السنيورة يحذر الدول المانحة من الفشل في إعادة إعمار مخيم نهر البارد

التكلفة المقدرة لبناء المخيم وجواره 382.5 مليون دولار

مشهد عام لمؤتمر الدول المانحة لإعادة بناء مخيم نهر البارد الذي انعقد امس في السراي الحكومي في بيروت (ا.ب.ا)
TT

أعلن رئيس مجلس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة امام مؤتمر سفراء وممثلي الدول المانحة لإعادة اعمار مخيم نهر البارد والمناطق المجاورة في شمال لبنان الذي بدأ اعماله في بيروت امس، ان هذه العملية ستكلف ما مجموعه 382.5 مليون دولار بما في ذلك تكلفة اغاثة سكان المخيم وجواره وتعويض اصحاب الاملاك المتضررة. وحذر من ان «اي فشل» في اعادة اعمار المخيم وتنمية جواره «سيرتب على لبنان والمنطقة والعالم تداعيات كارثية».

وإذ اكد، في كلمة الافتتاح، ان ما جرى في نهر البارد بين تنظيم «فتح الاسلام» والجيش اللبناني «لم يكن معركة بين اللبنانيين والفلسطينيين» وان الجانبين كانا معا «عرضة لاستهداف جماعة ارهابية» اعلن ان لبنان «يصر على حق الفلسطينيين في العودة الى ديارهم... ويلتزم مقررات اعلان بيروت الصادر عن القمة العربية المنعقدة في عاصمته عام 2002 والذي اكده اعلان الرياض 2007 دعوة صادقة لقيام سلام مؤسس على انهاء الاحتلال وتحقيق حل حقيقي وعادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين».

استهل الرئيس السنيورة كلمته بالترحيب بالاطراف المشاركة في المؤتمر. وقال: «ان احداث نهر البارد التي انتهت بانتصار لبنان على الارهابيين لم تزل تتطلب منا عناية فائقة. فتضحيات جيشنا البطل وأوجاع الاخوة اللاجئين الفلسطينيين والمواطنين اللبنانيين لا تعوض حتما. والاضرار المادية الكبيرة تزيد في هذه التضحيات والأوجاع. ولذلك فإن اي فشل في عملية اعادة اعمار مخيم نهر البارد وتنمية المناطق المجاورة له سيرتب على لبنان والمنطقة والعالم تداعيات كارثية». اضاف: «ان ما جرى كان بمثابة جرس انذار. ولذلك فالرهانات عالية، لأن الاخطار والتهديدات المحتملة من التطرف العنيف ضدنا جميعاً، ضدنا في لبنان، وضد العالم الاسلامي، وضد العالم كله. لقد انهى الجيش اللبناني معركته ضد الارهابيين بانتصار كبير، كما تعلمون. وقد عمل هؤلاء الارهابيون على زرع الفوضى والدمار والمآسي عند اللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء. وأظهرت تلك الجماعة الارهابية التي سمت نفسها فتح الاسلام انها تمتلك امكانات قتالية هائلة. وغني عن البيان انه ما كانت لها علاقة بفتح ولا بالإسلام. وهي تشكل خطراً على لبنان والمنطقة والعالم نظراً الى ايديولوجيتها وارتباطاتها الاقليمية والدولية. كان لا بد لنا، ومن دون اي تردد، ان نوقف اعتداءاتها على اللبنانيين والفلسطينيين. اتت معركتنا مكلفة، لكنها كانت ملحة وضرورية من اجل الحفاظ على القانون والنظام وسلطة الدولة، ومن اجل مستقبل لبنان والاستقرار في المنطقة والامن في العالم».

وتابع: «اثبتت الحكومة اللبنانية، منذ بدء المواجهات، قرارها الحاسم بضرورة القضاء على هذه الجماعة الارهابية. واجهتنا حتى الانتصار عوائق عدة. طالت المعركة واستبسل جنودنا مؤكدين على شجاعة وعنفوان يقل نظيرهما رغم الشح في تجهيزاتهم العسكرية. ابوا الا ان ينتصروا وكان لهم ما أرادوا».

واعتبر السنيورة «ان تحدي ارساء السلام يبقى اكبر وأصعب من جرم اشعال فتيل الحرب. وها نحن نواجه بعد انتهاء المعركة ضد الارهابيين في نهر البارد تحديات عدة. لقد شاهدتم عبر وسائل الاعلام الدمار الهائل الذي لحق بالمخيم والمناطق المجاورة. نزح عن المخيم 32 الف لاجئ. ومنهم من يعاني من التهجير للمرة الثانية او الثالثة. وقد لحقت بالمنطقة المحيطة بالمخيم خسائر اقتصادية كبيرة وغير مباشرة». وقال: «اسمحوا لي بأن اكون واضحاً في الجزم غير القابل للتأويل، بأن ما جرى لم يكن معركة بين اللبنانيين والفلسطينيين. بل كان اللبنانيون والفلسطينيون معاً عرضة لاستهداف جماعة ارهابية. وان التوتر الذي عمل مغرضون على افتعاله بين اللبنانيين والفلسطينيين لن ينجح وعلينا ان نتكاتف لتفاديه. ونحن نتعاون في ذلك بشكل فعال مع منظمة التحرير الفلسطينية وكل القوى الفلسطينية منذ اليوم الاول للمعركة للتخفيف من امكانات تصاعد الحساسيات السياسية والاجتماعية خلال الازمة. وتستمر هذه المسألة اولوية في مرحلة ما بعد الازمة. من هنا كانت قناعتنا المعلنة والنابعة من الوقائع بأن مخيم نهر البارد والمناطق المجاورة هي مناطق منكوبة... ويقع على عاتقنا الالتزام بالاغاثة واعادة الاعمار. وهذا يتطلب الدعم المادي بسرعة وفي الوقت الملائم».

وختم قائلاً: «ولما كانت قضية اللاجئين الفلسطينيين من مسؤولية المجتمع الدولي فان ايجاد الحل العادل لهذه القضية يقع حتما على عاتق المجتمع الدولي ايضا. ان المجتمع الدولي تقاعس عن القيام بواجبه تجاه اللاجئين الفلسطينيين ما فاقم من الظلم اللاحق بهم وعمق مأساتهم. ومن الملح بمكان ان يغير المجتمع الدولي مقاربته غير المجدية لتداعيات اهمال هذه القضية، بما يعيد الثقة الى اللاجئين الفلسطينيين بان هذا المجتمع الى جانبهم ولن يتخلى عنهم».

ووجه الشكر الى المملكة العربية السعودية التي «ساهمت بمبلغ 12 مليون دولار وزعت بواقع مليوني ليرة لبنانية لكل عائلة في البداوي ونهر البارد وبمساهمة دولة الامارات العربية بـ5 ملايين دولار التي سيتم توزيعها على النازحين». وحيا لجنتي الاغاثة السعودية والإماراتية ومؤسسة الحريري والهيئة العليا للاغاثة.

ووزعت على المؤتمرين لائحة بالمبالغ المطلوبة لإغاثة وإعادة اعمار نهر البارد والقرى المتضررة بلغت 382.5 مليون دولار. وجاء فيها انه «نتيجة الدراسات الاولية التي اجريت بالتنسيق بين مؤسسات الدولة اللبنانية والاستشاري الهندسي ووكالة الأونروا والبنك الدولي، تم تقدير الحاجات والمبالغ المطلوبة لإغاثة وإعادة اعمار مخيم نهر البارد ومحيطه... بالمبالغ التالية:

ـ اولاً: اغاثة سكان مخيم نهر البارد على مدى عام وتتطلب مبلغ 55 مليون دولار.

ـ ثانياً: اغاثة القرى اللبنانية المحيطة بمخيم نهر البارد وتعويض اصحاب الاملاك، وتتطلب 28.5 مليون دولار.

ـ ثالثاً: اعادة اعمار مخيم نهر البارد وتتطلب 249 مليون دولار.

ـ رابعاً: اعادة اعمار وتنمية المناطق والقرى المحيطة بنهر البارد وتتطلب 50 مليون دولار. اي ما مجموعه 382.5 مليون دولار يتضمن تلبية حاجات مشروع اغاثة واعادة اعمار المخيم والقرى والبلدات المحاذية للمخيم والمتضررة، على ان يخصص لهذه المساعدات صندوق ائتماني تحت ادارة البنك الدولي بالتعاون مع وكالة الاونروا ولجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني والهيئة العليا للاغاثة وعدد من الدول والمؤسسات المانحة».