رئيس الوزراء الياباني استقال تحت ضغط معارضة دعم العمليات العسكرية في أفغانستان

بعد فضائح مالية وهبوط حاد في شعبيته

TT

أعلن اصغر رئيس وزراء لليابان في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية شينزو آبي امس، استقالته بعد اقل من سنة على توليه السلطة بعدما أضعفته فضائح متكررة طالت اعضاء في حكومته ما عرقل برنامجه الإصلاحي وأثر سلبا على شعبيته.

وقال رئيس الوزراء الياباني، إن قراره الاستقالة سيوجد فرصة أفضل لتواصل اليابان دعمها للعمليات العسكرية الاميركية في افغانستان تحت قيادة زعيم جديد.

وقال آبي في مؤتمر صحافي من مقره الرسمي بطوكيو، وقد بدا عليه الإنهاك، «قررت اليوم انني يجب ان استقيل... ينبغي ان نسعى الى مواصلة مهمة مكافحة الارهاب تحت قيادة رئيس وزراء جديد»، حسب ما نقلت وكالة رويترز للانباء.

وتقوم سفن يابانية بإعادة تزويد سفن قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في المحيط الهندي بمقتضى تفويض ينتهي في الاول من نوفمبر. وتعهد الحزب الديمقراطي، وهو الحزب الرئيسي للمعارضة بالحؤول دون تمديد هذا التفويض.

ومني الحزب الديمقراطي الحر بزعامة ابي بهزيمة في انتخابات يوليو، كما تظهر استطلاعات الرأي هبوطا حادا في شعبيته وسط خلاف بشأن الرواتب وسلسلة فضائح مالية شملت اعضاء بمجلس الوزراء، لكن استقالته كانت مفاجئة رغم كل ذلك. وقال ابي «هناك عدة أمور أفكر بها. انها مسؤوليتي ان حكومتي لم تستطع كسب ثقة الناس».

وانخفضت الاسهم اليابانية في نهاية جلسة المعاملات امس في أعقاب الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء اذ تراجع المؤشر الرئيسي لبورصة طوكيو 5ر0 في المئة بعد أن طغت المخاوف السياسية على السوق في حركة تداول خفيفة.

ومن المتوقع ان يظل ابي في موقعه ويدير شؤون البلاد الى حين اختيار خليفة له من الحزب الديمقراطي الحر الحاكم.

وكان ابي قد لمح الى انه سيستقيل من رئاسة الحكومة اذا فشل في تمديد مهمة اليابان البحرية الداعمة للعمليات التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان لكن لم يكن متوقعا ان تأتي النهاية بهذه السرعة.

وقال ابي ان «الوضع المعقد الذي وصلت اليه يجعل مهمتي صعبة جدا. ووصلت بالتالي الى نتيجة انه علي ان اتخذ قرارا بشكل سريع بهدف ضبط الأزمة السياسية بالحد الاقصى».

وصرح ابي أنه قرر الاستقالة لان زعيم الحزب الديمقراطي المعارض اتشيرو اوزاوا رفض عقد اجتماع ثنائي معه لمناقشة مهمة دعم الولايات المتحدة في أفغانستان. لكن اوزاوا نفى انه رفض عقد الاجتماع من حيث المبدأ وأعرب عن استعداده للاجتماع مع خليفة ابي لكنه أضاف في مؤتمر صحافي ان موقف حزبه من المهمة الخاصة بافغانستان لم يتغير. وكان ابي قد ركز جهوده على العمل الدبلوماسي وحسن علاقات اليابان مع الصين وكوريا الجنوبية وطرح جدول اعمال مثير للجدل يتضمن اعادة كتابة دستور اليابان السلمي. ويقول بعض المحللين ان استقالته لن تؤثر بشكل كبير على السياسات الاقتصادية.

ويقول خبراء ان خليفة ابي سيواجه عددا من المعضلات السياسية الصعبة. وقال تاكيشي مينامي كبير الخبراء الاقتصاديين في معهد ابحاث نورينتشوكين، آبي «يريد على الأرجح بداية جديدة بعد أن أدرك ان رغبته الاكيدة في تعديل الدستور لن تتحقق اذا بقي الآن. من الواضح ان حكومته أصبحت بطة عرجاء».

وذكرت وكالة كيودو للانباء ان الحزب الليبرالي الديمقراطي سيختار رئيسه الجديد الاسبوع المقبل. واوضحت كيودو نقلا عن مسؤول في الحزب ان هذا الحزب اليميني الكبير يستعد لانتخاب رئيس جديد في 19 سبتمبر.

ويعتبر المسؤول الثاني في الحزب ووزير الخارجية السابق تارو اسو وهو قومي شأنه شأن آبي، الاوفر حظا للحلول مكانه. وأظهر استطلاع للرأي اجرته صحيفة «يوميوري» في عطلة نهاية الاسبوع ان اقل من 30% من اليابانيين يؤيدون اداء رئيس الوزراء. وفي نهاية اغسطس تحسنت شعبية ابي مجددا بعدما اجرى تعديلا وزاريا واسعا.

لكن حكومته تعرضت سريعا بعد ذلك لهزات بسبب سلسلة من الفضائح المالية التي قضت على الانطباع الجيد الذي تركه التعديل في الفريق الحكومي. وقال آبي «عدلت حكومتي لأتمكن من مواصلة الاصلاحات. لكن اصبح من الصعب جدا اكمال السياسة التي وضعتها».

وكان زعيم المعارضة يهدد بطرح مذكرة حجب ثقة عن حكومة ابي. وعبر اوزاوا عن أسفه لان استقالة رئيس الوزراء تأتي في وقت تفتتح فيه جلسة مساءلة حاسمة في البرلمان. وقال زعيم المعارضة ان «موقفنا لن يتغير لان رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي تغير»، حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. في سبتمبر 2006، اصبح ابي، وهو وريث عائلة عريقة من السياسيين المحافظين، اول رئيس للحكومة اليابانية لم يعاصر الحرب العالمية الثانية.

وحل مكان رئيس الوزراء جونيشيرو كويزومي (2001-2006) وكانت هذه المهمة صعبة بسبب شخصية الأخير القوية.

ويأخذ عليه الرأي العام، الى جانب الفضائح التي طالت الاوساط المحيطة به، عدم خبرته وضعف سلطته وقناعاته العقائدية اليمينية البعيدة عن مشاغل الحياة اليومية لليابانيين.