أجواء ترقب لتعيين رئيس الحكومة المقبلة في المغرب

بينما المواطنون شغوفون بالمسلسلات الرمضانية

TT

استسلم أغلب المغاربة للأجواء الرمضانية، وكأنهم لم يعيشوا قبل أسبوع أهم استحقاق يُفترض أنه حدد معالم السنوات الخمس المقبلة، ومن شأنه كذلك أن يحرك السواكن ويفتح نقاشا عاما في البلاد تشارك فيه الفعاليات السياسية والفكرية والإعلامية. وكما لم تثر الحملة الانتخابية في حينها اهتمام المواطن وفضولهم، كونها مرت في أجواء هادئة هدوءا غير طبيعي، وغير مبرر، يعود السبب فيه جزئيا، إلى التزام الأحزاب المشاركة بما يشبه «اتفاق وقف إطلاق النار» فيما بينها، حيث عمد الكثير من المرشحين إلى أساليب تأثير وإقناع بديلة، لم يستشيروا في غالب الأحيان بخصوصها قيادات أحزابهم من قبيل اللجوء إلى استعمال المال لشراء الأصوات، دون أن يفلح نظام الاقتراع باللائحة في القضاء نهائيا على ممارسات أساءت إلى الاستشارات الشعبية التي نظمت في البلاد، قبل تولي العاهل الحالي الملك محمد السادس.

وبدل أن تقوم وسائل الإعلام بكافة أصنافها، بواجب الشرح والتوضيح ووضع الأصبع على مكمن الداء السياسي الذي جعل أكثر من نصف المغاربة المسجلين في القوائم الانتخابية، يحجمون عن الذهاب إلى مراكز الاقتراع القريبة من مقار سكناهم، بينما الذين تجشموا منهم تلك المشقة، تصرفوا بعبثية غير مشهودة في تاريخ الاقتراع بالمغرب، إذ تجاوز عدد البطائق الملغاة نسبة الصحيحة (19 مقابل 18 في المائة) لأول مرة، إذا كان صحيحا أن مجموع المصوتين37 في المائة، الأمر الذي فاجأ بل صدم الطبقة السياسية والحزبية في البلاد، مما دفع بعض رموزها إلى المطالبة بالتمعن في الرسالة المرسلة من قبل المواطنين، ومساءلة النفس بشجاعة واستخلاص العبر اللازمة، فيما ظهرت إشارات التمرد وعدم الانضباط في بعض العائلات الحزبية. تكمن قيمة نتائج الانتخابات الأخيرة، على الرغم من الشوائب الصغيرة التي تكون قد لصقت بها، في أنها عرت المشهد السياسي المغربي، ووضعته مكشوفا أمام سائر الأنظار والأبصار، وأبرزت أن كثيرا من الشعارات المرفوعة من قبل الدولة والأحزاب وحتى المجتمع المدني، سابقة لأوانها وبعيدة عن الواقع وغير معبرة عن انتظارات غالبية المغاربة.