ترحيب عربي وإقليمي ودولي بدور السعودية في حل الأزمة الصومالية

وزير الداخلية الصومالي: من حسن حظنا أننا سنوقع المصالحة في الأراضي المقدسة

TT

أعرب محمد محمود جوليد (جعمديرى) وزير الداخلية الصومالي عن تفاؤله بدخول السعودية على خط الجهود الرامية إلى حل الأزمة الصومالية وإيجاد تسوية سياسية شاملة لها، فيما رحبت المنظمات الإقليمية والعربية بالجهود السعودية لدفع عملية المصالحة الوطنية في الصومال عبر استضافة توقيع كل الفرقاء الصوماليين على اتفاقية تتضمن نتائج مؤتمر المصالحة الوطنية الذي عقد أخيرا ولمدة 45 يوما في العاصمة الصومالية مقديشيو.

وقال جعمديرى لـ«الشرق الأوسط» إن «الاهتمام الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتحقيق المصالحة وإعادة الأمن والاستقرار للصومال محل احترام وتقدير كافة طوائف الشعب الصومالي».

وأوضح جوليد أن التدخل السعودي في مرحلة التوقيع على ما تم التوصل إليه من تفاهمات واتفاقيات خلال مؤتمر المصالحة الوطنية يعيد إلى الصوماليين ما افتقدوه من اهتمام عربي على المستويين السياسي والاعلامى. وقال «من حسن الحظ أننا سنوقع نتائج ما توصلنا إليه في مقديشيو بالأراضي المقدسة وخلال شهر رمضان المبارك، إنها مشاعر روحية ودينية رائعة نتمنى أن تنعكس إيجابا على مستقبل الأوضاع لاحقا في الصومال».

وكان وفد صومالي رفيع المستوى قد وصل أمس إلى السعودية في هذا الإطار يضم رؤساء الترويكا الانتقالية في الصومال (الرئيس عبد الله يوسف، ورئيس البرلمان آدم محمد نور مادوبى وعلى محمد جيدي رئيس الحكومة، برفقة نحو 300 من مشايخ القبائل والوفود الممثلين للمشاركين في مؤتمر المصالحة الأخير).

وقال بيلارد جون كريستوف مسؤول ملف الصومال في الاتحاد الأوروبي «إن الاتحاد الأوروبي يدعم هذه الجهود المفيدة جدا»، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي كان على اتصال مستمر مع المسؤولين في السعودية للتشاور حول ما ينبغي فعله تجاه هذه الدولة التي دمرتها الحرب الأهلية الطاحنة التي اندلعت منذ نحو 16 عاما.

واعتبر بيلارد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مدينة جدة السعودية التي وصلها أمس أيضا للمشاركة في حفل التوقيع على اتفاق نتائج مؤتمر المصالحة الصومالية، أن النفوذ السياسي للسعودية بالإضافة إلى مكانتها الدينية والروحية سيؤثر بشكل ايجابي في مسار عملية المصالحة الوطنية.

وأشار إلى أن الدور السعودي محل إجماع سواء بين الفرقاء الصوماليين أنفسهم أو بين جميع الأطراف المعنية بملف الأزمة الصومالية. وقال «إن قيادة السعودية ورئاستها للدورة الحالية لمؤسسة القمة العربية تمنحها أيضا زخما إضافيا في هذا الإطار». وكان مبعوث المفوضية الأوروبية لشؤون الصومال قد زار السعودية في وقت سابق من العام الجاري ضمن جولة عربية وإقليمية دامت نحو الشهر للتعرف على وجهات نظر المختلفة إزاء الوضع في الصومال.

إلى ذلك، قال مسؤول بالجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط» «إن استضافة السعودية لقيادات العمل الوطني الصومالي تأتي في إطار تنفيذ مقررات القمة العربية العادية التاسعة عشرة التي استضافتها السعودية خلال شهر مارس (آذار) الماضي»، موضحا أن القرار الذي اتخذته القمة قد رحب آنذاك بالدعوة الكريمة الموجهة من المملكة العربية السعودية (رئيسة القمة العربية الحالية) إلى اللجنة الوزارية الخاصة بالصومال بعقد اجتماعها القادم في جدة، بمشاركة الحكومة الانتقالية الصومالية، والقوى السياسية والأهلية والدينية والمدنية الصومالية، من أجل النظر في أفضل الوسائل المناسبة لإسراع عملية المصالحة الوطنية الصومالية، والطلب من الأمانة العامة، بالتنسيق مع الجهات المعنية بوزارة الخارجية السعودية، اتخاذ ما يلزم من إجراءات، بما في ذلك إجراء المشاورات اللازمة مع كافة الأطراف ذات العلاقة، لضمان نجاح ترتيب عقد هذا الاجتماع في أقرب وقت ممكن.

من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن الحكومة الصومالية الانتقالية التي يترأسها علي محمد جيدي تدرس حاليا إمكانية التقدم بطلب إلى منظمة الأمم المتحدة ومجلس الشرطة الدولية (الانتربول) لمساعدتها في توقيف معظم الأعضاء الـ191 الذين تم الإعلان عن انتخابهم أخيرا في ختام المؤتمر الذي عقدته المعارضة الصومالية في العاصمة الاريترية، أسمرة، تحت عنوان «تحرير الصومال وإعادة تكوينه».

وقالت مصادر مقربة من جيدي لـ«الشرق الأوسط» إن حكومته تجهز حاليا لملفات وثائقية تتضمن اتهامات مباشرة لمعظم أعضاء تحالف المعارضة الصومالية الجديد بالتورط في جرائم حرب ضد مدنيين وأنشطة إرهابية، لافتة إلى أن القائمة ستضم كل قيادات المعارضة بما في ذلك كبار مسؤولي المحاكم الإسلامية (الشيخين حسن طاهر أويس ومساعده شريف شيخ أحمد الذي تم انتخابه رئيسا لتحالف المعارضة) إضافة إلى أعضاء ورئيس البرلمان السابق الذين انشقوا على الحكومة بعد نجاح القوات الإثيوبية والصومالية فى الإطاحة بميلشيات المحاكم الإسلامية نهاية العام الماضي.

وأوضحت المصادر أن هذا التحرك يستهدف تضييق مجال الحركة أمام المعارضة الصومالية في المرحلة المقبلة وبهدف حرمانها من محاولة الحصول على أي دعم اقليمي أو خارجي لتحقيق ما اتفق عليه مناوئو السلطة الصومالية من تفاهمات. وكشفت المصادر النقاب عن أن الحكومة الصومالية بصدد الطلب من المجتمع الدولي مساعدتها على اعتقال مجموعة أسمرة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات واسعة ضد حقوق الإنسان فضلا عن احتمال تورطها في عمليات إرهابية تشنها جماعات المعارضة ضد قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي.

وأوضحت أن حكومة جيدي ستطلب أيضا في نفس الإطار من منظمة دول هيئة التنمية الحكومية (الإيقاد) توقيف أي من معارضي السلطة الصومالية لدى محاولتهم عبور أراضي دولها على غرار مشروع قانون جرى تفعيله لفترة قصيرة العام الماضي ضد أمراء الحرب وزعماء الميلشيات المناوئين للشرعية الدستورية فى البلاد.

وتعني هذه الإجراءات أن الحكومة الصومالية ستبدأ فعليا في مطاردة أعضاء تحالف المعارضة المناوئ لها، فيما أكد مسؤولو المعارضة أن هذه الإجراءات ستظل بدون فاعلية لأن معظم هؤلاء المطاردين يحتفظون بجوازات سفر أوروبية وعربية.

ولم يتسن أمس الحصول على تعقيب فوري من الشيخ شريف شيخ احمد الرجل الثاني فى تنظيم المحاكم الإسلامية، والذي تم اختياره رئيسا لتحالف المعارضة الصومالية.