إدارة بوش تتوجه لإقناع الشعب الأميركي بإبقاء القوات في العراق لمواجهة إيران

واشنطن تصعد لهجتها ضد طهران وتدعو الدول العربية أن تحذو حذو الرياض بإعادة سفاراتها إلى بغداد

TT

بعد انتهاء قائد القوات الاميركي ديفيد بترايوس والسفير الاميركي لدى بغداد ريان كروكر من الادلاء بشهادتهما امام الكونغرس الاميركي في العراق، وفي جلسات بثت مباشرة للشعب الاميركي وعبر القنوات الفضائية حول العالم، تركز الادارة الاميركية جهودها على اقناع الشعب الاميركي بضرورة ابقاء قواتها في العراق. وظهر أمس ان هذه السياسة سترتكز على ضرورة «حماية» العراق من ايران ورداً على تصريحات الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بأن بلاده على استعداد لملء الفراغ الامني في العراق في حال انسحاب القوات الاميركية.

وتمهيداً لالقاء الرئيس الاميركي جورج بوش خطاباً حول استراتيجيته في العراق مساء اليوم، ادلت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس أمس بتصريحات مفادها ان الولايات المتحدة ستركز على «حماية الاراضي العراقية» بعد تحذيرات طهران من انها ستشغل الفراغ الذي سيخلفه انسحاب القوات الاميركية من العراق. وقالت رايس في مقابلة مع شبكة التلفزة الاميركية «ان بي سي»، ان مع تسلم بغداد مزيداً من المسؤوليات عند انسحاب للقوات الاميركية، فان واشنطن ستتأكد من ان العراق مستقر في محيطه «المضطرب».

وصرحت رايس بأن الولايات المتحدة تريد ضمان سلامة اراضي العراق في مواجهة «جيران مشاغبين» مثل ايران. وعندما سئلت عن الاولوية الاميركية خلال الستة اشهر المقبلة في العراق، قالت رايس ان المهمة «امامنا هنا هي ترسيخ المكاسب التي حققناها وتوسيع هذه المكاسب والبدء في تحويل المسؤوليات الى قوات عراقية مدربة من اجل وضع امني مختلف وافضل». وأقرت انه مازال هناك عمل يتعين عمله لكنها قالت ان وجود القوات الاميركية مهم لتأمين العراق والدول المجاورة ايضا. واضافت انه بعد ترسيخ هذه المكاسب، «علينا ان نبدأ في خفض عدد القوات الاميركية والانتقال الى مسؤوليات اخرى مثل استقرار العراق هي بصراحة اساسية تماما لمصالحنا بما في ذلك ضمان سلامة اراضي العراق».

وفي اشارة الى تصريحات الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد التي قال فيها ان في حال مغادرة الولايات المتحدة من العراق، فان ايران مستعدة لسد الفراغ، قالت رايس: «واود الاشارة الى ان الرئيس احمدي نجاد قال ان تركت الولايات المتحدة العراق فايران مستعدة لملء الفراغ»، مضيفة: «هذه هي المشكلة هنا». وقالت رايس ان الولايات المتحدة «ستقاوم الارهاب والعدوان الايراني معا» في العراق مع حلفائها في «الحرب على الارهاب». يذكر ان واشنطن تبذل جهوداً دولية لعزل ايران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل وتتهمها باثارة عدم الاستقرار في العراق. وقالت رايس: «عندما ننجح هناك ونجعل العراق أكثر استقراراً، هذا سيجعل الشرق الاوسط أكثر استقراراً». واضافت: «من الواضح ان الشرق الاوسط المستقر سيجعل اميركا أكثر امناً».ودعت رايس الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي الى القيام بمزيد من الجهود لتحقيق استقرار سياسي واصلاحات قانونية في البلاد. وقالت: «الان المسألة واضحة وهي ان الحكومة العراقية بحاجة لتحقيق مزيد من الانجازات على المستوى الوطني في مجال المصالحة». ولفتت رايس الى ان حكومة المالكي لم تمرر قوانين عديدة كما كان يؤمل، لكنها بدأت بارسال موارد الى المحافظات بفضل ادارة افضل للميزانية، كما ان هناك تحسنا للوضع الامني واستعادة اراض كان يسيطر عليها عناصر القاعدة. وخلصت قائلة: «هذه تغيرات وتقدم لا يمكن تجاهلها بكل بساطة».

وتطابقت تصريحات رايس مع تصريحات الجنرال بترايوس والسفير كروكر في شهادتهما امام الكونغرس خلال اليومين الماضيين. وقد اشار الجنرال بترايوس الى خطة تتضمن سحب 30 الف جندي تدريجيا واعادة القوات الى مستوى يتراوح بين 100 الف و130 الفا بحلول الصيف القدم. ومن المرتقب ان يقر بوش توصيات بترايوس لخفض عدد القوات عندما يلقي كلمة تستغرق 20 دقيقة بشأن العراق مساءً. ويتوقع ان يؤكد بوش على انه قادر على اصدار الأمر بخفض القوات فقط بسبب النجاح الذي تحقق على الأرض في العراق بعدما أمر بزيادة القوات الاميركية في يناير (كانون الثاني) الماضي. الا ان جهات اميركية سياسية واعلامية عدة انتقدت تصريحات بترايوس، معتبرة انه كان من المقرر مسبقاً عودة الجنود. ورفض بترايوس هذه الانتقادات أمس في مؤتمر صحافي عقده مع كروكر، قائلاً: «كان بإمكاني طلب المزيد من القوات او استبدالها، ولكنني لم افعل ذلك بسبب ما حققناه». وامتنع عن تحديد موعد لسحب القوات في جدول ابعد من الصيف المقبل، لكنه قال: «سيكون من الصعب ان نبقى في الشكل الذي نحن عليه الآن بحلول الصيف المقبل». وأقر بترايوس ان الحكومة العراقية لم تمرر القوانين التي يطالب بها الكونغرس، مثل قانون النفط، لكنه اضاف: «هناك خطوات كثيرة مثل توزيع الموارد الى المحافظات التي تعطينا املاً». وفيما يخص تسلل المقاتلين الى العراق من الحدود السورية، قال بترايوس: «علينا استخدام كافة الوسائل مع الدول المضيفة، بما فيها الدبلوماسية، لمرور المقاتلين وخاصة مع سورية». وشدد بترايوس على نجاح القوات الاميركية والعراقية على وقف عدد كبير من السيارات المفخخة، قائلاً ان المسلحين علموا بقدومه مع كروكر الى واشنطن «وحاولا شن هجمات شنيعة مع هذا الموعد ولقد اوقفنا عدداً كبيراً من تلك الهجمات ولكن بعضها وقع قبل اسبوعين». وكرر الجنرال ديفيد بترايوس الاتهامات الموجة الى ايران واعتبر ان دلائل تورطها في العراق واضحة، مشيراً الى انها وراء الكثير من الهجمات وأحداث العنف التي تقع هناك. وقال: «في حوزتنا دلائل مادية وليس مجرد معلومات استخباراتية». وبموازاة ذلك، قال ريان كروكر السفير الاميركي في بغداد في ندوة صحافية مشتركة في نادي الصحافة في واشنطن، إن الدول المجاورة للعراق بصدد إنشاء «سكرتارية دائمة» من اجل تحقيق الاستقرار. وقال كروكر إن مؤتمر دول الجوار الذي انعقد في وقت كان فيها هو والجنرال بترايوس في واشنطن للادلاء بشهادتيهما امام الكونغرس بحث هذا الموضوع، بيد انه لم يشأ ان يوضح ما إذا كانت ايران وسورية، التي انتقدها ايضاً بترايوس، ستكونان ضمن السكرتارية الدائمة ونوه كروكر بمبادرة الرياض فتح سفارة لها في بغداد، وقال: «السعودية ارسلت اشارة في غاية الأهمية ... وهذه فرصة طيبة ليحذو الآخرون حذوها خاصة الدول العربية». وتطرق كروكر الى زيارة بعض المسؤولين الاوروبيين الى بغداد، خاصة وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنار، وعبر عن اعتقاده ان الاوروبيين، اصبحت لهم نظرة جديدة للوضع في العراق لا علاقة لها بمواقفهم اثناء الغزو. ومن جهة اخرى، نفى بترايوس ان يكون قد اشار الى ان القوات الاميركية ستبقى في العراق لمدة عشر سنوات اخرى، وقال: «لم اتحدث عن التزام كهذا». وقال بترايوس إن عملية خفض القوات ستبدأ قي ابريل (نيسان) المقبل وتستمر حتى منتصف يوليو (تموز)، لكنه لم يحدد ماذا سيتم بعد ذلك، واوضح ان قرار زيادة عدد القوات الاميركية في العراق والتي تبلغ الآن 168 الف جندي، بعد ان انضم اليها 30 الف في يونيو (حزيران) الماضي.