إسرائيل تبشر بـ «انتهاء الحالة العصبية» مع دمشق وواشنطن لا تزال تلتزم الصمت الرسمي حيال الغارة

بعد أن رفعت الغارة على سورية من شعبية أولمرت في الداخل

TT

يبدو أن النتيجة الابرز لقصف الطيران الاسرائيلي لأهداف في سورية التي لم تتضح طبيعتها، كانت سياسية. إذ أظهر استطلاع جديد للرأي العام الاسرائيلي ارتفاع شعبية رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت ارتفاعا ملحوظا خلال الايام القليلة الماضية بعد أن تسربت معلومات عن الغارة الغامضة على سورية وعد انها تجهيزات نووية كورية شمالية، رغم النفي الكامل من قبل حكومة بيونغ يانغ.

وافاد استطلاع للرأي نشر أمس ان شعبية اولمرت قفزت عشر نقاط خلال اسبوعين لتصل الى 35 بالمائة، مع العلم ان هذه الشعبية كانت وصلت الى الحضيض بعيد الحرب على لبنان صيف العام 2006 وما رافقتها من اخفاقات تحمل مسؤوليتها اولمرت.

وجاء في هذا الاستطلاع ان 78 بالمائة من الذين شملهم يؤكدون دعمهم لهذه الغارة.

وقالت صحيفة يديعوت احرونوت التي نشرت نتائج الاستطلاع ان «لدى اولمرت كل الاسباب ليكون اكثر من مسرور»، فيما أقر معلقون كانوا قد توقعوا استقالة اولمرت بعد اخفاقات الحرب في لبنان انه نجح في التمسك بالسلطة والبقاء على رأس الحكومة.

غير ان اللافت في هذا السياق انه رغم اغتباط الشارع الاسرائيلي بهذه الضربة لسورية، خرج الرئيس الاسرائيلي، شيمعون بيريس، امس ليعلن «ان الحالة العصبية» التي سادت أخيرا بين اسرائيل وسورية «قد انتهت» وان بلاده معنية «بالتفاوض المباشر مع سورية حول السلام».

وقد اعتبرت الاوساط الاعلامية والسياسية ان التصريح «رسالة مباشرة» الى سورية لإنهاء الأزمة التي نشبت في اعقاب الكشف عن الغارة التي هددت سورية بالرد عليها.

وفي غضون ذلك استمرت تخمينات المصادر الاميركية لطبيعة الاهداف التي قصفها الطيران الاسرائيلي في سورية في 6 سبتمبر (ايلول) والتي اعتبرتها الاستخبارات الإسرائيلية منشأة لها صلة بأنشطة نووية تساعد كوريا الشمالية في تزويدها بالمعدات، حسبما قال مسؤولون سابقون وحاليون من الولايات المتحدة وإسرائيل.

وكانت تفاصيل التقييم الإسرائيلي للمنشأة قد برزت مع انسحاب الوفد الصيني المفاجئ من اجتماع دبلوماسي في بكين كان يهدف إلى وضع جدول زمني لتفكيك المرافق النووية في كوريا الشمالية.

ورغم ان إدارة بوش رفضت التعليق على الغارة الإسرائيلية فقد ذكرت مصادر أميركية انه كان من المتوقع أن يواجه مسؤولون أميركيون الكوريين الشماليين بموضوع الدعم النووي المفترض لسورية خلال الاجتماع المذكور.

ويقول مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إن الحكومة الإسرائيلية ابلغت إدارة بوش بالهجوم المخطط له قبل حدوثه بفترة قصيرة. وليس واضحا ما إذا كان المسؤولون الأميركيون قد عبروا عن تأييدهم للإجراء أو أنهم أوصوا ضدها.

لكن التفاصيل حول المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية تظل سرية جدا والشهادات حول التفكير الإسرائيلي اعطيت من قبل مسؤولين سابقين وحاليين متعاطفين بشكل عام مع وجهة نظر إسرائيل. وليس واضحا ما إذا كانت وكالات الاستخبارات الأميركية توافق على تقييم الإسرائيليين للمنشآت المستهدفة في الغارة على سورية. وقد عبر بعض المسؤولين عن شكوكهم في أن تكون لسورية الأموال أو القدرات العلمية للبدء ببرنامج نووي جاد.

وقد وقع هجوم 6 سبتمبر بعد أيام قليلة عن تعقب سفينة شحن كورية شمالية رست في ميناء سوري. ولم يكن واضحا ماذا كانت تحمل السفينة. ولكن مسؤولا أميركيا سابقا قال إن الاسرائيليين راقبوا الموقع لفترة قبل وصول السفينة وكان وصولها إلى سورية قبل الغارة قد تم الإعلان عنه في صحيفة «واشنطن بوست».

ولكوريا الشمالية علاقات قديمة بسورية وأكثرها تتعلق بصفقات بيع أسلحة وخصوصا التكنولوجيا الخاصة بالصواريخ البسيطة ولكن لم يتم يوما رصد تصدير كوريا الشمالية لمواد نووية إلى سورية أو إيران التي تعتبر أحد زبائن كوريا الشمالية في مجال تكنولوجيا الصواريخ.

لكن مسؤولا كوريا جنوبيا رفيعا كذب الاتهامات، حسبما قالت وكالة أنباء كوريا الجنوبية يونهاب: «هم غالبا ما يقولون أشياء لا صحة لها» حسبما جاء في تصريح كيم ميونغ-غيل نائب رئيس بعثة كوريا الشمالية في الامم المتحدة.

يمكن القول إن أكثر النظريات المعتدلة ترى أن الشحنة الكورية الشمالية لا علاقة لها بأي برنامج نووي. أما النظرية الأخرى فترى أن أجهزة تشحن إلى سورية من كوريا الشمالية مصممة كي تساعد سورية على استخراج اليورانيوم من أجل تخصيبه لاحقا. وهذا يعني أن سورية بدأت المراحل الأولى لنشاط نووي ويمكنها أن تتذرع بأن استخراج اليورانيوم هو عملية لا علاقة لها بالأسلحة النووية.

*خدمة «نيويورك تايمز»