القاعدة تسعى للتحالف مع منظمات أصولية ثم السيطرة عليها

تنظيم بن لادن يركز على تجنيد إسلاميين يحملون جوازات سفر أوروبية

TT

تسعى القاعدة، التي عادت لها الحياة بفضل الملاذ الآمن المتوفر لها في شمال غربي باكستان، إلى توسيع شبكاتها وفي بعض الحالات عن طريق الاستيلاء بطريقة الشركات الكبرى على منظمات متطرفة إسلامية محلية حسبما قال مسؤولو استخبارات أميركيون خبراء في مكافحة الإرهاب.

وعلى الرغم من أن جهودها لا تكلل دائما بالنجاح فإن هذه المبادرات تدل على تحقق تحول في استراتيجية القاعدة مع مساعيها لتوسيع مؤيديها وتجديد قدرتها على ضرب أهداف غربية بما فيها الولايات المتحدة كما قال بعض المسؤولين والخبراء.

وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض عن مكافحة الإرهاب: «من المؤكد أننا نرى القاعدة وهي تحاول كسب نفوذ أوسع على حركات أخرى والسيطرة على بعض أعضائها بطريقة أكثر مباشرة. والكلمة التي تستخدم هي «التعاونية» على عكس كلمة الاتحاد أو التشجيع.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته كشرط للإدلاء بمعلومات عن هذا التحول: «ما أعنيه بذلك هو اختيار الأهداف وأنماط الهجوم وطرائق تنفيذها وتمويلها وهذا ما يجعل المنتمي تابعا».

أما بروس ريدل المسؤول الرفيع في سي آي أيه في مكافحة الإرهاب حتى السنة الماضية فقال إن القاعدة تهدف الآن إلى كسب مئات بل ربما الآلاف من المنفذين الذين تحولوا حاليا إلى متطرفين ويحملون جوازات سفر أوروبية ولا يحتاجون إلى تأشيرات دخول للسفر إلى الولايات المتحدة. وأضاف ريدل الذي أصبح استاذا رفيعا في معهد بروكنغز: «أظن ما نراه الآن هو إعادة هيكلة القدرات الهجومية على أهداف أوروبية أولا ثم على أهداف في أميركا الشمالية بحجم يماثل أو أكبر من هجمات 11 سبتمبر. ونحن يجب أن نكون متيقظين حول هذا. إنهم يؤسسون توكيلات ويشترون توكيلات، ويقدمون خبرات وشبكات ونقودا». وقال هؤلاء المسؤولون السابقون إن قادة القاعدة انطلاقا من شمال غربي باكستان بدأوا بإعادة بناء شبكة من القادة الميدانيين بعد أن هلك الجزء الأكبر منها بعد الهجوم على قواعدها في أفغانستان عقب هجمات 11 سبتمبر.

وفي شهادة قدمها روبرت مولر مدير إف بي آي، يوم 10 سبتمبر أمام الكونغرس قال إن «اندماج القاعدة مع مجموعات محلية خلق تهديدا متطرفا أوسع للجماعات الإسلاموية ويعقد مهمة تعقب وردع المخططات ضد الوطن».

وقالوا ايضا ان الجماعات تتصل ايضا بالقاعدة وتبعث مجندين الى باكستان لتدريبهم.

وقد اسرعت بعض هذه الجماعات لفرصة التحالف مع «اسم» القاعدة التي انتشرت شعبيتها بسبب حملاتها الاعلامية التي تزداد تقدما والمعارضة واسعة النطاق للسياسية الخارجية الاميركية ولا سيما الحرب في العراق، طبقا لما ذكره الخبراء والمسؤولون.

واوضح مثال هو القاعدة في المغرب الاسلامي وهي جماعة متطرفة كانت معروفة من قبل باسم الجماعة السلفية للدعوة والقتال. فالجماعة المبكرة كانت مكونة في معظمها من الجزائريين الذين يهدفون الى قلب نظام الحكم.

ولكن في 11 سبتمبر من العام الماضي اعلن الظواهري ان الجماعة اصبحت فرع القاعدة في منطقة شمال افريقيا لـ«تصبح عظمة في حلق الصليبيين الاميركيين والفرنسيين».

وقال مسؤول سابق في وزارة الخارجية متخصص في مكافحة الارهاب «كان لديهم الافراد ولكن لم تكن لديهم اسلحة ولا تدريب ولا مال. وحصلوا على كل ذلك بمجرد اعلان التحالف» ومقابل ذلك «حصلت القاعدة على المزيد من الامكانيات» على شكل هجمات متعددة على اهداف غربية زادتها شهرة. وفي الشهور الاخيرة، شنت القاعدة في المغرب الاسلامي اربع هجمات في الشهر، عمليات انتحارية في معظمها ضد اهداف غربية وأعداء سياسيين، بما فيهم ما يعتقد المسؤولون الاستخباريون انه محاولة لاغتيال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.

ويقول اوليفيه غيطة وهو خبير مغربي في مكافحة الارهاب يقيم في واشنطن ان القاعدة تستخدم بنيات موجودة بالفعل لتحقيق اهدافها. ويعتقد المسؤؤلون الاستخباريون الاميركيون ان التحالف ليس دمجا بل هو الاستيلاء على الجماعة السلفية، التي ذكر رايل انها اتت بعد «شهور عديدة من المناقشات بخصوص شروط الاتفاق بين الظواهري وبن لادن وزعيم الجماعة الاسلامية عبد الملك درودكيل. والجماعة الان ناشطة عبر معظم شمال افريقيا ومنطقة الساحل الافريقي ويستخدم زعماء القاعدة في باكستان الجماعة ورجالها في شمال افريقيا وإسبانيا وغيرها من الدول الاوروبية.

وقد واجه توسع القاعدة في بعض الحالات مقاومة. ففي جنوب شرقي اسيا، رفضت بعض الجماعات محاولات من جانب حليفها ابو سياف في جنوب الفلبين والجماعة الاسلامية، طبقا لما ذكره مسؤول كبير.

وفي العراق تحركت قيادات القاعدة في باكستان بصرامة لفرض المزيد من السيطرة على المقاتلين الاجانب، وبعث بأبو ايوب المصري من باكستان بعد مقتل ابو مصعب الزرقاوي زعيم جماعة القاعدة في بلاد الرافدين، في غارة جوية اميركية في العام الماضي. الا ان القاعدة في العراق تبقِى مستقلة بصورة كبيرة وتتكون بصفة اساسية من متمردين عراقيين محليين، كما ذكر مسؤولون استخباريون اميركيون. اماكن اخرى في الشرق الاوسط كما حققت القاعدة ايضا اتصالات مبدئية بجماعة جيش الاسلام الفلسطيني في قطاع غزة ومع فتح الاسلام، التي كان مقرها، حتى فترة متأخرة في مخيم نهر البارد في شمال لبنان. طبقا لمسؤول كبير في الادارة الاميركية هو فواز جرجس العالم المتخصص في التطرف الاسلامي.

فقد ذكر جرجس ان اثنين من نشطاء القاعدة هما عبد الله بيشي وعبد الرحمن الافغاني، ارسلا للبنان للتحقيق فيما اذا كان يمكن اعتبار فتح الاسلام فرعا مناسبا اما لا، الا انها رفضت الجماعة بسبب تاريخها الاجرامي وعلاقاتها المشبوهة بالمخابرات السورية.

وتحاول القاعدة بنتائج مختلفة تحقيق ارضية قوية في مصر التي تضم مجموعات كبيرة من المتطرفين المتعاطفين مع الظواهري نائب بن لادن وهو مصري.

ويعتقد مسؤولون اميركيون ان الظواهري يقود جهود التوسع الحالية. ففي العام الماضي اعلن اندماج القاعدة والجماعة الاسلامية المصرية. ولكن العديد من قيادات الجماعة نفوا انضمامهم الى صفوف القاعدة.

وتتفاوض القاعدة مع جماعة المقاتلين الاسلاميين الليبية ايضا. وقد ظهر العديد من مقاتلي القاعدة في ليبيا الى درجة ان الزعيم الليبي معمر القذافي وهو حليف جديد في مكافحة الارهاب مع واشنطن شن حملة عادت الى القبض على مئات. وفي شرق افريقيا، تحاول القاعدة فرض المزيد من الضغوط على فروعها، التي تديرها مجموعات من النشطاء القدامى وكأنها خلايا مستقلة بصفة عامة وناشطة منذ عام 1998 عندما نسفوا السفارتين الاميركيتين في كل من كينيا وتنزانيا مما ادى الى مقتل 224.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» (خاص بـ«الشرق الاوسط»)