صراع شديد في الانتخابات التشريعية اليونانية وإقبال جماهيري على لجان الاقتراع

رئيس الوزراء المحافظ كوستاس كارامانليس نجل شقيق رجل الدولة كونستانتين كارامانليس يحيي أنصاره في الانتخابات امس (ا.ف.ب)
TT

تزاحم أمس الناخبون في اليونان، وخاصة في العاصمة أثينا، على مراكز الاقتراع التي زاد عددها على 20 ألف مركز في جميع أنحاء البلاد، للمشاركة في تأدية حق التصويت في الانتخابات التشريعية العامة لاختيار 300 عضو لدخول البرلمان، و يتنافس في هذه الانتخابات 3941 مرشحا من 21 حزبا سياسيا بينهم 18 مرشحا مستقلا.

وعلى العكس تماما، شهدت المناطق المتضررة من الحرائق التي اجتاحت البلاد الفترة الأخيرة إقبال ضعيف، وعرض التلفزيون اليوناني مشاهد من المنازل الحديدية الجاهزة التي خصصت كمراكز للانتخابات، حيث كانت تجرى الاقتراعات في المباني المدرسية ولكن الحرائق دمرتها، وعبر بعض المواطنين عبر التلفزيون عن سخطهم الشديد تجاه النظام الحكومي وعدم الاهتمام بهم وأن كل ما يجري حاليا وقبل الانتخابات ما هو إلا دعاية انتخابية سوف تزول بمجرد انتهاء الانتخابات.

وقد أدى جميع رؤساء أحزاب السياسية في البلاد حقهم الانتخابي، حيث أدلى كل من كوستاس كارامنليس رئيس حزب الديمقراطية الجديدة اليميني الحاكم، وجورج بابندريو رئيس الحزب الاشتراكي أكبر الأحزاب المعارضة، بصوتيهما في مدينة سالونيكا عاصمة شمال اليونان، فيما أدلى رئيس الجمهورية كارلوس بابولياس بصوته الانتخابي في إقليم يوأننا، مسقط رأسه، بينما فضلت السكرتيرة العامة للحزب الشيوعي، أليكا باباريغا، الإدلاء بصوتها في ضاحية بريستيري الشعبية غرب أثينا، وجورج كاراتزافيريس، زعيم حزب الحركة الأرثوذكسية الشعبية، في ضاحية باليو فاليرو جنوب أثينا، أما أليكوس ألفانوس، زعيم حزب اليسار التقدمي سيريزا، فأدلي بصوته في جزيرة كريت جنوب البلاد. ويتوقع أن تكشف هذه الانتخابات سخط الشعب على الأحزاب الكبيرة، كما أنها قد تمكن أحزابا صغيرة أخرى من دخول المجلس النيابي للمرة الأولى. ويأمل رئيس الوزراء اليوناني أن يضمن له سجله الاقتصادي فوزا سهلا، لكنه يخشى في الوقت ذاته من تبعات حرائق الغابات التي استعرت هذا الصيف وأسفرت عن مقتل 65 شخصا، كما أن سلسلة من الفضائح قد تؤثر على فرصه بالفوز. ويتنافس مع كرامنليس في هذه الانتخابات الزعيم الاشتراكي جورج باباندريو وكلاهما يتحدر من أسرة سياسية بارزة. غير أن استطلاعات الرأي تشير إلى أنهما لن يحصلا على الأغلبية المطلقة، وأن الناخبين يتجهون نحو الأحزاب الصغيرة. واستبعدت التوقعات المعلن عنها هنا في أثينا، فوز أي حزب من الحزبين الكبيرين سواء اليميني الحاكم أو الاشتراكي المعارض، ولكن أشارت التوقعات إلى تقدم الحزب اليميني على منافسه الاشتراكي، وأنه لن يتمكن من الحصول على 151 مقعدا وتشكيل حكومة، ولذا قد يتوجب على الحزب المتقدم اللجوء إلى تحالف مع حزب يساري آخر صغير، ولكن هذا الشيء نفاه كارامنليس تماما قبل الانتخابات، مشيرا إلى خلافات داخلية بين الأحزاب وأيضا اختلاف البرامج السياسية وحينذاك سوف يدعو كارامنليس إلى انتخابات جديدة أخرى. أما الحزب الاشتراكي فترك الباب مفتوحا للتحالف وتكوين حكومة ائتلافية مع الأحزاب الأخرى حتى يسيطر من جديد على زمام الحكم.

كما تحدثت بعض الدوائر السياسية عن تضييق الفجوة بين الحزبين الكبيرين وذلك بسبب بعض الأخطاء التي ارتكبها الحزب الحاكم تتعلق بفضائح مالية والحرائق الأخيرة والتكتم على عمليات التنصت على التليفونات وأيضا التعتيم حول موضوع اعتقال مجموعة من المهاجرين الباكستانيين واستجوابهم على أيدي مخابرات أجنبية في اليونان.

والتقت «الشرق الأوسط» أمام لجان الانتخابات في ضاحية أنو ليومي، غرب العاصمة أثينا والتابعة لقسم (ب ـ أثينا) بعدد من الناخبين، حيث كانت هناك مشاركة إيجابية منذ الصباح الباكر، وكشف عدد من الناخبين عن انتمائهم الحزبي قبل التصويت وبعده، فيما احتفظ عدد آخر باسم الحزب الذي سيصوت له. بانايوته فلاخوبولو، 38سنة، وضعت على صدرها شعار الحزب الحاكم فيما كانت توزع أمام مبنى المدرسة التي يجري فيها الانتخابات على عدد من دائرة معارفها، القائمة الانتخابية المرشح ضمنها أحد أقاربها و بجوار اسمه علامة الاختيار. يذكر أن اسمي عائلتي كارامنليس وباباندريو يسيطران على المشهد السياسي في اليونان منذ الستينات، فالعائلة الأولى يندرج منها كوستاس كارامنليس رئيس الوزراء الحالي ورئيس الحزب اليميني الحاكم، حيث أن عائلته بزعامة عمه قسطنطين كارامنليس تولت رئاسة الحكومة في اليونان عام 1955، والعائلة الثانية يندرج منها جورج باباندريو رئيس الحزب الاشتراكي المعارض الباسوك والذي أسسه والده اندريا باباندريو عام 1974، بالإضافة إلى أن جده جورجيو باباندريو تولى رئاسة الحكومة في البلاد عام 1964.

وبالرغم من صغر سن الزعيمين وأفكارهما المتقدمة، فقد أدخلا الجيل الشاب إلى حلبة السباق، ويراهن الزعيمان كارامنليس وباباندريو على الفوز.. فهل تتحقق رغبات كارامنليس في البقاء علي مقعد رئاسة الوزراء ويفوز بفترة رئاسة ثانية مدتها أربع سنوات، أم يتمكن باباندريو رئيس الحزب المعارض من الوصول إلى مقعد والده الذي كان يسمى بالأسد العجوز؟ سؤال ستعلن إجابته خلال الساعات القليلة المقبلة.