مقديشو: توقف محطة إذاعية.. وتقرير رابطة منظمات المجتمع المدني يعتبر تحركات المصالحة مشجعة

TT

توقفت محطة «شبيلي» إحدى أكبر المحطات الإذاعية في العاصمة الصومالية مقديشو عن البث بعد أن أطلق عناصر الجيش الصومالي النار على مبنى المحطة. وقال «جعفر كُوْكَاي» مدير محطة شبيلي إن القوات الحكومية أطلقت النار على المحطة، مما أدى الى إتلاف بعض أجهزتها، كما اضطر الصحافيون فيها الى الاحتماء بالجدران فيما توقف بث البرامج منذ صباح اليوم. وقد تعرضت هذه المحطة للإغلاق من قبل السلطات الحكومية أكثر من مرة.

وجاء توقف محطة شبيلي عن البث بعد ان تمركزت مفرزة من عناصر الجيش الحكومي في محيطها. وعلى الرغم من صدور أمر من الحكومة بإغلاق المحطة، إلا أن مدير المحطة «جعفر محمد كوكاي» قال ان المحطة تعرضت لإطلاق نار مباشر من القوات الحكومية.

وقد توقفت شركة «جلوبال انترنت» المزود الرئيسي لخدمات الإنترنت في الصومال لعدة ساعات، بعد أن أمرها الجنود بإغلاقها، لكن الخدمة عادت بعد انسحاب الجنود من المنطقة. وقد ساد التوتر العلاقة بين وسائل الإعلام المحلية والسلطات الأمنية في العاصمة مقديشو وتعرض عدد من المحطات للإغلاق، كما اعتقل عدد كبير من الصحافيين خلال الأشهر الماضية، على خلفية نشر تقارير أغضبت السلطات الحكومية. وتم اغتيال اثنين من الصحافيين البارزين الشهر الماضي في مقديشو على يد مسلحين مجهولين، وتلقى آخرون تهديدا عبر مكالمات هاتفية من مصادر مجهولة، وهو ما خلق جوا من الخوف في اوساط العاملين في مجال الإعلام في الصومال. وتأسست محطة شبيلي الإذاعية عام 2004، وهي تبث برامجها عبر موجات اف ام للعاصمة ولعدد من المدن الصومالية، كما تقوم بإعادة بث برامج إذاعة راديو فرنسا الدولية، وتشتهر هذه المحطة ببرامجها الحوارية الجريئة مع مسؤولي الحكومة والمعارضة على السواء. وقد داهمتها عناصر الأمن الحكومي لثماني مرات خلال هذا العام فقط، كما أوقفت عن البث لأكثر من مرة واعتقل أكثر من 10 من إعلامييها في أكثر من مناسبة. من جهة اخرى، أصدرت رابطة «منظمات المجتمع المدني» في الصومال تقريرا مفصلا عن الوضع في الصومال ويعتبر الأول من نوعه الذي تصدره منظمة محلية تتخذ من داخل الصومال مقرا لها، وأعربت في تقريرها عن قلقها البالغ حول الوضع السياسي الأمني والاقتصادي في الصومال في المرحلة الراهنة، كما تطرق التقرير الى تقييم الوضع الإنساني في الصومال وتأثير الوجود العسكري الأجنبي على أوضاع حقوق الإنسان والخدمات الاجتماعية وأيضا المصالحة الوطنية. وذكر التقرير أن الأوضاع الأمنية في الصومال مقلقة الى درجة كبيرة وخاصة الوضع في العاصمة مقديشو ومحافظتي «جوبا السفلى» (جنوب) و«هيران» (وسط).

وفيما يتعلق بالمصالحة الوطنية، أشار تقرير رابطة منظمات المجتمع المدني الى أن التحركات الجارية بداية مشجعة نحو تحقيق المصالحة وتحتاج هذه التحركات الى مواصلتها. ودعا الأطراف المتصارعة الى تبني مواقف شجاعة ومرنة في هذا الصدد. ويري التقرير أن الاخفاقات الحاصلة في تحقيق السلام في الصومال مردها المراهنة على القوة العسكرية لتحقيق المكاسب السياسية، وتأثيرات الجهات الأجنبية، وغياب الرؤية السياسية الواضحة لدى الأطراف المتصارعة، وطغيان القبلية المسيسة، وسعي البعض الى إنشاء كيانات سياسية ذات نزعة قبلية انفصالية. وخلص التقرير الى نتيجة أن المدخل الأهم لتحقيق المصالحة يتمثل في الاعتراف بشرعية الحكومة الانتقالية الحالية، وإعادة صياغة الميثاق الانتقالي (الدستور) وخاصة فيما يتعلق بالمبادئ العامة، والبرلمان، والحكومة، وتحديد معايير ومستويات تقاسم السلطة بشكل دقيق.

ويقول التقرير إن قوات أجنبية من عدة دول لها نشاطات داخل الصومال أثرت أيضا على استقرار الوضع فيها، وهذه القوات هي الاثيوبية التي تدعم الحكومة الانتقالية والقوات الأوغندية التي تعمل في إطار عملية حفظ السلام الأفريقية وكذلك القوات الاميركية التي تقوم بقصف متكرر لعدد من المناطق الصومالية (في إطار مكافحة الإرهاب). وبناء على ذلك يدعو تقرير رابطة منظمات المجتمع المدني في الصومال الى سحب القوات الاثيوبية، وبالتالي استكمال نشر قوات حفظ السلام الأفريقية في البلاد وأن تأتي مهمتها تحت مظلة الأمم المتحدة الى جانب وقف تدفق السلاح بشكل غير مشروع الى الصومال. ويرى تقرير رابطة منظمات المجتمع المدني في الصومال أن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد تدهورت في الفترة الأخيرة، وارتكبت كل من القوات الاثيوبية والقوات الحكومية والمسلحين المعارضين للحكومة اعتداءات متنوعة بحق المدنيين تتمثل في الاعتقالات التعسفية والتهجير وإصدار أحكام بدون محاكمات واغتصاب وتجنيد الأطفال للقتال. وطالب التقرير الإفراج عن المعتقلين في السجون الحكومية وتشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في تجاوزات حقوق الإنسان التي وقعت في الفترة الأخيرة. وأخيرا يدعو تقرير رابطة منظمات المجتمع المدني الى عقد مؤتمر مصالحة وطني شامل تشارك فيه الحكومة الانتقالية ومعارضوها (التجمع من أجل تحرير الصومال) ووضع ضمانات لتنفيذ ما يتم التوصل اليه في هذا المؤتمر المقترح.