«يو إس إيه توداي» أخف وأسرع من غيرها

بعد 25 عاما من انطلاقها

كين بولسون رئيس تحرير «يو اس ايه توداي» (يسار) وناشرها كريج مون «نيويورك تايمز»
TT

نشرت في هذا الصيف مجموعة مقالات حققت في الأسباب التي منعت، وحتى الآن، الجنود الأميركيين في العراق من الحصول على عربات مدرعة تحميهم من المتفجرات، على الرغم من توفر العربات قبل سنوات عديدة والجيش العراقي يمتلكها.

ظهرت مجموعة من المقالات في صحيفة «يو اس أيه توداي» تحمل ألوانا زاهية، لكن لم تكن تغيب عن القارئ التقارير الصارمة بخصوص هذه القضية.

وإذا كانت يو اس ايه توداي قد بلغت الخامسة والعشرين من عمرها، فإنها ما زالت باقية كصحيفة أخف وأسرع من غيرها. وتمكنت الصحيفة أن تترك علامة دائمة على الصحافة الاميركية بشكل عام، وتخصصت في نشر مقالات أصغر وتحولت إلى الألوان وكرست فراغا أكبر للرياضة واستخدمت الصور والبيانات. لكنها في الوقت نفسه أصبحت مع مرور الوقت أكثر جدية حالها حال الصحف الجادة الأخرى. وتطورت الصحيفة باعتبارها جسما خارجيا مستندا إلى الكاريكاتير حتى أصبحت واحدة من الصحف المحترمة المنتمية إلى المؤسسة، مما أصبح على الحكومة والبزنز والمنافسين أن يأخذوها بشكل جدي.

وقال ألن نيوهارث رئيس غانيت السابق والرئيس التنفيذي الذي أسس «يو أس أيه توداي»: «كانت هناك فجوة فاصلة كبيرة ما بين الكيفية التي تظهر فيها الصحف الكبرى الأخرى والكيفية التي تقرأ وفقها مع يو أس أيه توداي، لكن هذه الفجوة أصبحت أصغر مما كانت عليه».

وإذا كانت هذه الصحيفة قد خسرت مليار دولار في عقدها الأول، فإنها الآن تحقق أرباحا هائلة، حيث تبيع في كل يوم 2.3 مليون نسخة، وهي الصحيفة رقم واحد من حيث عدد المبيعات في الولايات المتحدة. وهي تواجه حالها حال الصحف الأخرى تحديا كبيرا مع تحول القراء والإعلانات إلى الانترنت للأخبار والمعلومات.

ويبدو أن «يو أس أي توداي» معدة لمواجهة التحديات؛ فهي صحيفة مبنية بطريقة كي تستثمر فكرة أن المجتمع الأميركي أصبح أكثر ديناميكية، وهذا قبل بروز الويب والهواتف الجوالة أو الاتصالات عبر نظام الواي فاي. وصممت الصحيفة لتجذب المسافرين لأغراض البزنز، توزع نصف صحفها في الفنادق وللأشخاص الذين انتقلوا من مدينة إلى أخرى في الولايات المتحدة. فهي ترضي كل هذه الفئات؛ ففيها صفحات كاملة عن الطقس على المستوى الوطني وتغطيات للرياضة مع تقارير حيوية حول خدمات الخطوط الجوية.

ويقدم موقع الويب الخاص بصحيفة «يو أس أي توداي» محتوى مثل الفيديو والمدونات وبعض التفاصيل الأخرى، لكنها حاولت في السنة الماضية كي تجعل قراءها يقومون بشخصنة الموقع من أجل الأخبار التي يريدون الحصول عليها.

وقبل خمس وعشرين سنة بدأ نيوهارث حرفته استنادا إلى رؤيته حول الكيفية التي يجب أن تكون فيها صحيفة على مستوى الوطن تبدأ من الصفر. وعلى الرغم من الشكوك والحاجة إلى مصادر أخرى من صحف غانيت الأخرى كي تنمو فإن صحافييها الشباب تم أخذهم من صحف أخرى على مبدأ الاستعارة مع بقاء الصحف الأصلية تدفع أجورهم. وكان هؤلاء على استعداد إلى تحمل الضائقات التي مرت بها «يو أس أي توداي» في بداية نشأتها.

والفرق ما بين «يو أس اي توداي» وبقية الصحف الأخرى كان واضحا منذ أول يوم: 15 سبتمبر 1982.

كانت على نفس الصفحة حادثة وفاة غريس اميرة موناكو في حادث سير، وكانت في عدد من الصفحات الاولى للصحف في ذلك اليوم.

عندما توفيت اميرة اخرى بعد 15 عاما في حادث سير، ظن الكل ان جميع الصحف ستبدأ صفحاتها الأولى بخبر ديانا. اصبحت «يو اس أي توداي» معروفة بصورها والأشكال التوضيحية. هناك الكثير من الأخبار المقتضبة والمقالات الكاملة، وكانت المقالات قصيرة ـ حتى المواضيع الجادة ربما لا يخصص لها سوى عمود من ثمان بوصات. اما الأخبار الخارجية، فكان الاهتمام بها ضئيلا. كانت مقالات لايتويت وجبة ثابتة، وكانت الصحيفة تصر على الإشارة الى الاميركيين بـ«نحن». ويتذكر كثير من المراسلين والمحررين السابقين عنوان عام 1983 المشهور «الرجال والنساء: نحن لا نزال مختلفين». وقال صحافي لـ«كولمبيا جورناليزم ريفيو» إن العامل المؤثر في رواج قصة من عدمه هو ما اذا كانت هناك صورة ملونة. إلا ان رد الفعل من داخل مجال المهنة كان قاسيا. فقد قال بن برادلي، صحافي «واشنطن بوست الشهير»: اذا كانت «يو اس أي توداي» صحيفة، فأنا اذا في مجال عمل خاطئ».

إلا ان «يو اس أي توداي» نجحت بسرعة في كسب عدد كبير من القراء، إذ ازداد عدد قرائها أكثر من 800000 في عام، ووجدت صفحات الرياضة بها اهتماما خاصا من الرجال. ولكن كان عليها ايضا ان تقدم للمعلنين قاعدة اوسع من القراء. تعمد غالبية الصحف الى إعلانات العدد الخاص يوم الأحد، إلا ان «يو اس أي توداي» لا تصدر خلال عطلة نهاية الاسبوع. وليس لها سوق يمكن ان يجتذب المعلنين المحليين. ولكي تتوفر في كل أنحاء الولايات المتحدة تطبع «يوس اس أي توداي» في 35 موقعا، وتتفوق في ذلك على الصحف الأخرى، خصوصا «وول ستريت جورنال» و«نيويورك تايمز». رغم ذلك، يقول كين بولسون، الذي ترأس تحريرها منذ عام 2004، إن غالبية قراء الصحيفة لا تطالعها بصورة يومية، وانه لا حاجة الى زيادة التغطية او المتابعة التفصيلية.

*خدمة «نيويورك تايمز»