نواب المعارضة يبحثون في «الخيارات المتاحة» والأكثرية مع رئيس توافقي «سيادي وغير مرتهن»

الحريري عاد إلى بيروت والسفير السعودي غادرها فجأة

TT

شهدت الساحة السياسية اللبنانية نشاطاً ملحوظاً امس. لكن المواقف السياسية بقيت على حالها من المراوحة بين تحذير المعارضة للاكثرية من مغبة عدم التجاوب مع مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الداعية الى التوافق حول اسم الرئيس المقبل للجمهورية، مقابل ترحيب حذر من نواب الاكثرية بـ «التفاهم، لكن ليس على حساب الثوابت».

وقد غادر السفير السعودي عبد العزيز خوجة بيروت فجأة قبل ظهر امس، فيما عاد اليها رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، بما يمهد لإعلان موقف موحد لقوى «14 آذار» من مبادرة بري.

هذا، وجال الموفد الرئاسي السوداني مصطفى عثمان اسماعيل، الذي وصل الى بيروت ليل اول من امس، على القيادات اللبنانية مستطلعاً المواقف. واعتبر عقب لقائه الرئيس اميل لحود ان «المقترح السوداني لحل الازمة اللبنانية والذي قدم ابان الرئاسة السودانية للقمة العربية ما زال صالحاً». وذكر اسماعيل انه سمع من الرئيس لحود انه «مع الوفاق الذي تتوصل اليه القوى السياسية اللبنانية، وانه يحترم المواعيد المذكورة في الدستور والاستحقاقات، وانه يعمل وسيعمل مع كل الاطراف على التوصل الى وفاق حول رئيس لبناني قبل التاريخ المحدد. ونحن جميعاً سنعمل في هذا الاتجاه». وأفاد ان قراءته للاحداث تشير الى «انها تمضي نحو الافضل».

وزار اسماعيل ايضاً الرئيس نبيه بري. ووصف جولته في لبنان بانها «زيارة استكشافية لا تحمل اي افكار محددة».

واستقبل الرئيس بري ايضاً المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان غير بيدرسن الذي قال عقب اللقاء: «ركزنا بالطبع على الانتخابات الرئاسية. وقد بحثنا في اهمية اجراء هذه الانتخابات بالتعاون بين الأفرقاء على اساس المؤسسات والدستور اللبناني. ومن المهم جداً التركيز على تأمين اتفاق على المرشح الرئاسي. وان لبنان يجب ان يكون له رئيس يتمتع بقبول من جميع اللبنانيين». وأضاف: «عبرت لدولة الرئيس بري عن تقديرنا للجهود التي يبذلها لتسهيل عملية انتخاب رئيس الجمهورية. ونرى، بالطبع، ان مبادرته هي خطوة على المسار الصحيح. وان الامم المتحدة تقدر اي مبادرة تؤدي الى انتخاب رئيس من خلال اوسع اتفاق بين اللبنانيين». وحض «جميع اللبنانيين على عدم تضييع اي جهود في الايام المقبلة للاتفاق على رئيس للفترة الرئاسية المقبلة من اجل الحفاظ على الاستقرار والسيادة والاستقلال».

من جهته، زار النائب الحريري، عقب عودته الى بيروت، مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني. ولم يدل بأي تصريح. غير ان عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر الذي زار قباني منفصلاً، اعتبر ان «الاوضاع الراهنة مقلقة بعض الشيء، لكننا نأمل بحكمة القيادات السياسية الخروج من المأزق». وقال رداً على سؤال عن مبادرة الرئيس بري: «كل مبادرة هي مبادرة طيبة. وبالطبع مبادرة الرئيس بري فيها الكثير من الايجابيات حيث عملت على تحريك الحياة السياسية وطرحت مبدأ الحوار الذي طالبت به قوى 14 آذار من قبل كما طالب به النائب سعد الحريري. لكن كان بالإمكان ان تكون اكثر ايجابية لو انها لم تتضمن شروطاً مسبقة في ما يتعلق بالثلثين، آملين من الله ان تنجح هذه المبادرة».

وفي ما يتعلق بالتسوية السياسية التي يحكى عنها، قال: «لا اعلم كيف تكون هناك التسوية الا اذا كان المقصود من التسوية هو مرشح توافقي، فلا بأس عندها بالامر من حيث المبدأ شرط ان يكون هذا المرشح سيادياً وغير مرتهن لأي قوى اقليمية او حتى دولية».

وأعلن عضو الكتلة نفسها النائب مصطفى علوش انه بعد عودة الحريري من الخارج، فان «الكتلة ستجتمع للتداول في المستجدات والتحضير لاجتماع موسع يضم جميع اركان 14 آذار لاتخاذ الموقف النهائي بخصوص الاستحقاق الرئاسي».

ورأى عضو الكتلة النائب عاطف مجدلاني ان «هناك امكانية للوصول الى رئيس توافقي اذا صفت النوايا» مشيراً الى «ان الضغط الدولي الحاصل هو لمنع تدخلات النظام السوري من اجل تعطيل الاستحقاق الرئاسي». وعقد في مجلس النواب امس اجتماع تشاوري ضم نوابا من كتل المعارضة الثلاث «التغيير والاصلاح» و«الوفاء للمقاومة» و«التنمية والتحرير». وجرى خلال الاجتماع «التداول في الخيارات السياسية والدستورية لمواجهة الاستحقاق الرئاسي. ونوقشت جملة من الاقتراحات التي ستعرض على الكتل النيابية لقوى المعارضة». وقال النائب عباس هاشم لـ«الشرق الاوسط» ان الاجتماع كان يهدف الى «تحديد الخيارات» مشيراً الى ان شيئاً لن يصدر عن المعارضة بانتظار اجوبة الاكثرية على مبادرة الرئيس بري.

وجددت كتلة «الوفاء للمقاومة» التي تضم «حزب الله» وحلفاءه في البرلمان اللبناني دعوتها «فريق السلطة الى الرد الصريح والواضح على مبادرة الرئيس بري» معتبرة «ان الفرصة المتاحة هي فرصة لانجاز تسوية وفاقية تحصن الوضع الداخلي في البلاد ضد الاخطار والاهتزازات التي تضرب المنطقة العربية بفعل السياسة الفوضوية التي تنتهجها الادارة الاميركية الراهنة».

وانتقد عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب نبيل نقولا، في حديث الى اذاعة «النور» الناطقة باسم «حزب الله»، «تأخر فريق الموالاة في تقديم موقف واضح من مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري» معتبراً «انهم بانتظار الضوء الاخضر من الخارج». وقال: «ان موقف الفاتيكان ثابت وهو ان يكون لبنان سيداً وبعيداً عن النزاعات الخارجية ليبقى رسالة توافق بين الاديان. والفاتيكان حريص على دور سياسي فاعل للمسيحيين في المنطقة» معتبراً «ان الاميركيين ومن معهم من قوى الاكثرية أفرغوا الرئاسة من محتواها. والمعارضة، في حال لم يحصل التوافق ـ وهي مصرة على التوافق ـ قد تكون امام خيارات صعبة. ولا يمكن ان نتركهم بعد اليوم يحكمون الوطن من دون مشاركتنا او ان يسيطروا على البلد من دون شريحة اساسية من اللبنانيين».

وأمل وزير العمل المستقيل طراد حمادة (حزب الله)، امس، في «ان تأخذ الاكثرية موقفاً ايجابياً حازماً من الآن وحتى الخامس والعشرين من أيلول». وقال: «الرئيس بري من العاملين للوصول الى تسوية سياسية باتفاق اللبنانيين وإجماعهم على الخروج من المأزق بانتخاب رئيس توافقي، فهو يتحدث باسمه واسم اخوانه، فيما الآخرون في مكان آخر، لأنه حتى الآن الاجوبة التي تلقيناها من قبل فريق السلطة تحاول ان توزع الادوار بين متشدد وموافق ومتريث. وهذه ليست طريقة في ادارة شؤون البلاد ولا في الحكم».