بلدة أميركية تتذكر ابنها بترايوس.. وتخشى عليه

أحد أصدقاء الجنرال: اختاروه لمهمة مستحيلة

TT

يكنّ الناس في بلدة كورنوول اون هادسون في ولاية نيويورك، محبة واضحة لابن البلدة الذي تخرج من كلية «ويست بوينت» العسكرية، وأصبح فيما بعد كبير قادة القوات الأميركية في العراق. وهذه المحبة تضيف الى القلق الذي يقول كثيرون انهم يشعرون به إزاء المهمة الشاقة، والمستحيلة في نظر البعض، التي يواجهها الجنرال ديفيد بترايوس. وقال غاري مليروز، وهو زميل سابق لبترايوس في فريق التزلج بفريق «مدرسة كورنوول الثانوية»: «أشعر بالقلق لأن ديفيد شخص جيد، يحاول دائما ان يفعل افضل ما هو ممكن». وأضاف ميلروز، الذي يملك حاليا وكالة تأمين في مدينة كورنوول: «الأمر يبدو وكأن الجهات المسؤولة قد اختارت بترايوس لتنفيذ مهمة لا يمكن تحقيقها»، متابعاً: «في ظل شراسة السياسة الحالية، اقلق بأنه يصبح ضحية». وفي الوقت الذي قدم الجنرال بترايوس شهادته أمام الكونغرس بشأن وضع الحرب في العراق، يتابع سكان هذه البلدة من عالمهم البسيط، الذي يغلب عليه الروتين عمق الفوضى التي ألقي بابنهم المفضل في وسطها. وقال البعض انهم يشعرون بالصدمة والفزع إزاء أبعاد المشكلة، وعبر البعض عن احترامهم لبترايوس لادراكه للصراع الدائر، إلا ان كثيرين منهم لا يشعرون فيما يبدو بأن هناك نهاية سعيدة لـ»الجانب الاميركي»، وهذا هو الاعتقاد السائد في هذه المنطقة المحافظة التي تقطنها أغلبية من ناخبي الحزب الجمهوري.

واعتبر مايكل ماتوش، وهو من سكان كورنوول وعضو في نادي خاص بالحدائق: «الرئيس بوش ارتكب خطأ»، مضيفاً: «اعتقد انه تلقى معلومات مضللة والنتيجة ان الأميركيين الآن اصبحوا في وضع صعب ومستحيل». وتدخلت سالي، زوجة مايكل، في الحديث وقالت: «انه اذا كان هناك شخص واحد فقط قادر على فعل شيء في هذا المسألة، فإن الكل في هذه المدينة يشعر بأن الجنرال بترايوس يتمتع بأمانة ووضوح وذكاء تسمح له بالقيام بالمهمة». وكورنوول مدينة صغيرة يقدر عدد سكانها بحوالي 3058 نسمة، وبطبيعتهم العفوية، يتحدث السكان عن ديفيد بترايوس، خريج عام 1970. ويقول سكان البلدة ان بترايوس كان يمزج بين انجازات كبيرة، وفي نفس الوقت لا يحب الأضواء. وكان يلعب في فريق كرة القدم في المدرسة، لكنه لم يكن كابتن الفريق. وكان ايضا طالبا متميزا، لكنه لم يكن الاكثر تفوقا. وكان ايضا شابا انيقا ومنتظماً عندما كانت الموضة السائدة في ذلك الوقت تستدعي الشعر الطويل وبنطلونات الجينز، لكنه لم يكن من النوع المحافظ بصورة واضحة، ولم يكن يخفي حقيقة طبيعته الطموحة. وقالت واحدة من صديقات طفولته لصحيفة «كونوول لوكال» الاسبوعية، انهما عندما كانا يلعبان في الصغر، كانت هي تفضل ان تلعب دور الأم التي تبقى في المنزل، فيما كان يفضل بترايوس دور أب يخرج الى العمل كسناتور في مجلس الشيوخ. وقال جيم اونيل، وهو زميل لبترايوس في المدرسة الثانوية ويعمل الآن صيدلياً، ان بترايوس عندما توجه الى «ويست بوينت» العريقة «كلنا توقعنا انه سيصبح قائدا للجيش خلال عشر سنوات». وأضاف اونيل ان بترايوس كان «دائماً استراتيجيا في الطريقة التي يفكر بها، وكان دقيقا ايضا»، متابعاً: «بترايوس كان يعلب في خانة الجناح الأيسر، وكان يجيد تخمين الخطوة المقبلة في اللعب». وبعد شهرين من تخرجه من «ويست بوينت» برتبة ملازم ثان تزوج بترايوس من هولي نولتون، ابنة مشرف الأكاديمية العسكرية. وكان عدد من ضباط ومعلمي «ويست بوينت» يسكنون مدينة كورنوول، التي تضم قرية كورنوول اون هادسون، إذ تقع «ويست بوينت» على بعد أربعة أميال الى الجنوب من كورنوول. ونشأ الجنرال بترايوس في منزل متواضع مع شقيقته كارول جين، ووالدته مريم ووالده سكستاس. وعلى الرغم من ان والدة بترايوس توفيت قبل عدة سنوات، فإن والده، سكستاس بترايوس الهولندي المولد، وهو قبطان سفينة تجارية متقاعد، عمل فيما بعد في محطة للطاقة، ظل مقيما في كورنوول حتى وقت قريب. وكان يقود دراجة وواصل الإبحار حتى وهو في العقد الثامن من عمره. وانتقل سكستاس الى كاليفورنيا قبل حوالي ثلاث سنوات كي يصبح قريبا من ابنته. وتقول جانيت ديمبسي، مؤرخة كورنوول وأستاذة بتراوس في نهاية المرحلة الابتدائية: «انه كان صغير الحجم في عمره، وكان رائعاً، من النوع الذي يتمنى أي استاذ ان يكون ضمن تلاميذهم في الفصل». ولكن، هل هو أيضا من النوع القادر على القضاء على العنف وتوحيد الفصائل وإعادة خدمة الكهرباء وتدفق النفط، والإشراف على عميلة انسحاب منظمة للقوات الأميركية من العراق؟ وترد جانيت ديمبسي بلهجة تأكيد: «انه شخص يتحلى بالأمانة والصدق. مهما يقول عن الأوضاع هناك (العراق) تأكد أنه صادق بلا شك. أتمنى فقط ان يعود سالما الى اسرته، وأن يعيش بدون هذه الأضواء. أنا متأكدة ان ديفيد سيشعر بالارتياح حينها».

* خدمة «نيويورك تايمز»