مصر وإيران تبدآن حوارا وزاريا.. تمهيدا لاستئناف العلاقات الدبلوماسية

مسؤول إيراني لـ«الشرق الاوسط»: محادثات القاهرة جادة.. ولجان وزارية لحل المشاكل العالقة

احمدي نجاد يسلم لرئيس البرلمان غلام علي حداد عادل خطة حكومته للتنمية الاقتصادية وذلك خلال جلسة البرلمان امس (ا.ف.ب)
TT

في تطور هام، اعلنت وزارة الخارجية المصرية ان مصر وايران ستبدآن حوارا على المستوى الوزاري تمهيدا لاحتمال استئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بينهما منذ عام 1980، موضحة ان المباحثات بين الطرفين ستستمر. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي في بيان للصحافيين امس «تم الاتفاق على مواصلة الحوار بين الجانبين وبالذات في ما يتعلق بالعلاقات الثنائية على مستوى كبار المسؤولين ثم وزيري الخارجية»، فيما أكد مسؤول إيراني لـ«الشرق الاوسط» ان بدء الحوار على المستوى الوزاري، وهي المرة الاولى التي يتم فيها الاتفاق بين القاهرة وطهران على مباحثات من المستوى الوزاري، يشير الى ان المباحثات هذه المرة جادة لاستئناف العلاقات، وان الطرفين مصممان على حل الخلافات العالقة بينهما. وأوضح المسؤول الذي لا يستطيع الكشف عن هويته ان الوفد الإيراني الموجود في القاهرة يبحث اللجان التي ستشكل على المستوى الوزاري. ولجان العمل الوزاري المشتركة ستكون منوطة تحديد المشاكل التي اعاقت استئناف العلاقات حتى الان بين القاهرة وطهران، ووضع مقترحات لحلها. وكان مسؤول ايراني آخر قد شدد على ان محاولات استئناف العلاقات الدبلوماسية في الماضي بين طهران والقاهرة تعرقلت بسبب الاجواء الاقليمية، وليس بسبب وجود مشاكل ثنائية بين البلدين تمنع استئناف الحوار. ومن ناحيته، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية حسام زكي «إن لقاءات الوفد الإيراني مع مسؤولي الخارجية المصرية تطرقت إلى عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك حيث قام كل جانب بطرح رؤيته للأوضاع الإقليمية والدولية، وأنه تم الاتفاق على مواصلة الحوار بين الجانبين». وجاءت تصريحاته اثر محادثات جرت بين مساعد وزير الخارجية الايراني عباس عرقجي ومسؤولين في وزارة الخارجية المصرية خلال زيارة قام بها وفد ايراني الى مصر. والتقى عرقجي، حسين ضرار مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الآسيوية.

ولم يشر المتحدث باسم الخارجية المصرية الى ما إذا كان الجانب الإيراني قد رد خلال المباحثات على المطالب المصرية من أجل رفع مستوى التمثيل الدبلوماسى بين البلدين. من ناحيته، قال دبلوماسي طلب عدم الافصاح عن اسمه في تصريحات نقلتها وكالة رويترز ان ايران تسعى للحصول على الدعم المصري لبرنامجها النووي الذي تقول طهران انه سلمي. ولمصر مقعد في مجلس امناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

لكن ووفقا لوكالة الانباء الالمانية، فقد استبعدت مصادر دبلوماسية مصرية مسؤولة أن تكون المباحثات التي أجراها الوفد الإيراني استهدفت رفع مستوى العلاقات الى المستوى الدبلوماسي. وقالت المصادر إن «المباحثات لم تتطرق إلى هذا الموضوع أو الترتيب لمثل هذا القرار وإنها اقتصرت على مناقشة الملفات والقضايا التي تهم البلدين على مختلف الأصعدة إقليميا وإسلاميا ودوليا في ظل الترتيبات الخاصة بانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة وما جرت عليه العادة من تنسيق وتشاور بين البلدين حيال هذه القضايا».

وكانت الخارجية المصرية قد تكتمت على مضمون اللقاءات والمباحثات التي أجراها الوفد الإيراني لأكثر من أربع ساعات مع ثلاثة من مساعدي وزير الخارجية المصري وهم وفاء يسيم مدير مكتب أبو الغيط ومساعد الوزير للشؤون الآسيوية واختتمت بلقاء مع مساعدة الوزير للعلاقات السياسية الدولية، وجرت هذه المفاوضات بصورة منفردة. ولوحظ أن وزارة الخارجية المصرية تعمدت تسريب الوفد بعيدا عن وسائل الإعلام، التي لم تستطع ان تلتقي بهم. وكانت العلاقات المصرية الايرانية قد اخذت خطوة كبيرة للامام خلال ولاية الرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي الذي التقى الرئيس المصري حسني مبارك خلال قمة المعلوماتية في سويسرا في التسعينيات، الا ان محاولات استئناف العلاقات تعثرت بسبب تدخل المحافظين في إيران، الذين رفضوا ان تزيل طهران اسم الاسلامبولي، قاتل الرئيس المصري السابق انور السادات، من احد شوارع طهران. ويعتقد المحللون ان الحكومة الايرانية حريصة على حل مشاكلها مع مصر خصوصا في ظل تزايد الضغوط الدولية ضدها، والتهديد بمزيد من العقوبات الاقتصادية، وحتى احتمال عمل عسكري، مما يدفع ايران الى تعزيز علاقاتها الاقليمية تحسبا لاي تحركات غربية ضدها. وكانت طهران قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع مصر في عام 1980 بعد الثورة الايرانية عام 1979 وبعد قبول القاهرة لجوء الشاه اليها، ومنذ ذلك الوقت، تقوم في كل من البلدين شعبة لتمثيل مصالح البلد الاخر. وتطالب مصر خصوصا بازالة اسم الاسلامبولي، كما تبدي مصر قلقها من نفوذ ايران في المنطقة وخصوصا في العراق ولبنان والاراضي الفلسطينية، الا ان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد قال في مايو (آيار) انه على استعداد لاستئناف العلاقات مع مصر. وعلى الرغم من ترحيب القاهرة بهذا الاعلان، الا ان وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط رأى في يونيو (حزيران) الماضي ان ايران تهدد امن مصر والشرق الاوسط، متهما اياها بتشجيع حركة حماس على السيطرة على قطاع غزة.

ويأتي ذلك فيما يتوجه الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى نيويورك الاحد المقبل لالقاء كلمة امام الجمعية العامة للامم المتحدة، حسب ما ذكر مكتبه امس، رغم الدعوات في واشنطن الى منعه من حضور اجتماع الجمعية.

وصرح مسؤول في الرئاسة الايرانية طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة الصحافة الفرنسية ان احمدي نجاد سيلقي ثالث كلمة له امام الجمعية العامة الثلاثاء وسيعود الى البلاد السبت. ولم يكشف المسؤول عن مزيد من التفاصيل حول جدول الرئيس اثناء زيارته الولايات المتحدة، العدو اللدود لايران. وذكر البيت الابيض ان وزارة الخارجية الاميركية اصدرت تأشيرة دخول للولايات المتحدة الى احمدي نجاد، الا انها رفضت عرضه الاخير بإجراء مناظرة مع الرئيس الاميركي جورج بوش في الامم المتحدة. ودعا مرشح الرئاسة الاميركية الجمهوري ميت رومني الاثنين الى منع احمدي نجاد من المشاركة في اجتماع الجمعية الاسبوع المقبل ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى الغاء الدعوة الموجهة الى احمدي نجاد. وكتب رومني في رسالة الى بان كي مون «اذا دخل الرئيس احمدي نجاد الولايات المتحدة، يجب ان يتم تسليمه مذكرة اتهام بموجب اتفاقية حول الابادة». وقال ان احمدي نجاد «تحدث علانية عن شطب اسرائيل عن الخارطة وساعد في الحملة الارهابية التي يشنها حزب الله في المنطقة والعالم، وتحدى المجتمع الدولي في سعيه للحصول على القدرات لانتاج اسلحة نووية». كان احمدي نجاد شن في كلمته امام الجمعية العامة العام الماضي هجوما قاسيا على الولايات المتحدة وبريطانيا واتهمهما باستغلال الامم المتحدة لحرمان بلاده من الحصول على الطاقة النووية.

الى ذلك، قال البيت الابيض انه يواصل متابعة الاجراءات الدبلوماسية في الازمة مع ايران بخصوص برنامجها النووي. وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو ردا على سؤال بخصوص تصريحات وزير الخارجية الفرنسي التي اشار فيها الى ضرورة الاستعداد لعمل عسكري لحل الازمة «نحن نعتقد ان ثمة حلا دبلوماسيا». وأضافت «نحن نعمل مع الفرنسيين وبقية الاتحاد الاوروبي لمواصلة الضغط على ايران حتى تفي بالتزاماتها بموجب قرارات مجلس الامن». وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر قد أثار قلقا شديدا في اليومين الماضيين عندما قال «ينبغي ان نستعد للاسوأ»، وأردف ذلك بقوله «الاسوأ يا سيدي هو الحرب». لكنه حاول أن يخفف هذه التصريحات في وقت لاحق. وردا على سؤال حاول ما اذا كانت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس وكوشنر ربما يناقشان امكانية القيام بعمل عسكري مشترك ضد ايران عندما يجتمعان في واشنطن يوم الجمعة قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك «أتوقع أن تدور المناقشات بأكملها حول النشاطات الدبلوماسية».