هجوم انتحاري جديد ضد ثكنة يخلف 28 قتيلاً في الجزائر

المعتدون يكررون استخدام سيارة مسروقة مخصصة لتزويد العسكريين بالمؤن

عسكريون يسيرون قرب الحطام الذي خلفه الهجوم على ثكنة في دلس شرق العاصمة الجزائرية أمس (ا.ب)
TT

قتل 28 شخصاً وجرح نحو 60 آخرين في هجوم انتحاري استهدف ثكنة عسكرية في مدينة دلس الواقعة شرق العاصمة الجزائرية أمس، وذلك بعد ثلاثة أيام على هجوم دموي مماثل في مدينة باتنة.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أمنية محلية أن المهاجم الانتحاري استخدم سيارة فان من نوع «رينو جي 9»، واخترق بها المدخل الخلفي لثكنة تابعة لسلاح البحرية في دلس (80 كلم شرق العاصمة) قبل أن يتوغل نحو عشرين مترا داخلها ثم يفجر سيارته. واتضح أن السيارة سرقت قبل يوم من تنفيذ اعتداء أمس، وهو نفس السيناريو الذي استخدم في الاعتداء الذي استهدف ثكنة بمنطقة الأخضرية (80 كلم شرق العاصمة) في 11 يوليو (تموز) الماضي.

وانفجرت السيارة داخل الثكنة المؤلفة من شاليهات جاهزة وقد تفجرت غالبيتها بسبب قوة الانفجار. وانتشر الحطام وبقايا الاخشاب والاسمنت على بعد مئات الامتار من مكان الانفجار. ووصلت قطع الثياب والحقائب الى اعمدة شبكة الكهرباء والسياج المحيط بالمرفأ. وشوهدت سيارات الاسعاف والمروحيات تروح وتجيء الى مكان الانفجار. وتم تطويق المرفأ وانتشر رجال شرطة مكافحة الارهاب في المكان. واتخذت قوى الامن مواقع لها في المدينة، في حين كان السكان المذهولون يحاولون الاستعلام من رجال الشرطة الغاضبين. وروى سكان أجواء الهلع التي خلفها الاعتداء، فقال سعيد حمداوي، 28 عاما: «سمعت انفجارا قويا في حدود الساعة الثامنة صباحا واكتشفت أنه استهدف ميناء المدينة. وعلى الأرجح منشأة عسكرية هناك». وأضاف: «ثم سمعنا أصوات سيارات الإسعاف».

وتقع مدينة دلس على سفح جبل سيدي علي بوناب المعروف بغاباته الكثيفة، وهي تتبع إداريا ولاية بومرداس، المنطقة التي يدرجها تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي» ضمن الولاية الثانية في تقسيمه الخاص لمناطق نشاطه. وكانت دلس مسرحا لعدد من الاعمال الارهابية في السنوات الماضية.

وجاء اعتداء أمس غداة العملية الانتحارية التي استهدفت تجمعاً شعبياً كان في انتظار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مدينة باتنة (430 كلم جنوب شرقي العاصمة) وخلفت 22 قتيلا وأكثر من 100 جريح.

وأشار متابعون للشأن الأمني إلى أن اعتداء أمس يحمل بصمات «تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، ورجحوا صدور بيان عن هذا التنظيم للعملية في وقت قريب. واعتبر المتابعون أن التنظيم ربما أحجم عن تبني عملية باتنة بسبب سقوط مدنيين فيها، بينما قد يسارع لتبني عملية دلس لأنها استهدفت ثكنة عسكرية.

ومنذ 11 ابريل (نيسان) الماضي، شهدت الجزائر عددا من العمليات الانتحارية؛ ابرزها عمليتان استهدفتا في الوقت نفسه مقر الحكومة (وسط الجزائر) ومركزا للشرطة في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية واسفرتا عن 30 قتيلا و200 جريح. و11 يوليو الماضي، استهدف هجوم انتحاري بشاحنة مفخخة ثكنة للجيش في الأخضرية، مما اسفر عن مقتل عشرة عسكريين وجرح 35 آخرين. واعلن «تنظيم القاعدة» الذي كان يعرف في السابق بالجماعة السلفية للدعوة والقتال، مسؤوليته عن تلك الاعتداءات.

وفي أول تعليق له على عمليتي باتنة ودلس، قال رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم أمس إن منفذي العمليات الإرهابية لن يحققوا شيئا مما يريدون، وان الإرهاب ببلاده في تقهقر. وقال بلخادم لصحافيين إن «الأعمال الجبانة الأخيرة دليل على أن الإرهاب في تقهقر ووصل إلى مرحلته الأخيرة رغم الآثار من الآلام الموجعة والمؤلمة التي استهدفت الأبرياء». واضاف: «لكن لا يؤمن الغادر فهؤلاء (المنفذين) غدروا بشعبهم وأمتهم». وأضاف أن «الرئيس بوتفليقة رفع شعار المصالحة الوطنية وأقام الحجة على الجميع كما فتح باب السبيل على الفئة الضالة من اجل الرجوع إلى أحضان المجتمع». ثم تساءل: «ماذا يعني استهداف الأبرياء في ثكنة أو في موكب للرئيس؟. لقد فشلوا في كل أهدافهم، فشلوا في استهداف الرئيس كما فشلوا في النيل من مسعى المصالحة الوطنية، لن يحققوا شيئا مما يريدون». وكان وزير الداخلية يزيد زرهوني قد أكد من باتنة أول من أمس أنه لم يعد أمام المسلحين سوى خيار وحيد «الاستسلام او الموت».