كروكر لـ«الشرق الأوسط»: المحاصصة الطائفية لم تنتج الحكم الجيد.. وصبر أميركا ينفد

السفير الأميركي في بغداد: العراقيون لم يتوصلوا إلى رؤية مشتركة حول مستقبل بلادهم

السفير الأميركي في العراق رايان كروكر («الشرق الأوسط»)
TT

امام السفير الاميركي لدى بغداد رايان كروكر مهمة صعبة، تستوجب التشاور مع كافة الاطراف العراقية، من اجل التوصل الى حل سياسي للوضع في العراق. ويتوجه كروكر الى العراق بعد اسبوع طويل من المساءلة الرسمية والشعبية الاميركية عن جدوى عمله وقابليته على اقناع المسؤولين العراقيين على تحقيق التقدم في بلادهم. وشرح كروكر ان الرسالة التي يعود بها الى بغداد «واضحة جداً، وهي ان الاميركيين قلقون جداً وباتوا يفقدون الصبر». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الاميركيون، والمسؤولون المنتخبون ليمثلوهم، يريدون أن يروا نتائج ومؤشرات مبكرة بأن العراق يسير في الاتجاه الصحيح بشكل واضح وصلب». ولفت الى انه كان يحمل رسالة الى واشنطن من العراق عند الذهاب اليها قبل اكثر من اسبوع ليدلي مع قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس بشهادته امام الكونغرس على الوضع في العراق. واضاف ان الرسالة الاخيرة هي ان «الوضع في العراق معقد وفيه مشاكل كثيرة وحلها لن يكن سهلا». وقال كروكر الذي تسلم مهامه قبل ستة اشهر في بغداد: «ان التطور العام في العراق ان هناك تحسنا سياسيا ودبلوماسيا وامنيا، ولكن مستوى هذا التقدم ليس عالياً». وأقر بأن «المشاكل هائلة والعملية ليست سهلة أو سريعة»، معتبراً أن حلها يعتمد على «جهد قوي من المجتمع الدولي، مع الولايات المتحدة وبريطانيا في المقدمة، للوصول الى عراق آمن ومستقر». وأضاف ان «هذا هدف ممكن تحقيقه». والتقت «الشرق الأوسط» بكروكر، أمس، بعد يوم من وصوله الى لندن في طريق عودته الى بغداد من واشنطن. وقضى كروكر وبترايوس يوم أمس بإجراء لقاءات مع مسؤولين بريطانيين، على رأسهم رئيس الوزراء غوردن براون ووزيري الخارجية ديفيد ميليباند والدفاع ديز براون. ومن الاهداف التي قال كروكر في واشنطن ان الحكومة العراقية، برئاسة نوري المالكي، انها لم تحققها بعد، هي المصالحة الوطنية. واعتبر كروكر ان هناك اسبابا عدة لعدم تحقيق هذه المصالحة، قائلا: «مثل كل شيء في العراق ليس هناك سبب واحد فقط لهذه المسألة». وشرح ان أولى العقبات امام احراز مصالحة وطنية «نتيجة لـ35 سنة من حكم النظام السابق، وقد ورث العراقيون تفكيك (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين للعراق عبر 35 سنة»، مضيفاً: «مع نهاية حكمه، لم تبق هناك اية مؤسسات أو أنظمة للتفاعل الاجتماعي غير مرتبطة بنظامه؛ فعندما سقط النظام، سقط كل شيء معه». وتابع: «ذلك اضطر الناس للتمسك بأبسط هوية ممكنة (عام 2003)، وعادة كانت هذه الهوية الطائفية». وقال كروكر ان العقبة الثانية امام المصالحة الوطنية هي «العنف الطائفي الذي شهده عام 2006، مما جعله من الصعب بناء مجتمع جديد منسجم». ولفت السفير الذي يجيد اللغة العربية وعمل في العراق في مهمتين سابقتين، وأولى في السبعينيات من القرن الماضي، ان العقبة الثالثة امام تحقيق المصالحة الوطنية ان «العراقيين لم يتوصلوا بعد الى رؤية مشتركة حول مستقبل بلادهم ونوع البلد الذي يريدون بناءه». وأضاف ان هذه المسألة تؤثر على نطاق واسع على العملية السياسية في العراق، موضحاً: «سبب انعدام وجود رؤية مشتركة حول نوع البلاد الذي يريده العراقيون، تجد من الصعوبة اقرار التشريعات الجديدة في البرلمان». ومن بين التشريعات التي ما زالت عالقة في البرلمان العراقي تحديد طبيعة الفدرالية في العراقلأ فعلى الرغم من ان الدستور يؤكد على ان العراق دولة فدرالية إلا ان شكلها لم يتبلور بعد. ورداً على سؤال حول الاقاليم التي يتوقع ان تخرج في الاطار الفدرالي، وإذا كان من المتوقع ان تكون مبنية على انقسامات طائفية أو اثنية، قال كروكر: «العراقيون سيحددون ذلك». ولكنه أضاف: «امل ان تكون مبنية على مجموعة من المحافظات تجتمع لتشكيل إقليم، مثل ما ينص الدستور، وبما ان هناك مناطق عدة فيها سكان من مختلف مكونات الشعب العراقي نتوقع ان تكون الاقاليم مختلطة». وعن التساؤلات حول قدرة الحكومة العراقية على مواجهة التحديات الراهنة في البلاد، قال كروكر: «الحكومة تواجه تحديات هائلة، وهناك شعور واسع بالحيرة، بعضها مرتبط بكفاءة عمل بعض اعضاء الحكومة بمن فيهم رئيس الوزراء». وأضاف: «هناك ايضاً مشاكل بنيوية داخل نظام الحكم وتساؤلات عن طبيعة دولة العراق ولم تحل بعد، كما ان انشاء حكومة ائتلاف مبنية على الائتلافات السياسية تجعل من الصعب بذل جهود مبنية على الاتحاد والاتفاق». وتابع: «هناك حاجة الى الحكم الصالح وعلى الوزراء ان يأخذوا مسؤولياتهم على محمل الجد، كما انه يجب اختيار الوزراء بناء على الخبرة والقابلية بدلا من الاعتبارات السياسية». واعتبر كروكر انه بالإمكان التوصل الى حكومة مبنية على القابلية والخبرة بدلا من الحسابات السياسية، قائلا: «العراقيون لهم صوت الآن والعراق اصبح مجتمعاً مفتوحاً». وأضاف: «من الواضح ان هناك عدم رضا شعبي على عمل الحكومة وشعورا بأن الحكومة لا تقدم للشعب المتوقع منها». وتابع: «اية حكومة منفتحة عليها الاستماع الى شعبها». ولفت الى ان «من خلال الحديث مع بعض اعضاء الحكومة ومع الناس العاديين يوجد شعور بأنه لا بد أن هناك طريقة افضل للحكم، فالمحاصصة الطائفية لم تنتج الحكم الجيد». يذكر ان الرئيس الأميركي جورج بوش قال في خطابه عن الوضع في العراق يوم الخميس الماضي، ان على الشعب العراقي مساءلة قادتهم ومطالبتهم بالمصالحة الوطنية، فيما يظهر توجه أميركي للمطالبة من الشعب العراقي ان يحاسب قادته. وكان كروكر قد أطلق تكهنات واسعة بعد تصريحه بأن ايران تخوض «حرباً بالوكالة» ضد الحكومة العراقية وقوات الائتلاف التي تقودها الولايات المتحدة في العراق أثناء شهادته أمام الكونغرس. وشرح كروكر هذا التصريح، قائلا: «ما نراه ان ايران تلعب دوراً سلبياً في العراق، وبينما تقول علناً ان سياستها تقتضي دعم الاستقرار في العراق، نراها تزود ميليشيات متطرفة بالتدريب والأسلحة». لكنه اضاف: «هناك حد للتأثير الإيراني السلبي في العراق، لأن العراقيين يرفضونه ويرفضون التطرف»، موضحاً: «رفض العراقيين للتدخل الايراني يدفع الايرانيين لمعرفة الحاجة الى استقرار العراق على المدى البعيد». وتابع ان العراقيين ايضاً يرفضون العنف الذي جلب الويلات الى بلادهم، قائلا: «العراقيون مصممون على الوصول الى مرحلة أفضل مما هم عليها الآن وهم مصممون على المضي قدما».