بترايوس: يمكننا خفض القوات الأميركية في العراق

قيادات في الكونغرس توبخ حكومة بغداد وتطالب بانسحاب «يضمن الأمن» لبلدهم

موظف يعد قاعة في مجلس النواب الأميركي استعدادا لجلسة استماع بترايوس وكروكر أمس (رويترز)
TT

أعلن قائد القوات الاميركية في العراق ديفيد بترايوس انه يمكن بدء خفض القوات الاميركية من العراق الشهر المقبل، مضيفاً ان الاسبوعين الماضيين في العراق شهدا اقل نسبة من القتال في العراق منذ يونيو (حزيران) 2006. وجاءت تصريحات بترايوس خلال جلسة استماع في مجلس النواب الاميركي أمس، ليقدم مع السفير الاميركي ريان كروكر تقييماً للأوضاع في العراق للكونغرس. وقال بترايوس أمس: «تتحقق الاهداف العسكرية بشكل كبير»، موضحاً ان ذلك بسبب «توجيه ضربات للقاعدة ومواجهة الميليشيات الشيعية وعملنا على تقليص العنف الطائفي، بالإضافة الى تقوية القوات الامنية العراقية، على الرغم من التوجهات الطائفية لبعض عناصرها». وتابع ان «اهم تطور هو رفض اهالي محافظة الانبار لتنظيم القاعدة، الامر الذي نشهده في مناطق اخرى». وشدد على ان هذه العناصر تعني انه من الممكن «بدء خفض القوات الشهر الماضي بسحب وحدة من مشاة البحرية المارينز»، مضيفاً انه يمكن خفض القوات «بحلول الصيف المقبل الى ما كانت عليه» قبل استراتيجية بوش الجديدة، أي خفضها بحوالي 28 الف عنصر بحلول يوليو (تموز) المقبل. وأضاف: «برأيي العسكري من الخطأ تحديد موعد للانسحاب النهائي، لا يمكن لنا اتخاذ قرارات بعيدة المدى»، موضحاً انه يجب ترك العراق «من دون الاسراع تجاه الخسارة». ووعد الكونغرس بتقديم تقييم جديد للأوضاع في العراق في مارس (آذار) المقبل.

واعتبر بترايوس ان «السبب الاساسي للصراع حول الموارد والقوة في العراق، والسؤال هو اذا كان هذا السلاح سيكون اكثر او اقل عنفاً». وشدد بترايوس على ان «الامر الذي لم نكن نفهمه في السابق هو مدى التغلغل الايراني في العراق»، مضيفاً: «ايران تسعى لجعل بعض الميليشيات في العراق شبيهة بحزب الله في لبنان». من جهة أخرى، شدد جميع اعضاء اللجنتين على «استقلالية الجيش الاميركي» على جودة القوات الاميركية ورفضوا في تصريحاتهم في بداية الجلسة أمس التقارير التي تساءلت عن استقلالية بترايوس. ووجهت النائبة الجمهورية اليانا روس ليتينين انتقاداً شديداً لمجموعة «موف اون» الداعمة للحزب الديموقراطي التي نشرت اعلاناً في الصحف الاميركية تتهم بترايوس بالخيانة. وقالت ليتينين ان الاعلان «مدان وفظيع». وكانت ليتينين اقل انتقاداً من زملائها للحكومة العراقية، معتبرة اعداءها «اعداءً للديمقراطية وأعداء لنا ايضاً». ومن جهته، دافع بترايوس عن شهادته واستقلالية رأيه، قائلاً: «هذه شهادتي، لقد كتبتها، لم يرها احد من البيت الابيض أو البنتاغون».

واعلن رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الاميركي ايك سكلتون ان الكونغرس يرغب بانسحاب القوات الاميركية من العراق «يضمن الامن القومي الاميركي». ووصف سكلتون بترايوس وكروكر بأنهما «افضل رجال الولايات المتحدة»، بينما وبخ «الحكومة العراقية الطائفية»، مضيفاً: «لا يمكن لنجاح المصالحة في العراق مع قادة الشيعة والأكراد الطائفيين».

من جهته، قال توم لانتوس، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب ان كروكر وبترايوس «يحاولان الدفاع عن سياسة فاشلة في العراق». وقبل الاستماع الى كروكر وبترايوس، صرح لانتوس بأن «استراتيجية زيادة القوات قد فشلت، الحل الوحيد للنزاع الداخلي هو سياسي ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لم يظهر أي استعداد للتنازل». ولم تمر جلسة الاستماع من دون ارباك. فقد اضطر رئيس الجلسة برفعها لعدة دقائق بعد عطل تقني في مايكروفون بترايوس وكروكر، بالاضافة الى تعطيل في توزيع تقرير اعده بترايوس مسبقاً لاعضاء الكونغرس. وبينما تم طرد متظاهرين من قاعة جلسة الاستماع، سمع احد النواب الذي كان يعمل مذياعه يصف المعارضين للوجود الاميركي في العراق بأنهم «اوغاد». واشارت صحف اميركية عدة أمس الى ان شهادة بترايوس تعيد الذاكرة الى شهادة الجنرال ويليام ويستمولاند عام 1967 حول التقدم الاميركي في الحرب الفيتنامية، التي ادت في النهاية الى سحب القوات الاميركية من فيتنام.

ويراقب السياسيون العراقيون في بغداد التطورات في واشنطن، على الرغم من تأكيد مصادر اميركية عدة عدم تغيير سياسة البيت الابيض في العراق. وقال نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح: «الساحة العراقية ساعة تشعل تفاعل العديد من العوامل الدولية وفي مقدمتها العامل الاميركي»، ولكنه اضاف لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية، الحل يجب ان يكون عراقياً، على الرغم من انه لا يمكن لنا تجاهل التأثير الاميركي». وأوضح: «العامل الاهم هو العامل العراقي»، مضيفاً: «لا شك ان هناك تحسنا امنيا في العديد من مناطق العراق ولا يمكن تجاهل ما يجري في الانبار، ولكن الوفاق السياسي لا يزال غائباً ودون المستوى المطلوب». وشدد على ان الوجود الاميركي في العراق مهم، لكنه لفت الى انه «لن يكون هناك حل عسكري للقضية العراقية، ويبقى الحل مبنياً على الوفاق ما بيننا».