السعودية تسمح لنواز شريف بالعودة للعيش فيها بعد دراما 90 دقيقة في مطار إسلام آباد

البيت الأبيض يعتبر إبعاده شأنا «داخليا» .. وأوروبا تنتقد ترحيله * بوتو تعتزم العودة الشهر المقبل

نواز شريف يتحدث الى ممثلي الإعلام في الطائرة عائدا من لندن إلى باكستان أمس (رويترز)
TT

اكد مصدر رسمي سعودي ان رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف الذي ابعدته السلطات الباكستانية بعيد عودته الى بلاده من المنفى، وصل امس الى جدة غرب السعودية.

وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته إن مندوبا من المراسم الملكية السعودية كان في استقبال شريف على ارض المطار.

وكان شريف الذي كان يواجه السجن في بلاده قد لجأ الى السعودية عام 2000 بعد عام من الاطاحة بحكومته بموجب اتفاق على اساس ان لا يعود الى بلاده لمدة 10 سنوات. وقال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى إن «السلطات السعودية سمحت لشريف للعيش في المملكة مرة أخرى على الرغم من عدم الالتزام بما كان قطعه على نفسه بعدم العودة إلى باكستان للعمل في السياسة». وكانت الرياض قد دعت مرتين الاسبوع الماضي نواز شريف الى عدم العودة، كما دعت الجميع الى النظر الى مصلحة باكستان، واجتمع الامير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات السعودية وسعد الحريري زعيم الغالبية النيابية اللبنانية الذي كان التقى نواز شريف اخيرا في لندن مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف في اسلام اباد اخيرا.

وقال المصدر الدبلوماسي امس «إن مشرف عاد إلى جدة للعيش في المملكة مرة أخرى بعد أن مكث بها منذ العام 1999 قبل أن ينتقل إلى لندن العام الماضي». وكانت السلطات الباكستانية قد أعلنت امس أنها أبعدت رئيس الوزراء السابق بعد أن اعتقلته ورحلته بعد ساعات من عودته لباكستان. وفي واشنطن وصف البيت الابيض امس ابعاد السلطات الباكستانية رئيس الوزراء السابق نواز شريف الى السعودية بأنه «شأن داخلي»، ودعت الى ان تكون الانتخابات المقبلة «حرة ونزيهة». وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي غوردن جوندرو ان ابعاد شريف «شأن داخلي يعود للباكستانيين». واضاف «سنواصل مناقشاتنا مع مختلف الاطراف الباكستانية» لضمان اجراء «انتخابات حرة ونزيهة». فيما دعا الاتحاد الاوروبي امس السلطات الباكستانية الى «احترام» قرار المحكمة العليا، ورأى انه كان يجب السماح لرئيس الوزراء الباكستاتي السابق نواز شريف الذي ابعد الى السعودية فور وصوله الى باكستان، «ان يدافع عن نفسه امام محكمة باكستانية». وقالت المتحدثة باسم لجنة الشؤون الخارجية لوكالة الصحافة الفرنسية كريستيان هومان ان «قرار المحكمة العليا واضح جدا ويجب احترامه». واضافت «في حال رفعت شكوى قضائية ضد شريف كان يجب السماح له الدفاع عن نفسه امام محكمة باكستانية».

وكان رئيس الوزراء السابق الذي عاد الى باكستان من لندن بعد سبع سنوات في المنفى لخوض معركة انتخابية ضد الرئيس برويز مشرف خارقا بذلك الاتفاق الذي وافق فيه على العيش في المنفى لمدة 10 سنوات بموجب اتفاق وقع في العام الفين مع السلطات الباكستانية في مقابل اسقاط عقوبة بالسجن المؤبد التي صدرت بحقه بتهمة الفساد والخيانة.

الا ان المحكمة الباكستانية العليا اصدرت الشهر الماضي حكما يسمح له بالعودة الى باكستان. ونفى شريف في مؤتمر صحافي في لندن قبل سفره من مطار هيثرو ان يكون الاتفاق مدته 10 سنوات قائلا انه 5 سنوات فقط. واضاف «انني اعود الى وطني وكلي عزم على ان اخلصه من المشاكل وانعدام القانون التي يغرق فيها بسبب سياسات رجل واحد هو الجنرال برويز مشرف». وعقب الاطاحة به في عام 1999، صدر بحق شريف حكم بالسجن المؤبد بسبب التهرب من الضرائب والخيانة، الا انه افرج عنه في ديسمبر (كانون الاول) 2000 بشرط ان يعيش وعائلته في المنفى مدة عشر سنوات.

الى ذلك قال مساعد لرئيسة وزراء باكستان السابقة بي نظير بوتو امس انها ستعود على الارجح الى البلاد من المنفى في أكتوبر (تشرين الاول) المقبل على أمل المشاركة في الانتخابات الوطنية. واعتقلت الشرطة شريف، 57 عاما، بتهم الفساد لدى وصوله الى مطار اسلام اباد. وتم ترحيله بعد ذلك بفترة وجيزة ووضع على متن طائرة توجهت الى السعودية. وكان شريف تعهد بان عودته الى بلاده ستكون بمثابة «الضربة الاخيرة الى مشرف الذي يعاني مشاكل سياسية في الداخل». وفي اسلام اباد أكد وزير الداخلية الباكستاني أفتاب شيرباو رسميا امس ترحيل رئيس الوزراء الباكستاني السابق وزعيم المعارضة نواز شريف عقب وصوله إلى وطنه امس. ونقلت قناة «دون» الاخبارية عن شيرباو قوله للصحافيين بمدينة مانسيهرا بإقليم الحدود الشمالية الغربية إن «ترحيله يأتي في مصلحة الشعب بشكل أساسي». وألقي القبض على شريف في بادئ الامر بسبب اتهامات بالفساد ونقل على متن مروحية تابعة للشرطة من المطار إلى جهة غير محددة. لكنه أعيد مرة أخرى ووضع على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الباكستانية الدولية متجهة إلى مدينة جدة السعودية.

وقد سافر نواز شريف بصحبة عشرات من الصحافيين كما سافر معه عضو مجلس اللوردات البريطاني اللورد نظير أحمد الذي تفاوض مع الشرطة الباكستانية التي احاطت بالطائرة بعد هبوطها لنزول نواز شريف الى قاعة الاستقبال. وقال وزير الدولة للاعلام الباكستاني طارق عازم خان ان نواز شريف خير بين ان يظل تحت الاعتقال بموجب التهم الموجهة له او المغادرة الى السعودية فاختار المغادرة حيث تم ترتيب رحلة لسفره الى جدة. وقال نواز شريف بينما الشرطة تصطحبه بعيدا في مطار اسلام اباد انه مندهش ومصدوم للاتهامات. وقبل نزوله من الطائرة قال انه حلم اصبح حقيقة ان اعود الى بلدي. وبعد ان وصلت الطائرة صعدت الشرطة اليها حيث كان محاطا بنحو 30 صحافيا و15 من مساعديه وطلبت منه النزول لكنه رفض حسب «نيويورك تايمز» طالبا اولا ضمانات بانه لن يعتقل او يرحل، كما طلب باصا ليحمل المجموعة المرافقة له. وبعد ان نجح اللورد نظير في تأمين نزوله ذهب الى قاعة كبار الزوار بينما اعتقل عندما كان ينتظر عند حاجز الهجرة والجوازات. واستغرقت دراما نواز شريف في المطار حوالي 90 دقيقة.

وقالت وكالة أسوشييتد برس إن أنصارا لرئيس الوزراء المخلوع هتفوا بشعارات مناوئة لمشرف لدى هبوط الطائرة التي أقلت شريف الى باكستان. وقذف قرابة 200 متظاهر من أنصار نواز شريف قوات الشرطة الباكستانية التي منعتهم من الاقتراب من المطار بالحجارة. واستخدمت الشرطة الهراوات والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. وهتف انصار شريف الذين رافقوه «اذهب يا مشرف اذهب» و«يعيش نواز شريف» حسب ما صرح راكب على متن الطائرة.

وقالت مصادر باكستانية ان الشرطة اعتقلت كبار مؤيدي شريف قبل وصولهم الى مطار اسلام اباد للمشاركة في استقباله، فيما اندلعت مظاهرات داخل العاصمة الباكستانية احتجاجا على رفض السماح لشريف دخول باكستان». واشتبك رجال الشرطة الذين كانوا يحملون الهراوات مع نحو 100 من انصار شريف واعتقلوا اعضاء كبار من حزبه لدى عودته، بينما فرضت قوات الامن منطقة امنية مغلقة على مساحة خمسة كلم حول مطار اسلام اباد.

وواجه شريف قضايا فساد رفعها ضده «مكتب المحاسبة الوطني» الذي يكافح الفساد، وغيرها من القضايا التي رفعتها الشرطة، حسب ما صرح رئيس وزراء ولاية البنجاب بيرفيز الاهي لتلفزيون خاص.

وذكر الحزب الاسلامي الباكستاني الذي يتزعمه شريف انه قدم طعنا الى المحكمة العليا يقول ان المحكمة امرت الحكومة بعدم اعاقة عودة شريف. ومن المقرر ان يصل نائب وزيرة الخارجية الاميركية جون نيغروبونتي الى اسلام اباد في وقت لاحق من امس لاجراء محادثات مع مشرف ورئيس الوزراء شوكت عزيز وممثلين عن المجتمع المدني. ويواجه مشرف كذلك انتقادات متزايدة من الولايات المتحدة التي تأخذ عليه عدم قمع مقاتلي طالبان والقاعدة العاملين على الاراضي الباكستانية.