إسرائيل تعتبر قطاع غزة كيانا معاديا مباحا لإجراءات انتقامية واسعة

إصداره قبيل وصول رايس إلى المنطقة للتمهيد لمؤتمر واشنطن يؤكد موافقتها عليه... وحماس تعتبره إعلان حرب

TT

اتخذ المجلس الوزاري المصغر في الحكومة الإسرائيلية، أمس، سلسلة قرارات تتيح له استباحة قطاع غزة لكل الإجراءات الانتقامية بما في ذلك قطع الكهرباء والماء وقطع أية صلة بينه وبين إسرائيل وتحويله الى كيان معاد يمكن اتخاذ أي إجراءات ضد سكانه بوصفهم أعداء.

وأكدت مصادر قضائية في وزارة الخارجية الإسرائيلية أن القرار اتخذ بعد التشاور مع عدة مؤسسات قضائية وسياسية دولية في الغرب. وأشارت الى أن صدوره في نفس يوم وصول وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، لم يكن صدفة، إنما يؤكد دعما مباشرا منها ومن الإدارة الأميركية.

وينص القرار على إعلان قطاع غزة كيانا معاديا لإسرائيل والسعي لقطع كل اتصال به، بما في ذلك إغلاق الحدود بشكل تام، مما يعني منع الاتجار مع القطاع في أي مجال من المجالات، علما بأن إسرائيل ما زالت تزود القطاع بمواد غذائية وأدوية وكيماويات وأسمدة وتفتح الممرات لتزويده بمواد البناء القادمة من الضفة الغربية والعديد من المواد القادمة اليه عبر الموانئ الإسرائيلية. كما يتحدث القرار عن وقف تزويد قطاع غزة بالوقود وبالطاقة الكهربائية والماء بشكل تدريجي، علما بأن اسرائيل تزود قطاع غزة اليوم بما يعادل 80 في المائة من التيار الكهربائي و100 في المائة من الوقود و70 في المائة من الماء و100 في المائة من الوقود الذي يشغل المحركات الكهربائية التي تشغل بدورها آليات رفع الماء من الآبار الارتوازية. ويوجد للقرار شق «أمني» ينص على اعتبار حكومة حماس في قطاع غزة جزءا لا يتجزأ من تنظيم حماس الذي تصفه بـ«الإرهابي»، وتبعا لذلك «القيام بكل الإجراءات العسكرية الضرورية لمحاربة الإرهاب وحكومته، ردا على اي عملية معادية لإسرائيل تنفذ من قطاع غزة بما في ذلك إطلاق الصواريخ على البلدات الاسرائيلية».

وقال وزير الدفاع، إيهود باراك، خلال تقديمه بشكل صريح الاقتراحات الى المجلس الوزاري، أمس، باسم الجيش الاسرائيلي وأجهزة المخابرات، انه يريد من الإجراءات «ايلام الجمهور الفلسطيني في قطاع غزة لكي يمارس ضغوطا على حماس، فإما تتراجع وتنضم الى التنظيمات الفلسطينية المؤيدة للمسيرة السياسية وتقبل بطريق التسوية أو تنهار أمام الضغوط الشعبية». وأعرب باراك عن قناعته بأن العالم يتفهم هذا القرار، وقال: «العالم يرى انه فقط في السنة الأخيرة تعرضت البلدات الإسرائيلية في الجنوب الى 700 صاروخ فلسطيني أطلقت من عناصر حماس ومثيلاتها، وأدى ذلك الى مقتل أربعة مدنيين. وخلال السنوات الست الماضية، بلغ عدد الصواريخ التي أطلقت 6000 صاروخ، تسببت في قتل 15 مدنيا اسرائيليا، هذا عدا عن الجرحى والدمار. وكل ذلك يتم رغم ان اسرائيل انسحبت من قطاع غزة حتى آخر شبر أرض ورغم انها أشركت العالم كله في شكاواها وتحذيراتها بأنها لن تستطيع تحمل هذا الوضع الى ما لا نهاية».

وحظيت اقتراحات باراك بتأييد من جميع الوزراء في جلسة أمس، وطالب ثلاثة منهم باجراءات «أقسى». فقال وزير الشؤون الاستراتيجية زعيم حزب «اسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف، أفيغدور ليبرمن، انه يجب إعادة احتلال الشريط الحدودي «فيلادلفي» وبتر قطاع غزة الى ثلاثة مقاطع. وقال وزير الأمن الداخلي قائد المخابرات الأسبق، آفي ديختر، انه يجب «قطف رؤوس قادة الإرهاب الحاكمين في قطاع غزة». وقال وزير العمل زعيم حزب «شاس» لليهود المتدينين الشرقيين، انه يجب إعادة احتلال القطاع. ورد باراك على ذلك بالقول إن مسألة تشديد الإجراءات بما في ذلك الاجتياح الشامل لم يحن وقتها بعد. ولكنها مطروحة أمامه للوقت المناسب. ودعا الوزراء الى التحلي بالصبر والتصرف بهدوء. وقال انه أمر الجيش بالرد القاسي على أية عملية عدائية يقوم بها الفلسطينيون ضد أهداف إسرائيلية. كما تكلم رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، بنفس الروح وقال انه لا يوافق على اجتياح شامل لغزة في الوقت الحاضر، لأن هنالك تهديدات أخرى في الشمال (سورية ولبنان وإيران)، تحتاج الى اليقظة. وأوضح أولمرت انه مقابل الإجراءات العقابية في غزة سيتخذ الجيش إجراءات لتخفيف معاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية بالتدريج، وسيسعى لدعم السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس (أبو مازن). وقال قائد المخابرات العامة، يوفال ديسكين، إن حماس وغيرها من التنظيمات المسلحة الفلسطينية تحاول منذ عدة أشهر تنفيذ عمليات تفجيرية في المدن الإسرائيلية ولا يستبعد أن تتضاعف هذه المحاولات اليوم بعد القرار بخصوص غزة، لذلك يجب عدم الإسراع في ازالة الحواجز والاستمرار في تضييق الخناق على من يحاول من الفلسطينيين الوصول الى اسرائيل بغرض تنفيذ عمليات. واعتبرت حكومة إسماعيل هنية المقالة أن القرار لا يمثل شيئا جديداً. وقال الدكتور احمد يوسف، المستشار السياسي لهنية، لـ«الشرق الأوسط» إن القانون الدولي يحظر على اسرائيل القيام بمثل هذه الإجراءات التي تمثل «عقوبات جماعية»، مشيرا إلى أن قطاع غزة يرزح عملياً تحت الاحتلال، وبالتالي يترتب على اسرائيل كدولة احتلال مسؤولية قانونية حيال أهله. وهدد يوسف بأن الفلسطينيين سيعملون على إيذاء الجمهور الاسرائيلي بنفس الطريقة في حال مضت الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ قرارها. وأضاف «لدينا الإمكانيات للرد وإجبار الاحتلال على دفع كلفة قراره الجائر».

أما حماس فقالت إن القرار يمثل «إعلان حرب» شاملة. وقال سامي أبو زهري، الناطق بلسان الحركة، لـ«الشرق الأوسط» إنه في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل حملتها العسكرية لليوم الثاني في نابلس وتقوم بعمليات القتل والاعتقال، فإن إقرار هذه الخطة يمثل حلقة في «مسلسل الحرب التي تشنها دولة الاحتلال ضد جميع أبناء الشعب الفلسطيني». ودعا أبو زهري الدول العربية والمجتمع الدولي الى التحرك لوقف إسرائيل عن مواصلة عدوانها على الشعب الفلسطيني. واعتبر أن إقرار الخطة ينسف مسوغات عقد اللقاء الدولي في واشنطن.