اي في عام 2012 وهو ما يراهن عليه الكثيرون من اركان النظام الحالي.