وزير الخارجية البريطاني: المعاناة الفلسطينية وانعدام الأمن الإسرائيلي وجهان لعملة واحدة

تقرير «الأوجه الاقتصادية للسلام في الشرق الأوسط» يضع خريطة طريق تعتمد على حل سياسي

TT

أطلقت الحكومة البريطانية أمس حملة لمعالجة المشاكل المتعددة التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني وتزيد من معاناة الشعب الفلسطيني، الامر الذي ترى لندن انه عقبة كبيرة أمام احلال السلام في الشرق الاوسط. وتركزت هذه الحملة في تقرير نشر أمس بعنوان «الاوجه الاقتصادية للسلام في الشرق الاوسط»، والذي قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند انه يحاول «معالجة الاعراض» لانعدام السلام في المنطقة، بينما «الاسباب» مثل الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية يبقى موقع نقاش للساسة. واضاف ميليباند أمس ان «المعاناة الفلسطينية وانعدام الامن الاسرائيلي وجهان لعملة واحدة». وهذه هي الفكرة التي تحاول حكومة رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون اقناع اسرائيل والمجتمع الدولي بها، معتبرة ان «خريطة طريق اقتصادية» جوهرية لتطبيق «خريطة الطريق» السياسية لاحلال السلام في الشرق الأوسط. واوضح ميليباند في ندوة لاطلاق التقرير حضرها عدد من النواب والسفراء العرب والاجانب، منهم السفير السعودي لدى المملكة المتحدة وايرلندا الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز والسفير الفلسطيني مانويل حساسيان، ان «هناك مخاوف لدى الاسرائيليين ومعاناة لدى الفلسطينيين، ولن نعالج المخاوف الاسرائيلية ان لم نعالج المعاناة الفلسطينية والعكس صحيح». وفي 50 صفحة، تطرح الحكومة البريطانية سبل معالجة الاقتصاد الفلسطيني الذي يعاني من نسبة بطالة 65 في المائة وتراجع اجمالي المنتج الداخلي بنسبة 40 في المائة منذ اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000. ومن بين المقترحات التي يطرحها التقرير التنسيق بين الدول المانحة لفلسطين والتأكد من وصول 55 مليون دولار مساعدة من الجامعة العربية ووفاء الدول الصناعية الكبرى الثماني بدفع المجتمع الدولي تقديم 3 مليارات دولار سنوياً لمدة ثلاث سنوات الى السلطة الفلسطينية. ولكن شدد وزير الاطفال والمدارس ايد بولز، الذي وضع التقرير مع مستشار براون في رئاسة الوزراء جون كانليف، على انه يجب بناء الاقتصاد الفلسطيني حتى لا يكن معتمداً فقط على المساعدات. وأضاف: «مقترحنا الاول هو وقف بناء المستوطنات والبنى التحتية (الاسرائيلية) على الاراضي الفلسطينية»، في اشارة الى الجدار الفاصل، وتابع: «هذه المقترحات تحتاج الى القيادة السياسية القادرة». وكان رئيس الوزراء براون قد كلف باعداد هذا التقرير في عام 2005 عندما كان وزيرا للمالية، وكان في وقتها كل من سلام فياض، رئيس الوزراء الفلسطيني، وايهود اولمرت، نظيره الاسرائيلي، وزراء مالية ايضاً، مما يعني ان الثلاثة قد يتعاونون على المنحى الاقتصادي من مواقعهم الجديدة. ودفع براون مراراً بان الموقف السياسي والامني لا يمكن ان يتحسن الا اذا كان هناك اقتصاد فلسطيني قوي قابل للاستمرار ويعطي الشعب الفلسطيني شعورا بالامل يجعله يدعم السلام مع اسرائيل. وقال مسؤول في وزارة الخارجية طلب عدم ذكر اسمه ان التقرير سيكون موضع نقاش في نيويورك اثناء لقاء الرباعية على هامش الجمعية العامة في الامم المتحدة بالاضافة الى التنسيق مع مبعوث الرباعية الدولي توني بلير.

وبينما يقدم التقرير 4 صفحات من المقترحات، الا انه لا يوجه المقترحات لطرف معين، مما يعني انه لا يحرج اسرائيل. فبينما يوضح التقرير بشكل كامل المشاكل الواسعة التي تؤثر على الاقتصاد الفلسطيني من جراء فرض القيود الاسرائيلية على الاراضي المحتلة ورفض اعطاء السلطة الفلسطينية مستحقاتها من ايرادات الضرائب وبناء الجدار الفاصل والمستوطنات على اراضي فلسطينية. ويوصي التقرير بالرفع الفوري للقيود على حرية التنقل داخل الضفة الغربية وادارة مستمرة لعمليات عبور حدود للسلع والافراد من والى غزة، بعدما علقت اسرائيل العمل باتفاق المعابر التي ابرمته عام 2005 باشراف وزيرة الخارجية الفلسطينية، الا ان التقرير لا يلزم اسرائيل بالكف عن هذه الممارسات التي تتجسد في الاحتلال منذ 40 سنة. ووجه عدد من الحضور تساؤلات الى ممثلي الحكومة البريطانية حول هذه النقطة، فرد ميليباند: «هناك سؤال عن معالجة الاعراض ومعالجة الاسباب، ونحن نحاول ان نعالج الاثنين». وجاء في التقرير ان الوصول الى «توازن بين الامن الاسرائيلي والحرية الاقتصادية الفلسطينية يمثل تحديا كبيرا لصناع السياسة الاسرائيليين والمسؤولين الامنيين ولكنه تحد لا يمكن تجنبه».

ويلفت التقرير الى ان الدلائل المستقبلية للاقتصاد الفلسطيني ضئيلة ومع سرعة النمو السكاني سيكون الموقف غير مستقر. وقال كانليف الذي ساهم في اعداد التقرير: «اسرائيل تعلم انها قد تواجه حوالي 3 ملايين عاطل عن العمل خلال 10 الى 15 سنة، وهذا امر بالطبع سيؤثر على امنها». ويعول التقرير على القطاع الخاص الفلسطيني والاستثمارات الخارجية في القطاع الخاص لتوفير فرص عمل جديدة للجيل الفلسطيني المقبل. كما يطالب التقرير بتعاون اوسع بين رجال الاعمال الفلسطينيين والاسرائيليين. وأضاف التقرير انه يجب تنويع الاقتصاد الفلسطيني بدلاً من استناده الكبير على اسرائيل، واوصى بفتح طرق تصدير من خلال الاردن ومصر. وكتب براون في مقدمة التقرير «من الواضح بشكل جلي بأن إحراز تقدم سياسي واقتصادي مستدامين في عملية السلام في الشرق الأوسط يتطلب أن تعمل السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية مع بعضهما البعض».