العراقيون يعيشون كل يوم 11 سبتمبر جديدا

البغداديون: الخارج مفقود والعائد مولود

TT

الحقيقة التي يعيشها العراقيون اليوم ومنذ بداية الاعمال الارهابية في بغداد خاصة وباقي مدن العراق عامة هي ان الخارج من البيت مفقود والعائد اليه مولود، ذلك لكثرة الانفجارات المفاجئة والتي لا يدري من يترك بيته بانها ستصيبه ام ينجو منها.

وحسب اسماعيل محمود، موظف في جامعة بغداد في منطقة الجادرية بجانب الرصافة، فانه يخرج من بيته مصحوبا بدعاءات زوجته وبناته الثلاث بالعودة سالما الى البيت، يقول «ما ان تطأ قدماي عتبة البيت لدى عودتي بعد انتهاء الدوام حتى تستقبلني زوجتي وبناتي بعبارة حمدا لله على سلامتك وكأنني عائد من جبهة حرب».

ويضيف الموظف الذي يبلغ 53 من عمره قائلا لـ«الشرق الأوسط» ان «الشعب العراقي معروف بكرهه للارهاب والارهابيين ولكن هؤلاء المجرمين جاءوا ليدمروا حياتنا بحجة محاربة القوات الاميركية، فنحن عشنا سنوات الحرب العراقية الايرانية وشاركت فيها وكنا نعرف ان القتال في الجبهات وليس في الاحياء السكنية بالرغم من سقوط بعض الصواريخ الايرانية على الاحياء السكنية في احيان متباعدة».

وتلقي ازهار حسين، موظفة في وزارة الثقافة، والتي فقدت شقيقها وابنه في انفجار في منطقة الكرادة، اللوم على «القوات الاميركية التي فتحت بوابات العراق امام الارهابيين منذ دخولها العراق وحل الجيش العراقي وترك البلد مثل بيت بلا ابواب»، مشيرة الى ان «الاميركان يقولون انهم جاءوا الى العراق لمحاربة الارهاب بعد انفجارات 11 سبتمبر(ايلول) 2001، مع ان العراق والعراقيين لا يد لهم في هذه الانفجارات بل تحولنا الى ضحايا خطط الرئيس بوش الذي جعل من بلدنا ساحة حرب ضد الارهابيين وابعد الارهاب عن اميركا، هذا يعني نحن ندفع الثمن من ارواحنا واستقرارنا ونحن الضحايا بينما ينعم الاميركيون بحياة مستقرة وسعيدة».

وتقول ام وفاء التي فقدت زوجها وزوج ابنتها في انفجار في منطقة الكرادة (وسط بغداد) قبل ستة اسابيع ان العالم الذي يحيي الثلاثاء ذكرى اعتداءات الحادي عشر من (سبتمبر) ايلول 2001، لا يذرف دمعة للعراقيين الذين يقتلون كل يوم.

وتؤكد السيدة البالغة من العمر 44 عاما وتتشح بالسواد قائلة لوكالة الصحافة الفرنسية، ان «الشعب العراقي يدفع يوميا ثمن اعمال الارهابيين التي لا دخل لنا بها»، وتضيف «اعتقد ان ما حدث في 11 سبتمبر كان بداية لمعاناتنا».

اما علي حميد (33 عاما) وهو بائع خضروات فقد خمسة من افراد عائلته في الانفجار نفسه فيقول ان «عشرات الانفجارات وقعت في منطقتنا (الكرادة) ومناطق اخرى وما زالوا يقولون انهم يطاردون القاعدة و(زعيمها اسامة) بن لادن و(مساعده ايمن) الظواهري».

وادت سلسلة من الانفجارات بينها سيارة مفخخة ضربت في 26 من يوليو(تموز) منطقة الكرادة الشرقية، الى مقتل 31 شخصا واصابة 115 اخرين بينهم نساء واطفال بجروح، وفقا لمصادر امنية. وكان هذا الاعتداء جزءا من دوامة العنف التي يعيش العراقيون على وقعها منذ بدء الحرب التي اعدت لها واشنطن غداة الهجمات التي استهدفت مركز التجارة العالمي في نيويورك ووزارة الدفاع الاميركية في واشنطن.

وقتل عشرات الآلاف من الاشخاص في بغداد ومدن اخرى في العراق لكن لا احد يضع حسابات دقيقة للمدنيين القتلى. ويعطي موقع «ايراك بادي كاونت» على الانترنت ارقاما غير رسمية تتحدث عن سقوط ثمانين الف قتيل منذ 2003.

وتساءل حميد الذي يرتدي ملابس سوداء حدادا على الذين فقدهم «لماذا ندفع ضريبة ما تقوم به القاعدة وغطرسة الاحتلال الاميركي بعد تبريره احتلال العراق اثر تفجرات سبتمبر 2001».

من جانبه، قال ابومريم (60 عاما) وهو موظف في دائرة الثقافة والفنون فقد ابنته الوحيدة مريم ذات الاعوام السبعة «احتلوا بلدنا وقتلوا اطفالنا بسبب هجمات 11 سبتمبر». واضاف وهو يذرف الدموع «ابنتي الوحيدة قتلها الانفجار هذا ما حصدناه». وقال ابو حيدر (41 عاما) وهو سائق جرار قام بانتشال اكثر من عشرين ضحية من تحت الانقاض «لا علاقة لنا نحن العراقيين بالارهاب ولم نكن نعرفه قبل الاحتلال (الذي تم) تحت ذريعة ملاحقة الارهابيين بعد تفجيرات سبتمبر».

من جانبه، قال قنبر عبد الحسين (59 عاما) وهو تركماني شيعي من ناحية اميرلي (125 كلم شمال بغداد) انه فقد سبعة من افراد عائلته بينهم اربعة من ابنائه وزوجته في تفجير انتحاري استهدف بلدته.

وقال «كنا نعيش بامان واستقرار لكن بعد احداث سبتمبر جاءنا فكر مدمر قتل ابناءنا وقسم بلدنا الى طوائف». واضاف الرجل الذي كان يرتدي الدشداشة الشعبية وهو يجلس في محل لتصليح المدافئ «العالم لا يبالي بما يحدث في العراق بقدر ما يتحدثون عن 11 سبتمبر، برغم ما يحدث لنا يوميا».