مسؤول أميركي سابق: «النفط هو السبب الرئيسي في حرب العراق»

غرينسبان اتهم في مذكراته الرئيس بوش بالتخلي عن مبادئ الجمهوريين بالنسبة للاقتصاد

نسخ من مذكرات ألان غرينسبان معروضة في احدى المكتبات بواشنطن أمس (أ.ف.ب)
TT

قال الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي الاميركي (البنك المركزي) آلان غرينسبان ان «النفط هو من الاسباب الرئيسية في شن الحرب على العراق»، في مذكراته التي نشرت أمس مما احدث ضجة في بلاده.

وفي خروج عن التحفظ والصمت اللذين اشتهر بهما اثناء رئاسته للاحتياطي الفيدرالي، اتهم غرينسبان الرئيس الاميركي جورج بوش مباشرة بالتخلي عن مبادئ الجمهوريين بالنسبة للاقتصاد. وأوضح «يحزنني انه من غير اللائق سياسيا الاقرار بما يعرفه الجميع، وهو ان النفط هو من الاسباب الاساسية للحرب في العراق».

ومن المقرر ان تصدر أمس مذكرات غرينسبان بعنوان «زمن الاضطرابات: مغامرات في عالم جديد (ذي ايدج اوف تربلنس: ادفنتشرز ان ايه نيو ورد»، بعد 18 شهرا على تركه منصبه في الاحتياطي الفيدرالي بعدما تولى رئاسته من 1987 الى 2006، في الوقت الذي يقف فيه الاقتصاد الاميركي عند مفترق طرق وقبل اجتماع مهم يعقده البنك المركزي تحت رئاسة خلفه بن بيرنانكي.

واثارت هذه الخلاصة ضجة كبيرة في واشنطن نظراً لأهمية ما اورده غرينسبان من حجج دامغة تؤكد ما وصل اليه من خلاصات. وزاد الاهتمام برأي غرينسبان لانه عرف، خلال عمله في مكتب الاحتياطي الفيدرالي، بالصمت المستمر، وبرفضه اجراء مقابلات مع الصحافيين، كما انه من الجمهوريين. وقال غرينسبان في كتابه: «انا حزين لأني لا اقدر على القول في سهولة رأياً سياسياً، وهو الاعتراف بأن السبب الرئيسي لحرب العراق هو النفط». وعندما نشرت صحف اميركية امس مقتطفات مبكرة من الكتاب، انتقد روبرت غيتس، وزير الدفاع، رأي غرينسبان، وقال إنه «يحترم» غرينسبان، لكنه يرفض ان «العطش للنفط» كان سبب غزو العراق سنة 2003. واضاف «اعتبر ان سبب الحرب هو تحقيق الاستقرار في منطقة الخليج، ومنع محاولات الانظمة المارقة من تطوير اسلحة دمار شامل».

وقال غيتس في مقابلة في قناة «اي بي سي» «قال بعض الناس ان حرب الخليج عام 1991 كانت بسبب النفط ايضا. وانا لا اعتقد ان ذلك كان صحيحا». واعترض على رأي غرينسبان ايضاً اعضاء في الكونغرس، وكان الكونغرس قد وافق عام 2002 على منح الرئيس بوش مسؤولية غزو العراق. لكن، السناتور الجمهوري جون كورنين قال تعليقاً على خلاصات غرينسبان «لا اعتقد ان 77 عضوا في مجلس الشيوخ (الذين منحوا بوش المسؤولية) ينتمون الى الحزبين الجمهوري والديمقراطي كانوا سيمنحون بوش سلطة اعلان الحرب اذا كان النفط هو السبب الوحيد».

ولم يكتف غرينسبان بانتقاد الرئيس بوش، ولكنه انتقد ايضا، قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس، وقال انهم «تخلوا عن مبادئ الحزب الاقتصادية». واضاف انهم: «حاولوا استبدال الحكم بالمبدأ وفشلوا في الاثنين: لا حكم ولا مبادئ». واضاف: «لذا، كان لا بد ان ينهزموا» في انتخابات السنة الماضية التي فاز فيها الحزب الديمقراطي وجعلته يسيطر على الكونغرس.

واتهم غرينسبان الرئيس بوش مباشرة بالتخلي عن مبادئ الجمهوريين بالنسبة للاقتصاد، وصدر كتاب غرينسبان في الوقت الذي يقف فيه الاقتصاد الاميركي عند مفترق طرق وقبل اجتماع مهم يعقده البنك المركزي تحت رئاسة خلفه بن بيرنانكي. ويروي غرينسبان رحلته في العمل على مدى عقدين على رأس احدى اكثر المؤسسات المالية نفوذا في العالم. ووجه انتقادات قوية اثارت الحيرة على إدارة الرئيس بوش. ويقول غرينسبان، الذي ينتمي الى الحزب الجمهوري، في كتابه انه نصح البيت الابيض باستخدام الفيتو على بعض مشاريع القوانين من اجل الحد من الانفاق «الخارج عن السيطرة» اثناء هيمنة الجمهوريين على الكونغرس. ويروي غرينسبان في الكتاب رؤيته الخاصة بشأن انهيار اسواق البورصة عام 1987، وانهيار شركات الانترنت عام 2001 والركود الذي تزامن مع هجمات 11 سبتمبر (أيلول) على الولايات المتحدة.  وفي مدونة على موقع «امازون.كوم» المتخصص ببيع الكتب، قال غرينسبان انه يتحدث في كتابه عن تفاصيل عن طفولته في نيويورك وسنواته كعازف جاز وصداقاته مع رؤساء اميركيين. وفي اسلوب غير معتاد، قال غرينسبان «بعد سنوات من الحديث عن المال في الافادات المعدة بدقة امام الكونغرس، استطيع اخيرا ان اتحدث بصوتي انا». وقال في وصف للكتاب «لقد تناولت الجانب الشخصي في القسم الاول، وبدأت بعد ذلك في الكشف عن خفايا قصة الاقتصاد ماذا تعني كل التحولات الاقتصادية التي بدأناها اواخر التسعينات». ودافع غرينسبان عن نفسه في مقابلة مع محطة «ايه بي اس» التلفزيونية سيتم نشر مقتطفات منها الخميس. وقال غرينسبان عن منتقديه «انهم مخطئون كان واجبنا هو كسر الجمود عن النظام المصرفي الاميركي اذا ما اردنا للاقتصاد ان يعمل. وتطلب هذا الابقاء على معدلات الفائدة متدنية نسبيا». ودفعت دار النشر «بنغوين» الى غرينسبان في السنة الماضية، عندما بدأ كتابة مذكراته تسعة ملايين دولار مقدما. ويتوقع ان يجد الكتاب اقبالا كبيرا. وفي نفس الوقت، يطلب غرينسبان مائة الف دولار عن كل محاضرة يلقيها.