أحمد الجلبي لـ«الشرق الاوسط»: مطلوب تشكيل حكومة لكل العراقيين

زعيم المؤتمر الوطني العراقي: الانتخابات كانت عبارة عن عملية استفتاء طائفي.. الشيعة انتخبوا الشيعة والسنة انتخبوا السنة

الجلبي: المحاصصة غير مجدية («الشرق الأوسط»)
TT

قد يبدو من الغريب أو النادر أن تجد سياسيا عراقيا متفائلا بالأحداث الجاريه في بلده ويعتقد بحلها.. أو انه يرى مستقبلا مشرقا وواضحا، رغم ما يجري حوله؛ ذلك هو الدكتور أحمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي الذي يجلس اليوم على مقاعد «الاحتياطي» في «ديربي» السياسة في بلاده إن «جاز التعبير» الرياضي في هذا المقام، السياسي، رغم انه كان «الحصان الاسود»، الذي راهن عليه الاميركان، وأبرز من دافع وكرس لقانون تحرير العراق. لكن الجلبي يبرر لموقفه الحالي بالقول ان «عمليات التغيير السياسي عبر التاريخ ليس بالضرورة ان الذين يقومون بالتغيير هم الذين يتسلمون المسؤولية بعده». ومع ذلك فهو متفائل.

الجلبي كشف لـ«الشرق الاوسط» في حديث مطول جرى في شقته وسط لندن، بأن قادة المعارضة كانوا قد قرروا تشكيل حكومة عراقية مؤقتة بعد تغيير نظام صدام حسين مباشرة، لكن الإدارة الاميركية رفضت ذلك بقوة، وقامت بتعيين بول بريمر حاكما مطلقا. واعترض الجلبي على موضوع المحاصصة الطائفية في العراق بالرغم من انه اول من أسس «البيت الشيعي»، وقال انه ثبت أن «المحاصصة الطائفية والاصطفاف الطائفي غير مجد بحكم العراق»، وطالب بتشكيل حكومة لكل العراقيين، تدافع عنهم في كل مكان في الداخل والخارج، مشيرا الى ان «الانتخابات الاخيرة كانت عبارة عن عملية استفتاء طائفي، الشيعة انتخبوا الشيعة والسنة انتخبوا السنة». وتحدث الجلبي عن «فشل الأداء الأميركي في العراق»، قائلا ان الادارة الاميركية فشلت أمنيا وسياسيا، رغم التصريحات من البيت الأبيض التي ترى غير ذلك. الحديث مع الجلبي المتحمس لاجتثاث البعث، يتميز بردود غير تقليدية، وما يميزه أكثر هو حرصه على ذكر الأرقام والإحصائيات الدقيقة خاصة فيما يتعلق بالنفط والاقتصاد العراقي. الجلبي متفائل بحل للوضع العراقي اعتمادا على قدرة العراقيين، وتفاؤله هذا يفسر سر ابتسامته بالرغم من صعوبة الظروف التي يمر بها البلد. وهنا نص الحوار:

* كيف ترى الوضع العراقي اليوم؟

ـ أنا متفائل من الوضع في العراق، ذلك أن خطة فرض القانون حققت نتائج جيدة، الاقتتال الطائفي انخفض، كما جاءت دعوة مقتدى الصدر الى جيش المهدي لعدم الظهور لمدة ستة أشهر لتساعد في تهدئة الأوضاع. لقد عملنا منذ بداية تنفيذ خطة فرض القانون على اتفاق بين التيار الصدري والقوات العراقية والقوات المتعددة الجنسيات لتهدئة الاوضاع في مدينة الصدر، لكن الاتفاق لم يتحقق بسبب مقتل أحد مهندسي الاتفاق وهو العقيد محمد الفريجي. الآن اعتبر دعوة الصدر إيجابية، كما ان ردة الفعل في المناطق الغربية ضد «القاعدة» ومواجهتها يعتبر عنصرا مهما في تخفيض نسبة الإرهاب السياسي في العراق.

* هل تنظر الى العملية السياسية بهذه الروح من التفاؤل؟

ـ في الوضع السياسي الصورة تبدو أكثر ضبابية، هناك آراء مختلفة وتوقعات أميركية تصطدم في الواقع العراقي، وهذا ما يثير الضجة ويسبب المشاكل في العمل السياسي. رئيس الوزراء (نوري المالكي) يسعى بقوة الى تحقيق تفاهم سياسي وهو يعمل مع الأطراف الأخرى بهذا الاتجاه وقد أظهر مرونة في التعامل مع رئاسة الجمهورية (الرئيس ونائبيه) حول قضية الاستماع الى آرائهم في ادارة الدولة، وهذا يدعم العملية السياسية ويسمح بمجال للرئاسة، التي لها ثقل سياسي ومعنوي في العراق، للمشاركة في صنع القرار.

* وماذا عن الأداء الحكومي؟

ـ هناك مشكلة في مسألة الأداء الحكومي، هناك انسحابات واستقالات من مجلس الوزراء وهذا يلقي بظلاله السياسية سلبيا على الأداء الحكومي. المهم هو موضوع الأداء، وهذا يعتمد على الوضع الامني، والأداء الإداري هو تحت المطلوب. ورئيس الوزراء قبل بالمحاصصة الطائفية بينما يسعى لان تكون حكومته فاعلة وقديرة، وهذا كله يصطدم بالواقع الراهن. نعم الأداء ضعيف والدولة بحاجة الى ميزانية كبيرة مع ان هناك ضعفا في الإنفاق، وهذا يقودنا الى ترابط كل مؤسسات الدولة لإنجاح الأداء.

* وماذا عن سوء الخدمات المقدمة للمواطن، الكهرباء وشح الوقود، مثلا؟

ـ دعني أذكر مثلا وزير الكهرباء الذي بذل جهدا كبيرا لإصلاح وإعادة بناء محطات توليد الطاقة الكهربائية وجعلها قادرة على إنتاج 6 آلاف ميغاواط من الكهرباء يوميا، لكن بغداد محرومة من الطاقة الكهربائية بسبب تفجير خطوط الضغط العالي من قبل الارهابيين. وزير الكهرباء لا يستطيع القيام بعمليات عسكرية لحماية خطوط الضغط العالي، هذا واجب القوات العراقية والمتعددة الجنسيات.

الموضوع الآخر الذي يتعلق بالكهرباء هو الوقود الذي تحتاجه محطات توليد الطاقة الكهربائية والذي من الصعب إيصاله الى المحطات، لهذا نرى مهما كان وزير الكهرباء، مثلا، ناجحا فان المواطن لا يلمس هذا النجاح، العراقي يريد أن يصل التيار الكهربائي الى بيته وهذا هو مقياس نجاحه.

المسألة الخدمية الأخرى هي موضوع الوقود، العراق يحتاج الى 22 مليون ليتر من البنزين ومثلها من زيت الغاز، وإنتاج محطات تصفية الوقود غير ثابت. في العراق 3 مصاف رئيسية، وهي مصفاة بيجي ومصفاة الدورة ومصفاة البصرة، مصفاة بيجي تحتاج يوميا الى 280 ألف برميل من النفط الخام، والدورة والبصرة بحاجة الى 90 ألف برميل من النفط الخام لكل منهما والأنابيب التي توصل النفط الى تلك المحطات غالبا ما يتم تفجيرها، كما يتم تفجير الصهاريج الناقلة للنفط الخام لهذه المصافي، بل ان افواج حماية هذه الانابيب كانت هي السبب في تفجير وتعطيل عمل الأنابيب وإيصال النفط. ما تنتجه مصافي بيجي من وقود لا يصل الى بغداد بسبب ما ذكرته عن تفجير الانابيب والصهاريج الناقلة، وما تنتجه مصافي الدورة محدود جدا، وهناك خط أنابيب استراتيجي يربط بين البصرة ومدينة حديثة لنقل النفط الى البحر المتوسط وهذا معطل، هناك 3 خطوط أنابيب لنقل النفط من البصرة الى بغداد واثنان منها معطلان، وما يصل الى مصافي الدورة هو من 50 الى 60 ألف برميل من النفط الخام يوميا، أي أقل من 60 % مما تحتاجه طاقة المصافي، وهذا يعني أن العراق بحاجة الى استيراد 10 ملايين لتر من البنزين يوميا، وفي حالة الاستقرار الامني سيرتفع الرقم الى 20 مليون لتر، والحدود البرية الوحيدة التي يصلنا عبرها النفط هي عبر ايران فقط.

أريد ان اصل الى حقيقة هي ان هناك خططا وضغوطا وعملا من قبل الارهابيين والصداميين بحصار بغداد ومنع وصول الوقود والكهرباء اليها، وهذه الخطط بدأت منذ 2003 مع بداية العمل الارهابي والصدامي ضد الوضع الجديد في العراق. هذا الوضع يعمل على توتير الأمور وتأزيمها في بغداد؛ فسكان العاصمة عانوا هذا الصيف، وما يزالون، من انقطاع التيار الكهربائي ووصول الماء الصافي الى بيوتهم بالرغم من الجهود التي بذلها أمين العاصمة في إيصال الماء الصافي الى السكان في جانب الكرخ الذي انقطع بسبب إشكال في التنسيق بين الأمانة والكهرباء.

* ولماذا لم تستوردوا النفط من الكويت أو السعودية؟

ـ فيما يتعلق بالكويت هناك مشكلة مالية غير مهمة سيتم حلها؛ وهي التي أخرت اتفاقنا معهم لاستيراد الوقود منهم، والطريق مسدود أمام استيراد أو توريد النفط عبر السعودية وتركيا وسورية.

* أين هو احمد الجلبي من الأوضاع السياسية، أنتم من دعمتم وعملتم بقوة يوم كنتم في المعارضة قانون تحرير العراق ودافعتم عنه، واليوم أنت خارج الحكومة والبرلمان؟

ـ انا موجود في العراق. في عمليات التغيير السياسي عبر التاريخ ليس بالضرورة ان الذين قاموا بالتغيير هم الذين يتسلمون المسؤولية بعد التغيير. التغيير السياسي في العراق أصبح له ثمن سياسي دفعه الذين قاموا به. حتى المسؤولين الاميركيين خاضوا سجالات وتبادلوا الاتهامات بشأن مرحلة التغيير في العراق، وآخرها كان السجال الذي تم بين الرئيس بوش والسفير بول بريمر حول مسألة حل الجيش العراقي، وديك تشيني قال صراحة إننا أخطأنا بعدم الاهتمام برأي المؤتمر الوطني الذي يتعلق بتشكيل حكومة عراقية مؤقتة ذات سيادة عند التغيير ويعترف بها من قبل العالم.

كنا قد خططنا في مؤتمر صلاح الدين في شباط 2003 وقبل تغيير نظام الحكم في العراق، تشكيل حكومة عراقية مؤقتة ذات سيادة ويعترف بها وتكون طرفا في عملية تحرير العراق، الادارة الاميركية أرسلت سفيرها زلماي خليلزاد الى صلاح الدين مع تعليمات مشددة بمنع تشكيل هذه الحكومة، بينما أصررنا نحن على تشكيلها عندها قوبلنا بإصرار أميركي بعدم التعامل مع هذه الحكومة، وقد رضخنا أمام ضخامة الحشود العسكرية الاميركية والثقل السياسي الذي تلعبه اميركا عالميا، لهذا قمنا بتشكيل قيادة سياسية. وبعد أقل من شهر من دخول القوات الاميركية الى العراق، وفي الاسبوع الأول من شهر مايو(ايار)، وفي اجتماع في بغداد ضم قادة المعارضة، أعلن زادة أن فكرة تشكيل حكومة عراقية مؤقتة تتمتع بسيادة هي فكرة صائبة، وذهب (زادة) الى واشنطن لمفاتحة الادارة الاميركية بهذه الفكرة، لكنه فوجئ بتعيين بريمر حاكما مطلقا في العراق وان دوره (زادة) قد انتهى في العراق. وتأكيدا لكلامي كنت قد كتبت مقالا نشر في صحيفة اميركية في 19 فبراير (شباط)2003، أي قبيل الحرب، طالبت فيه صراحة بتشكيل حكومة عراقية مؤقتة وحذرت من نتائج إعلان احتلال العراق.

* لكنكم من أبرز من دفع باتجاه إصدار قانون تحرير العراق الذي يعتبر أحد أبرز أسباب الحرب؟

ـ عملنا السياسي في المعارضة وكمؤتمر وطني لم يدفع باتجاه الحرب ودخول القوات الاميركية الى العراق، بل كنا نطالب بدعم جهود المعارضة لإسقاط نظام صدام حسين، وهذا هو فحوى قانون تحرير العراق الذي لم يتحدث عن دخول قوات اميركية تقوم بتغيير النظام ولم نطالب بشن حرب على العراق، كنا نطالب بتقديم مساعدة أميركية للشعب العراقي ليقوم هو بعملية التغيير، لكن صوتنا ضاع في خضم الصراعات السياسية الاميركية، وهكذا شكلت الحرب والاحتلال أكبر مشكلة تاريخية.

* ومن يتحمل مسؤولية قانون اجتثاث البعث؟

ـ كانت هناك ضرورة للتصدي لحزب البعث، وهكذا طرحنا فكرة اجتثاث البعث وفق ضوابط معينة ومنذ كنا في المعارضة وقبل مؤتمر لندن 2002. كانت هناك 3 أهداف للاجتثاث، وهي: منع البعثيين من الالتفاف والسيطرة على السلطة مجددا في العراق، وتفادي ما حصل في انتفاضة مارس (آذار) 1991، حيث قالوا ان المنتفضين قاموا بعمليات انتقام عشوائية ضد البعثيين، والهدف الثالث هو اننا أردنا عزل الغالبية الساحقة من البعثيين عن حزب البعث كتنظيم سياسي، بحيث أن الأغلبية تعود الى الحياة الاعتيادية وتأخذ دورها في الوضع الجديد وتدمير تنظيمات البعث. وأعتقد أننا نجحنا في تحقيق هذه الاهداف الى حد كبير حيث أبعدنا الكثير من البعثيين من حملات الانتقام، وعاد غالبية منهم الى دوائر الدولة. عدد البعثيين كان مليونا و200 ألف، أعني الأعضاء العاملين في الحزب، 32 الفا منهم طلبوا التقاعد وتمت الموافقة على طلبهم، و15 ألفا طلبوا استثناءهم من قانون الاجتثاث وايضا تمت الموافقة على طلباتهم و14 ألفا من أعضاء الفرق في الحزب (عضو الفرقة درجة حزبية متقدمة جدا في تنظيمات البعث) لم يراجعوا الهيئة. في شهر مارس (آذار) عام 2006 تقدمت هيئة اجتثاث البعث بمشروع يقضي بحصول اعضاء الشعبة (درجة تنظيمية تسبق عضو الفرقة في البعث) على التقاعد او امكانية عودتهم الى الوظيفة، وذلك بعد موافقة الهيئة ورفع طلبهم الى رئاسة مجلس الوزراء. الذين بقوا من المشمولين بقرارات الهيئة هم 1500 بعثي، وإذا صار التعديل الأخير قد يراجعوا الهيئة، هذا كله من شأنه منع عودة حزب البعث الى السلطة.

* في ظل هذه الاوضاع ما هو برنامجكم السياسي؟

ـ أي عملية سياسية او برنامج سياسي يجب ان يتم في ظل الدستور والقوانين، حتى التعديلات الدستورية وتعديل ما معترض عليه في الدستور يجب ان يتم وفق الدستور ذاته. لقد ثبت أن المحاصصة الطائفية والاصطفاف الطائفي غير مجد بحكم العراق، وان قائمة الائتلاف العراقي الموحد الاولى كانت ضرورية لتمرير الدستور وكان للمرجعية الدينية (الشيعية) دور مهم في عملية تمشية الدستور. الدستور لحماية العراقيين بلا تمييز، والمجال مفتوح للعمل السياسي ليس على أسس طائفية بل على أساس مشاريع برامج سياسية. ما حدث من انتخابات هي ليست انتخابات بل كانت عمليات استفتاء طائفي، الشيعة انتخبوا الشيعة والسنة انتخبوا السنة. اما البرنامج السياسي الذي نعمل في سبيله فهو يعتمد على تشكيل تكتلات سياسية وفق برنامج وطني عراقي وليس وفق اسس عشائرية او طائفية ووضع خطة واضحة لادارة الدولة والاهتمام بخطط اقتصادية توفر فرص عمل لمئات الآلاف من العاطلين عن العمل؛ فهناك برنامج لمؤسسة التنمية العقارية التي تمول من قبل الدولة برأس مال ضخم وتكليف مقاولين من القطاع الخاص لبناء آلاف الوحدات السكنية فوق أراض تابعة للدولة خارج المدن وتملك بقروض مريحة للمواطنين؛ فهذا يحل مشاكل السكن ويحرك الوضع الاقتصادي ويساعد على القضاء على البطالة ويشجع الاستثمارات. وعلى مستوى النفط فان امكانية العراق إنتاج وتصدير 4 ملايين نفط يوميا وبإمكانه زيادة الانتاج الى 8 ملايين برميل يوميا الى نهاية القرن الحالي فيما اذا تم استثمار 150 مليار دولار لتنمية المشاريع النفطية خلال 4 سنوات، ويجب ان يكون للمواطن العراقي عائد مالي مباشر من النفط. الحكومة العراقية تتحمل اليوم دفع رواتب اكثر من 3 ملايين و400 ألف موظف ومتقاعد، في حين كان عدد الموظفين والمتقاعدين في السنة الاولى بعد تغيير النظام مليونا و900 ألف، ذلك ان فرص العمل خارج نطاق الحكومة محدودة.

اما الموضوع الامني فيجب ألا يتم حله عن طريق استخدام القوة، بل عن طريق الحوار والتفاهم، وخير مثال على ذلك ان أبناء الأنبار قاوموا بأنفسهم الإرهاب وليس عن طريق الحملات العسكرية. ويجب الالتزام بالدستور وتطبيق القوانين ودعم القضاء واستقلاليته. هذا برنامج يمكن ان تتفق عليه أطراف سياسية كثيرة والابتعاد عن نظام المحاصصة.

* لكنكم اول من أسستم لنظام المحاصصة الطائفية ودعمتم الاتجاه الطائفي من خلال تأسيسكم للبيت الشيعي؟

ـ انا أسست البيت الشيعي من أجل الدستور للاسراع بتمشية الدستور، لقد أسست لكتلة شيعية من اجل الدستور، نعم صار هناك اتجاه طائفي ولكننا ربحنا الدستور، وهو موضوع مهم ويمكن معالجة النتائج السلبية. مثلما قلت ان الانتخابات التي جرت في العراق هي عبارة عن استفتاء طائفي، والحكومة تملك الشرعية لكنها لا تملك الأداء، وهذا ناتج موضوع الانتخابات التي تمت على أساس القوائم، بحيث ان العراقيين انتخبوا قائمة وغالبية منهم لا يعرف انتخب من، ونحن نطالب بتعديل قانون الانتخابات على أساس القوائم الفردية كما هو الحال في بريطانيا والولايات المتحدة والعراق، كما كان في العهد الملكي وكذلك في عهد البعث.

* كيف تقيمون الأداء الأميركي في العراق؟

ـ الأداء الاميركي في العراق فاشل. أميركا صرفت ما يقرب من تريليون دولار خلال 4 سنوات في العراق ثم يأتي الرئيس بوش ليشيد بانتصارات مجلس انقاذ الانبار الذي لا تقارن قوته وامكانياته بالقوات الاميركية على الاطلاق. اميركا لم تنجح عسكريا ولا سياسيا في العراق، وهم غالبا ما يطلقون الشعارات ويروجون لقوانين مثل قانون النفط ومناقشة قانون اجتثاث البعث والانتخابات وكل هذه القوانين لم يضعها مجلس النواب في دورته التشريعية الجديدة في جدول أعماله. على المستوى السياسي، فان الفشل السياسي مستمر للادارة الاميركية وهم ما زالو يتصرفون بطريقتهم الخاصة والتي تتلخص بشرذمة الأوضاع، وهذه هي خاصية اميركية. نحن نريد أن ينجح السفير الاميركي رايان كروكر في مهمته، وهو رجل واقعي وسياسي محنك ويفهم الوضع العراقي أكثر من الآخرين. أميركا لا يمكن ان تنجح في حل مشاكل العراق لوحدها وبدون الاستعانة بالعراقيين أنفسهم. خذ مثلا انسحاب القوات البريطانية من البصرة لم يكن بسبب مشاكل امنية في المحافظة كما كان يشاع، المقولة التي تتحدث عن اندلاع مشاكل أمنية عندما تنسحب القوات المتعددة الجنسيات غير واقعية. العراقيون يستطيعون ان يتفاهموا مع بعضهم، ومن الخطأ ان تنشأ مجموعات مسلحة جديدة بعيدة عن الحكومة العراقية، ولا يجوز تشكيل ميليشيات مسلحة جديدة في العراق. بل يجب ان تحل المصالحة الوطنية وهي ضرورية ولكن ليست كشعارات.

* تتحدث عن خطأ وجود الميليشيات المسلحة وأنت اول من دعم مقتدى الصدر المتهم بجريمة قتل عبد المجيد الخوئي، وهو مطلوب قضائيا، وهو قائد ميليشيا اسمها جيش المهدي؟

ـ جيش المهدي تم تشكيله بعد سنة من سقوط نظام صدام حسين كرد فعل لاستهداف مقتدى الصدر. واتهام مقتدى الصدر بالمسؤولية الجنائية لمقتل الخوئي هو أمر غير ثابت.

* أنا كنت شاهد عيان في الحادث وأعرف التفاصيل، والأمر بقتل الخوئي جاء من مقتدى الصدر؟

ـ في عهد بريمر توصلنا الى حل حيث وافق مقتدى الصدر على إجراء تحقيق في محكمة عراقية بعد ان تحصل الدولة على سيادتها. وأنا سألت بريمر ما هو ثمن اعتقال شخص واحد (يعني مقتدى الصدر) وكم من الارواح ستهدر بسبب شخص واحد وهو موجود في العراق. أنا لا أقول يجب منع التحقيق القضائي، بل اقول ان هناك صلاحيات سياسية لإيقاف قرار اعتقال مقتدى الصدر من اجل مصلحة سياسية عليا، لكن بريمر أصر على تطبيق مذكرة الاعتقال كأسلوب لضرب الناس مع بعضهم.

* كيف ترى مستقبل الوضع العراقي من الآن؟

ـ الوضع العراقي يصير (زين)، والشعب العراقي ذكي ومدرك لمشاكله وقادر على تجاوزها ويعرف مصلحته. العراق اليوم يواجه مشكلة خطيرة وهي الهجرة، خاصة هجرة العقول وهجرة الكفاءات التي يقع على عاتقها بناء العراق ويجب إعادة هذه الكفاءات بعد ان يتم توفير الحماية لهم. الحكومة يجب أن تحمي العراقيين في الداخل والخارج وتدافع عنهم.

* هناك من يتحدث عن انتخابات مبكرة، ما رأيكم بذلك؟

ـ الانتخابات المبكرة فكرة معقولة، وهذا القرار يعود الى مجلس النواب (البرلمان) العراقي، ولكن هل سيكون المجلس بهذه المسؤولية بحيث يحل نفسه ويدعو لانتخابات مبكرة. المهم عدم تجاوز الاستحقاقات الدستورية.