مرشح بوش لوزارة العدل رأس أكبر قضيتين إرهابيتين ومدافع عن سياسة اعتقال الأجانب

موكاسي كان قاضي محاكمة التفجير الأول لمركز التجارة العالمي وباديلا

موكاسي يتحدث أول من أمس بعد إعلان بوش اختياره (أ.ب)
TT

في أول ربيع تلى هجمات 11 سبتمبر تحدث رئيس قضاة المحكمة المحلية لمنطقة جنوب نيويورك عن استراتيجيات قانونية مثيرة للجدل تبنتها إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش في اعتقال مئات من الرجال القادمين من الشرق الأوسط باعتبارهم مشتبها بتورطهم بالإرهاب.

وقال القاضي مايكل موكاسي لطلبة خريجين في كلية الحقوق في بروكلين عام 2002 إن للحكومة الحق باعتقال مشتبه بهم كهؤلاء على أساس خرق قوانين الهجرة واعتقال «عدد قليل جدا من الأشخاص» لفترة على اساس مذكرات توقيف باعتبارهم شهودا ماديين. لكن المدافعين عن الحقوق المدنية اعتبروا الاعتقالات غير شرعية ولم يسبق لها مثيل أو أنها استخدام السلطات الفيدرالية بطريقة غير مشروعة. وهذا ما جعل موكاسي يقول إنهم «ينشرون جملة تلفيقات ونصف حقائق».

وساعد دفاع موكاسي الإجراءات الحكومية في محاربة الإرهاب أمام جمهور مقاوم، على تفسير سبب تسمية الرئيس بوش له الاثنين الماضي باعتباره وزير العدل القادم.

وكان موكاسي، 66 عاماً، وكيل نيابة فيدرالياً خلال فترة حكم رونالد ريغان. ولا يعتبر شخصية بارزة على المستوى الوطني وهو معروف ضمن الدوائر القانونية لرئاسته جلسات محاكمة أكبر قضيتين خاصتين بالإرهاب مرتا على المحاكم خلال السنوات الأخيرة.

وهاتان المحاكمتان هما قضية تفجير المركز التجاري الدولي عام 1993 من خلال تفجير شاحنة واعتقال خوزيه باديلا وهذا ما جعله ضمن عدد قليل من القضاة في البلد من لديهم تجربة حقيقية مع القضايا القضائية المتعلقة بالجهود المبذولة في محاربة الإرهاب وكانت هذه المسألة حجر الأساس الذي استندت إليه إدارة البيت الأبيض في سياستها الخارجية منذ هجمات 11 سبتمبر.

وتعكس آراء موكاسي حول قانون الامن القومي والسلطات التنفيذية أيضا روحا محافظة تعود إلى أيامه الجامعية في جامعة يال كطالب للقانون خلال الستينات. ويبدو أن الروح المحافظة هي التي كانت وراء معظم أحكامه القضائية وكتاباته خلال العقود القليلة الأخيرة.

وهو يهودي ارثودوكسي من برونكس والابن الوحيد في العائلة التي يمتلك عائلها محلا لغسل الملابس وعمل في مكتب محاماة مثل زبائن متميزين مثل روي كوهن وكلاوس فون بلو وعين من قبل الرئيس الأسبق ريغان في واحدة من أكثر المحاكم اشتغالا وإذا تمت الموافقة على ترشيحه في الكونغرس فإنه سيحتل واحدا من أكثر المناصب المؤثرة في الحكومة.

وعلى الرغم من نجاحه فإن الناس الذين يعرفونه يقولون إنه لم يظهر طموحا جامحا أو طبيعة سياسية. وهو يمتلك روح دعابة حادة ويمكن أن يكون عنيدا حول أفكاره. وقال اندرو روفينو المحامي من مانهاتن الذي كان خلال فترة من حياته موظفا قانونيا عنده: «إنه ليس ايديولوجيا من أجل الآيديولوجيا».

أما بروس اكرمان الاستاذ في جامعة يال والذي كان زميلا في صفه: «إنه ليس من نوع الأشخاص الشديدي الحماس على مستوى فيدرالي».

ويضم سجله من عمله كقاض حوالي 1500 حكم ويتضمن قضايا غير آيديولوجية مثل الشرطة الفاسدين أو المنافسات في قطاع خدمات التسلية ومهربي المهاجرين. وخلال عمله كقاض كان صديقا مقربا لسياسي بارز في نيويورك هو رئيس بلديتها السابق رودولف جولياني. واليوم يمتلك موكاسي معجبين عبر جمهور واسع من حملة الايديولوجيات المختلفة لتعامله العميق والجاد للقانون حسبما قال محامون وأساتذة قانونيون وموظفو قضاء سابقون وزملاء دراسة سابقون وآخرون عرفوه خلال السنوات السابقة.

وترعرع موكاسي في مبنى للشقق ببرونكس وهو أصغر من أخته الوحيدة باثني عشر عاما. وكان يمضي عطله الجامعية في شركة لقطع الأشجار وفي شركة لتوزيع البيرة وفي يونايتد بريس انترناشونال.

ودرس موكاسي في مدرسة يهودية ارثودوكسية وكان طرفا فعالا في تسيير شؤون جاليته. وبعد سنوات أصبحت زوجته سوزان مديرة المدرسة التي كان فيها. وكلاهما عضو في المعبد اليهودي الارثودوكسي كهيلات جشورين المتميز بروح محافظة.

ودرس موكاسي في جامعة كولومبيا ثم سجل كطالب طب في كلية القانون بيال عام 1967. ومن بين زملائه في الدراسة السيناتور المستقل جوزيف ليبرمان والمتوفي بول تسونغاز والصحافي جف غرينفليد. وقال أكرمان «لم يكن في الصف أي استقطاب. وكان له موقف أكثر محافظة من غيره». ومن جامعة يال انضم إلى مكتب محاماة في نيويورك وأصبح في عام 1972 مساعد وكيل نيابة في قسم الجرائم بالمنطقة الجنوبية لنيويورك ثم أصبح رئيس موظفي قسم مكافحة الفساد في آخر سنة له هناك.

اذا تأكد تعيينه مدعيا عاما، فإن هذه التجربة ستجعل مواقف موكاسي مختلفة تجاه المدعين الفيدراليين مقارنة بمواقف سلفه أليرتو غونزاليس، الذي اجبر على الاستقالة عقب عمليات فصل من الخدمة مثيرة للجدل لمدعين عامين فضلا عن مساع اخرى لتحجيمهم. وقال دانيال ريتشمان، وهو استاذ للقانون ومدع فيدرالي سابقأ، ان لدى موكاسي علاقات قديمة وحب واحترم لمكتب المدعي العام الاميركي. انضم موكاسي عام 1976 لشركة «باترسون وبلناب وويب وتيلر للمحاماة» وبقي فيها حتى عام 1988 عندما جرى تعيينه قاضيا. وكانت رابطة عملاء اف بي آي من المتعاملين مع الشركة. وعاد موكاسي الى شركة المحاماة مرة اخرى العام الماضي. تعرف موكاسي خلال تلك الفترة على جولياني، وكانت الصداقة بينهما وثيقة الى درجة ان جولياني اختار موكاسي نهاية عام 1993 للإشراف على مناسبة تنصيبه عمدة، على الرغم من إرجاء أداء القسم لمدة يوم حتى لا يتصادف مع عطلة السبت لدى اليهود. تبرع موكاسي لحملة جولياني للترشح للرئاسة بمبلغ 1200 دولار في مارس ويونيو الماضيين، كما تبرع مرة واحدة بمبلغ 1000 دولار لليبرمان، زميله في كلية القانون. وكتب موكاسي عام 1985 ان «جولياني اتهم على نحو غير عادل بخرق القواعد الأخلاقية» في الحرب على الارهاب». وأبلغ موكاسي مجلس الشيوخ عام 1987، بعد وقت قصير من ترشيح الرئيس الأسبق رونالد ريغان له للعمل في القضاء، بأنه عمل على قبول النساء في نادي الجامعة بنيويورك لكنه استقال في وقت لاحق لأن النادي صوّت وقرر ألا يسمح بذلك. وقال ايضا ان ما حدث «اثبت ان الاحساس والتهذيب لم يكونا حسبما كان يعتقد. منذ ان اصبح قاضيا، عمل موكاسي على تجنب الإشارة الى انتمائه الديني. وقال موظف قضائي سابق ان موكاسي كثيرا ما كان يستعين بعبارات أدبية من شكسبير عندما يبدي رأيه. إلا ان انتماءه الديني كان موضوعا للنقاش داخل قاعة المحكمة اكثر من مرة خلال محاكمات بشأن قضايا تتعلق بالإرهاب. فقد طلب ويليام كونستلر، وهو محام لواحد من المتهمين في قضية تفجير مركز التجارة الدولي عام 1993، ان يتنحى عن القضية لأنه يهودي واتهم القاضي وزوجته بأن لهما علاقات بإسرائيل من المحتمل ان تؤثر على مواقفه في القضية. إلا ان ارملة المحامي ويليام كونستلر، مارغريت كونستلر، قالت ان موكاسي من أميز القضاة الذين وقفوا أمامهم في المحاكم خلال عملها وزوجها في مجال المحاماة في نيويورك. حتى في القضية التي سلطت الضوء على آيديولوجيته لم يتجه موكاسي نحو اليمين. ففي قرار صدر عام 1994 لم يتم اتخاذ موقف قوي ضد الاجهاض. رفض موكيسي في تلك القضية منح اللجوء للصيني جياجينغ جونغ، الذي ساعد زوجته على التحايل على المسؤولين الصينيين الذين خطوا لإجراء عملية إجهاض لها بسبب مخالفة الزوجين لقاعدة الطفل الواحد. ووقع موكاسي مع قضاة آخرين في نيويورك عام 2001 مئات المذكرات الخاصة بالشهود، وهي المذكرات التي أدت الى اعتقال مئات من المشتبه فيهم على اساس ان لديهم معلومات مهمة يمكن الإدلاء بها لهيئة المحلفين المكلفين بالتحقيق في هجمات 11 سبتمبر، وفي نهاية الأمر لم يستدع كثير من هؤلاء للإدلاء بشهادة. وقال موكاسي لخريجي القانون من بروكلين ان هؤلاء لم يجر وضعهم في الحبس الانفرادي حسبما اشير، وأوضح ان كل واحد منهم عرض أمام القاض الذي اصدر مذكرة التوقيف وكل منهم لديه نفس الحق للاستعانة بمحام». وفي عام 2003 اتخذ موكاسي قرارا يخول لإدارة بوش سلطة اعتبار خوسيه باديلا، المتهم بالتخطيط لتفجير قنبلة إشعاعية، «عدوا مقاتلا» دون توجيه تهمة محددة له. لكنه اتخذ قرارا بحق باديلا الاستعانة بمحام، وهو قرار معاكس لما تريده السلطات الاميركية. وكتب موكاسي في «وول ستريت جورنال» الشهر الماضي ان «قضية باديلا توضح النقص في النهج الحالي لمحاكمة قضايا الارهاب» بسبب عجز الاجارة عن استخدام الاعتراف الذي ادلى به خلال حبسه في سجن عسكري.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط» شارك في إعداد هذا التقرير كل من روبرت بارنز وآليك ماكغيليس وسوزان شميت ومايكل فليتشر والباحثة مادونا ليبلينغ ورينا كيرش ومدير البحوث لوسي شاكلفورد.