إيران توصل رسائل سياسية عبر مسلسل تلفزيوني عن «الهولوكوست»

أضخم انتاج في تاريخ التلفزيون الرسمي يتناول قصة حب بين مسلم ويهودية

TT

انشغل الشعب الإيراني خلال الأشهر الثلاثة الماضية بمسلسل درامي، يبث مساء كل يوم اثنين، حتى ان شوارع طهران المزدحمة باتت تخلو عند الساعة عاشرة مساءً اسبوعياً، حين تجتمع العائلات الايرانية لمتابعة البرنامج. ومن المثير ان احداث المسلسل تدور حول محرقة اليهود في اوروبا «الهولوكوست» وعن قصة حب بين شاب ايراني مسلم وحبيبته اليهودية الفرنسية. من جهة، يظهر المسلسل مساعدة السفارة الايرانية لعدد من اليهود في فرنسا ونقلهم الى ايران، ليهربوا من النظام «النازي» الذي احتل فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، بينما يظهر انتقادات واسعة لإنشاء دولة اسرائيل والتفكير الصهيوني. ويحاول النظام الايراني ارسال رسالة واضحة مغزاها انه ضد اسرائيل، ولكن ليس ضد اليهود، خاصة وان 25 الف يهودي ما زالوا يسكنون في ايران. وقال مخرج المسلسل حسن فتحي لصحيفة «ذا وال ستريت جورنال»: «الايرانيون دوماً فرقوا بين اليهود العاديين والأقلية من الصهاينة». ويذكر ان فتحي، وعمره 48 عاماً، مخرج معروف لمسلسلاته التاريخية. وشرح للصحيفة الأميركية انه قرر اخراج المسلسل الذي يحمل اسم «استدارة درجة الصفر» بعدما قرأ كتاب تاريخ عن القائم بالاعمال في السفارة الايرانية في باريس خلال الحرب العاملية الثانية، عبد الحسين سرداري، الذي انقذ الآلاف من اليهود الاوروبيين من محارق النظام النازي بمنحهم جوازات مزورة ايرانية وادعائه بأنهم ايرانيون لينقلهم الى وطنه. وتدور احداث المسلسل حول مساعدة شاب من والدين (ايراني وفلسطينية) يقع في حب يهودية فرنسية، ليهرب عائلتها إلى ايران وينقذهم من «الهولوكوست». وتابع أن المسلسل يعتبر «اضخم انتاج» في تاريخ التلفزيون الايراني، مما جعله متميزاً في اداء ممثليه الذين يعتبرون من نجوم ايران، وكذلك التصوير. واهتمت هيئة الإذاعة الإيرانية، التي يشرف عليها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بقصة فتحي اذ اعطته ميزانية ضخمة سمحت بتصوير المسلسل بين باريس وبودبست وطهران. ولم يفصح عن التكلفة النقدية للمسلسل، الا انها أخذت صدى كبيرا في ايران، ومن المتوقع ان تباع الى قنوات أجنبية بعد الانتهاء من بث حلقاتها على القناة الأولى الإيرانية الشهر المقبل. واكد النائب اليهودي الوحيد في البرلمان الإيراني موريس معتمد لـ«وال ستريت جورنال»: «المسلسل يشدني، اينما كنت مساء الاثنين، أحرص على العثور على جهاز تلفزيون لمتابعته»، مضيفاً: «وهذا ما يفعله كل يهودي اعرفه هنا». ويعتبر بث المسلسل الذي يجسد معاناة اليهود اثناء الحرب العالمية الثانية، محاولة من النظام الايراني لإبعاد شبهة المعاداة للسامية، التي اتهم بها بسبب تصريحات الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ضد اسرائيل. وبينما كان احمدي نجاد شكك بحجم المحرقة في السابق واعتبرها «مبالغة»، يثبت هذا البرنامج اعتراف النظام بالمحرقة. واهتمت الصحف الاسرائيلية بهذا المسلسل، وكتبت عنه في الأسابيع الماضية. وعلق عدد من الإيرانيين على المسلسل، المكون من 22 حلقة بدأ بثها في الربيع الماضي، في مدوناتهم الالكترونية على الانترنت. وكتب محمد م، على موقع «شباب الشرق الأوسط» الاكتروني: «اصدقائي واقاربي مهتمون بالقصة الرومانسية والديكور الجميل، أكثر بكثير من الرسائل السياسية الضمنية»، مضيفاً: «الأمر الوحيد الذي يتنبه اليها الناس هو أن الايرانيين لم يكونوا معادين لليهود، في وقت كان هؤلاء يعانون من معاداة السامية في اوروبا».