البنتاغون يؤكد تدهور الوضع الأمني في جنوب العراق مع «تنامي» نفوذ الميليشيات

قال في أحدث تقرير فصلي له إن إيران كثفت تدريبها وتمويلها للجماعات الموالية لها

TT

يتدهور الوضع الأمني في جنوب العراق مع تصاعد هجمات الميليشيات الشيعية بعد خروجها من بغداد لتجنب المواجهة مع القوات الأميركية والعراقية، حسبما جاء في آخر تقرير صدر عن البنتاغون أول من أمس.

وجاء في هذا التقرير الفصلي: «تدهور الوضع الأمني في جنوب العراق في شهر أغسطس (آب)»، مع اغتيال محافظين. وانه «قد يكون هناك انتقام وزيادة في العنف الشيعي ـ الشيعي عبر كل جنوب العراق»، بينما كان العنف في السابق متمركزا في مدينة البصرة. وأضاف التقرير أن إيران بادرت إلى تكثيف تدريباتها وتمويلها للميليشيا الشيعية وانه تسود قناعة بأن الميليشيات الواقعة تحت النفوذ الإيراني كانت وراء اغتيال المحافظين، إضافة إلى زيادة في نسبة الهجمات التي وصلت إلى 40% باستخدام أسلحة فتاكة تعرف بالقذائف الانفجارية، مقارنة بفترة ما بين منتصف فبراير (شباط) ومنتصف مايو (ايار) الماضيين. ويرى التقرير انه مع تزايد العنف في الجنوب أصبح احتمال موافقة القادة السياسيين على قرارات سياسية ضعيفا جدا. وقال التقرير: «على المدى القصير لن يكون القادة السياسيون العراقيون على الأكثر قلقين كثيرا حول المصالحة الوطنية مقارنة بقلقهم تجاه تعزيز القوة من صراع مستقبلي على السلطة».

وذكر التقرير بالتفصيل التقدم والانتكاسات، وسلط الضوء على الاتجاهات الإيجابية مثل انخفاض العنف الطائفي على المستوى الوطني والتفجيرات الضخمة ـ على الرغم من أن عدد الهجمات المسلحة في مايو (ايار) وصل إلى 5200 ـ وانخفاض الهجمات من 4800 في شهر أغسطس (آب) الى حوالي 3500 حسبما ذكر التقرير الذي اعتبر ذلك «تحسنا جوهرا في الأمن بشكل عام».

وارتفعت حالات الإصابة من معدل 130 قتيلا أو جريحا يوميا في يونيو (حزيران) إلى ما يقرب من 150 في اليوم في يوليو وأغسطس، لكن هذا الرقم يبقى تحت مستوى ما فوق الـ 150 في اليوم خلال الربع السابق من السنة. مع ذلك هناك زيادة مهمة في عدد المدنيين الذين تعرضوا للقتل أو الإصابة بجروح مقارنة بالقوات الأميركية والعراقية من يونيو إلى اغسطس الماضيين، وهذا يعكس تلك التفجيرات الضخمة التي قام بها تنظيم القاعدة في العراق في المناطق النائية من البلد.

وحسب التقرير، تظل بغداد الأكثر عنفا في العراق؛ فهناك حوالي 58 هجوما وقع فيها يوميا ما بين أوائل مايو وأواخر يوليو الماضيين. لكن الهجمات في الانبار عرفت انخفاضا دراميا ما بين فبراير(شباط) ومايو الماضيين مع تصعيد العشائر السنية هناك من جهودها لطرد المتمردين المنتمين إلى «القاعدة» من المنطقة وتقديم المتطوعين إلى قوات الأمن العراقية كجزء من المصالحة الوطنية التي تبدأ من القاعدة إلى القمة، وهذا الاتجاه هو الأكثر مدعاة للأمل في عراق اليوم. ويعكس العنف وعدم الاستقرار في بعض محافظات الجنوب تنامي قوة جيش المهدي التابعة لرجل الدين المتشدد مقتدى الصدر، حسبما قال التقرير. وأضاف التقرير: «الزيادة في عدد أعضاء جيش المهدي زادت من عدد وكثافة هجماته على قوات الائتلاف والقوات العراقية. وهذا التدفق وقع مع تحرك عناصر هذه الميليشيا من بغداد لتجنب العمليات القائمة حاليا هناك والهادفة إلى فرض القانون».

وفي البصرة التي يصدَّر منها 90% من نفط العراق، فإن استمرار انخفاض القوات البريطانية قد أدى إلى دفع الجماعات المتمردة كي «تسعى للسيطرة على المدينة، حيث زاد العنف بسبب الحضور المضاعف للميليشيات الشيعية من جيش المهدي ومنظمة بدر وحزب الفضيلة، مع العصابات الإجرامية»، حسبما جاء في التقرير. في الوقت نفسه، أشار التقرير الى أن قوات الأمن العراقية ما زالت تعاني من اختراق التنظيمات الطائفية لها. ووجد البنتاغون أن «سيطرة الميليشيا الشيعية على أجزاء مهمة من جنوب العراق وبغداد تتنافس مع القوات العراقية الشرعية للحصول على ثقة الناس، وفي بعض الحالات يؤدي ذلك إلى زيادة السلوك الطائفي لقوات الأمن العراقية». ووسط الاتجاهات غير المستقيمة داخل أجهزة الأمن ومع حالة جمود الحكومة العراقية وفقدانها للحزم، فقدت شرائح من المجتمع ثقتها بقدرة الحكومة على تحسين الوضع، حسبما جاء في التقرير. وقال التقرير إن دعم إيران للمتطرفين الشيعة هو «أكبر الإعاقات أمام تحقيق تقدم للمصالحة الوطنية» في العراق. وقال إن معظم المتفجرات والذخيرة التي تأتي لمجموعات كهذه تقاتل القوات الأميركية والعراقية يتم تزويدها من قوة القدس التابعة لفيلق الحرس الثوري الإيراني.

وعلى الرغم من أن التقرير يؤكد على استمرار تورط إيران في العراق، فإن الجنرال المتقاعد جون أبي زيد قائد القوات الأميركية السابق في الشرق الأوسط، أكد في خطاب له أول من أمس على الحاجة إلى «احتواء» النظام الإيراني حتى لو أصبح مالكا لأسلحة نووية. وشدد على أن حربا مع إيران يجب التفكير بها كآخر حل. وقال أبي زيد في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية: «أنا أرى أننا قادرون على احتواء إيران». وقال إن على الولايات المتحدة والدول الأخرى الضغط على طهران «كي تكف وترتدع» عن الحصول على أسلحة نووية.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)