يابانيات ينومن أزواجهن ويضاربن في البورصة

يعملن ليلا في سوق تجارة العملة عبر الإنترنت

مايامي توري تقول انها كسبت 150 الف استرليني منذ ان بدات العمل في سوق تجارة العملة عبر الانترنت " «نيويورك تايمز»
TT

منذ أن بدأت أزمة القروض بإثارة المشاكل في الأسواق المالية العالمية هذا الصيف، مني التجار المحترفون بخسائر كبيرة. وهناك مجموعة أخرى من المستثمرين منيت هي الأخرى بخسائر: ربات بيوت يابانيات ينتمين للطبقة الوسطى يعملن في أوقات فراغهن في مجال تجارة العملة.

وايتوه واحدة منهن. ولم ترد ايتوه، وهي ربة بيت في مدينة ناغويا في وسط اليابان الكشف عن اسمها بالكامل، لان زوجها لا يعرف بالأمر. فبعد تنظيف أطباق العشاء، تقضى ليلتها تشتري وتبيع الاسترليني والدولار الاسترالي.

وعندما بدأت الاضطرابات في أسواق العملات في الشهر الماضي، قضت ايتوه أسبوعا تعاني من الأرق بعدما قضت خسائر السوق على مدخراتها. فقد فقدت كل مدخرات الأسرة تقريبا التي تصل الى مائة ألف دولار.

وشاركت عشرات الألوف من اليابانيات المتزوجات في سوق تجارة العملة عبر الانترنت خلال الثمانية عشر شهرا الماضية، حيث مارسن التجارة خلال الأعمال المنزلية أو بعد وضع الأطفال في الفراش. وفي الوقت الذي يسخر فيه عالم تجار الأوراق المالية منهن، فإنهن اصبحن، بطريقة جماعية، مجموعة قوية، تستخدم ثروة اليابان الهائلة للسيطرة على الأسعار.

وقد اشترت وباعت العديد منهن م قيمته ملايين الدولارات عبر التجارة الهامشية، وهو نوع مربح ولكنه خطر من العمليات التجارية التي تعتمد على مال مقترض.

وحتى أزمة القروض الأخيرة، التي بدأت بمشاكل في سوق الإقراض الإسكاني الأميركي، كانت قيمة العملات الأجنبية التي يتاجر فيها المواطنون اليابانيون، بما في ذلك النساء يصل الى 9.1 مليار دولار اميركي يوميا ـ وهو ما يمثل خمس كل تجارة العملات الاجنبية العالمية خلال ساعات التعامل في طوكيو كما أوضح كازوهيرو شيراكورا ،وهو محلل في معهد يانو للأبحاث في طوكيو.

والآن يمكن ان تتحول ربات البيوت اليابانيات الى ضحايا نتيجة لما يحدث في سوق الديون والقروض والأوراق المالية على مستوى العالم. واذا ما حدث ذلك، فإن السيدات المتزوجات سيخسرون أكثر من مجرد فرص استثمارية. حيث يمكنهم خسارة الحرية الاقتصادية الجديدة التي دفعت العديد منهن الى التجارة في العملات الأجنبية في المكان الأول.

ويقدر معظم المحللين ان تجارة العملات عبر الانترنت في اليابان خسرت اكثر من 2.5 مليار دولار في الشهر الماضي وحده.

وكانت تجارة العملات الأجنبية عبر الانترنت قد تحولت الى ظاهرة فرعية هنا، حيث انتشرت مدونات وكتب ونواد استثمارية لمجموعات تجارة ربات البيوت اليابانيات للعملات. وتقول العديد من النساء ان جاذبية هذه التجارة تتركز في الاحتمال بأن تجارة العملات عبر الانترنت تقدم بعض الاستقلالية المالية بالنسبة للزوجات اللائي يرغبن في قضاء وقتهن في بيوتهن.

وتستخدم بعض النساء أموالهن الخاصة، وبعضهن يستخدمن اموال أزواجهن، وبعضهن الآخر يستخدمن مزيجا من الاثنين. ولكن دخولهن عالم تجارة العملات يعني تحديهن للمحظورات الاجتماعية في اليابان بالنسبة للمال، الذي يعتبر هنا شيئا قذرا، ولا سيما عندما يتم الحصول عليه عبر التكهنات المالية.

وتقول مايومي توري، وهي أم في الحادية والأربعين من عمرها حققت ربحا قدره 150 ألف دولار منذ دخولها عالم تجارة العملات في العام الماضي «هناك محظورات ضد المال الذي لم يتم الحصول عليه عبر الجهد الجسدي».

وهي واحدة من اشهر تاجرات العملات في اوساط ربات البيوت، وقد كتبت كتابا حول استراتيجية الاستثمار التي تتبعها وأسست جماعة دعم للتجار عبر الانترنت. ولكن حتى نشر كتابها في شهر يوليو (تموز) الماضي، كانت تخشى الاعتراف حتى لأصدقائها بأنها تتاجر في العملات، وإن كان زوجها يعلم ذلك ويوافق عليه. وقد أصبحت الآن ضيفة على البرامج التلفزيونية.

وقالت توري انها تنوي الاستمرار في عملها، بالرغم من تقلبات الأسواق الاخيرة. وقالت انها كانت افضل فرصها «للاستقلال اقتصاديا،» وهو امر ضروري اكتشفته بعدما فشل زواجها الأول، وكان عليها الحياة مع ابنها على مدخراتها المحدودة.

وبالنسبة لبعض النساء، فإن تجارة العملة قدمت لهن نوعا متواضعا من الاستقلالية، ومنحتهن الفرص لتكوين مدخرات منفصلة عن حسابات ازواجهن.

وواحد من اسباب قدرة تجارة العملات المنزلية على تحريك الأسواق هو أنهن مسؤولات عن المدخرات المنزلية التي يصل حجمها الى 12.5 تريليون دولار. ولاكثر من عقد من الزمن، كان هذا المبلغ موضوعا في حسابات مصرفيا هنا ويحصل على فائدة منخفضة. ولكن مع ارتفاع متوسطات أعمار اليابانيين انتشر مزيد من القلق بخصوص المستقبل، وبدأت العديد من البيوت اليابانية بنقل مدخراتها للخارج بحثا عن عائدات مرتفعة.

وقد انتقل جزء صغير من هذه المدخرات الى استثمارات خطيرة مثل حسابات العملات عبر الانترنت. ومعظم هذه الحسابات هي تجارة هامشية، حيث يضع المستثمر وديعة مالية مع سمسار مالي تسمح لهن باستدانة ما يصل الى 20، بل مائة مرة من الوديعة للتجارة.

وتتمتع هذه الممارسة بشعبية ليس بسبب الزيادات الهائلة في احتمالات الربع، ولكن ايضا لأنها تسمح للزوجات بالتجارة من المنزل.

وكانت ربات البيوت التاجرات في العملات الأجنبية سريات لدرجة المحللين لم يقدروا مدى انتشارها حتى هذا الصيف، عندما قبضت الشرطة على ربة بيت من طوكيو متهمة بالفشل في بدفع 1.1 مليون دولار ضرائب على مكاسبها في تجارة العملات الأجنبية.

وفي الوقت الذي انتشرت فيه تجارة الاوراق المالية في اليابان، فإن النساء يفضلن التجارة في العملات بسبب البساطة النسبية: فالعملات التي يتم التجارة فيها عالميا لا تزيد على عدة عملات، بينما الأوراق المالية عددها ضخم للغاية.

وكانت التجارة الهامشية تبدو وسيلة مؤكدة لتحقيق الأرباح، فالين ينخفض سعره باستمرار بالنسبة للدولار وغيره من العملات الأجنبية. ولكن في الشهر الماضي وفي وسط ازمة القروض ارتفع سعر الين ارتفاعا كبيرا بعد اصابة العديد من التجار بالفزع.

وتتذكر ايتوه انها أرادت البكاء وهي تراقب ارتفاع اسعار الين بنسبة وصلت الى 5 المائة في يوم واحد هو 16 أغسطس (آب).

ولم تبع ذلك اليوم، معتقدة ان الين سينخفض مرة اخرى. ولكن صباح اليوم التالي بقي ألف دولار فقط في حسابها.

خدمة «نيويورك تايمز»