تركيا: أردوغان وغل يؤيدان إنهاء حظر الحجاب في الجامعـات

رئيس الوزراء التركي: حق التعليم يجب ألا يحاصر بسبب الزي

الكاتب التركي نديم غورسيل يحمل نسخة من كتابه الجديد «قصة الفاتح» خلال تقديم الكتاب في مدينة برشلونة بإسبانيا، ويروي الكتاب احداث فتح السلطان العثماني محمد الفاتح لمدينة القسطنطينية (اسطنبول حاليا) عام 1453 (إ ب أ)
TT

ابدى الرئيس التركي عبد الله غل، ورئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، تأييدهما لإلغاء الحظر على وضع الحجاب في الجامعات. وفي وقت يبحث فيه خبراء قانونيون وكوادر من حزب العدالة والتنمية الحاكم إمكانية ادراج مثل هذا الالغاء في مشروع الدستور الجديد الذي يعدونه، قال غل وأردوغان إن منع الحجاب ينتهك الحريات الفردية. وقال اردوغان في مقابلة نشرتها صحيفة «فايننشال تايمز» أمس ان «الحق في التعليم العالي لا يمكن ان يحصر نطاقه بسبب الزي التي ترتديه امرأة شابة». وأضاف «مثل هذه المشكلة غير قائمة في المجتمعات الغربية لكنها قائمة في تركيا، واعتقد انه الواجب الاول للسياسيين ان يحلوا هذه المشكلة».

من جهته، ساند غل ايضا انهاء حظر الحجاب، وقالت صحيفة «ميلييت» الليبرالية نقلا عنه «من الافضل لهن (النساء المحجبات) الذهاب الى الجامعات بدل البقاء في المنزل ومواجهة عزلة عن الحياة الاجتماعية». وأضاف «علينا النظر الى المسألة من وجهة نظر الحريات الفردية وكنتيجة للتطور». وأكد غل ان إنهاء حظر الحجاب لن يؤدي الى تصاعد الضغوط على النساء اللواتي لا يضعن الحجاب. وأوضح «نحن اشخاص تعايشنا جنبا الى جنب بسلام.. يمكن ان تكون هناك في العائلة نفسها فتيات محجبات واخريات لا يضعن الحجاب». وقال اردوغان ان مشروع الدستور الجديد سيطرح للنقاش امام المجتمع قبل ان يعرض على البرلمان.

وقد أثارت خطط الحكومة التركية تعديل الدستور، الذي وضع بعد الانقلاب العسكري عام 1980، لإبداله بآخر اكثر ليبرالية يجيز ارتداء الحجاب في الجامعات، جدلا محتدما حول هذه المسألة البالغة الحساسية في تركيا المسلمة لكنها تعتمد النظام العلماني. وتعتبر الاوساط المتمسكة بالدفاع عن العلمانية، مثل الجيش والقضاء الاعلى وكوادر الجامعات، أن وضع الحجاب يعتبر بمثابة تحد للنظام العلماني التركي، وتتهم حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه اردوغان، فيما انسحب منه غل اثر توليه الرئاسة الشهر الماضي، بالسعي الى نسف القيم العلمانية للبلاد. ووصفت لجنة عمداء الجامعات المعارضين بشدة خطط حزب العدالة والتنمية لرفع حظر الحجاب بأنها «غير شرعية». وقال رئيس اللجنة اردوغان تيسيتش في ختام اجتماع للصحافيين «ان حظر ارتداء الحجاب هو أمر قانوني قرره القضاء التركي وصادقت عليه المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان» في 2005 بموجب قرار. وهاجم ايضا حزب العدالة والتنمية لانه لم يستشر اي حزب سياسي آخر وقال «لا يمكن التحدث عن عملية ديمقراطية.. ان المشروع اثار مخاوف داخل المجتمع». وعندما سئل عما اذا كان يؤيد شخصيا إدخال بند يرفع هذا الحظر، رد اردوغان ضمنا بالايجاب متحدثا اثناء مؤتمر صحافي عن «الحريات» لكنه شدد على القول «اننا لا نعد دستورا لحزب العدالة والتنمية بل لجمهورية تركيا» موضحا ان النص سيعد «في اطار اكبر توافق ممكن».

ومنذ تسلمه الحكم في 2002 سعى حزب العدالة والتنمية الى رفع حظر الحجاب لكنه اصطدم في كل مرة بمعارضة الاوساط العلمانية. اما اليوم وبعد فوزه بغالبية 46% في الانتخابات التشريعية في يوليو (تموز)، بات الحزب يرغب في تسوية هذا الموضوع في اطار قانون اساسي جديد يحل مكان الحالي المتشدد في هذا الخصوص، والذي وضع في العام 1982 بعد سنتين من انقلاب عسكري، ثم تم تعديله ثلاث عشرة مرة منذ ذلك الحين. لكن عددا كبيرا من الخبراء انتقدوا هذا الامر، فقد اعتبر مصطفى بومين الرئيس السابق للمحكمة الدستورية أن أي تخفيف للحظر سيشدد الضغوط على النساء في الجامعات. وقال «ان ذلك سيؤدي حتما الى انتشار الملابس المحافظة في الجامعات. فالطالبات سيرغمن على ارتداء الحجاب».

وعلى صعيد آخر، اعلنت قبرص امس انها ستحتج لدى الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي اثر الزيارة «غير القانونية» ـ على حد تعبيرها ـ التي قام بها غل الى شمال قبرص المحتل من تركيا.

واكدت وزيرة الخارجية القبرصية ايراتو كوزاكو ماكوليس عبر الاذاعة الرسمية ان بلادها ستقوم «بخطوات قوية» لدى المجتمع الدولي بعد زيارة الرئيس التركي وتصريحاته التي اعتبرتها «تحريضية». وسيثير الرئيس القبرصي تاسوس بابادوبولوس بنفسه هذه المسألة خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ اعمالها الاسبوع المقبل في نيويورك. وكما درجت العادة، خصص الرئيس التركي الجديد زيارته الاولى الى الخارج الى «جمهورية شمال قبرص التركية» التي لا تعترف بها إلا انقرة. واثارت زيارته الى الشطر التركي من نيقوسيا، العاصمة الوحيدة التي لا تزال مقسمة في العالم، غضب المسؤولين القبارصة اليونانيين، لا سيما من خلال اعلانه ان حل النزاع القبرصي يمر بتجزئة البلاد رسميا. وقال غل «الواقع في الجزيرة هو ان هناك دولتين وديمقراطيتين ولغتين وديانتين». وقالت كوزاكو ماركوليس «الذين كانوا يعتقدون ان انتخاب غل رئيسا سيأتي بتغيير.. كانت تتجاذبهم الاوهام». وحض الرئيس التركي في نيقوسيا المجتمع الدولي على الوفاء بوعده عبر إلغاء العقوبات المفروضة على «جمهورية شمال قبرص التركية».

وكان يشير الى تعهد الاتحاد الاوروبي بالتخفيف من عزلة «جمهورية شمال قبرص التركية» كمكافأة للقبارصة الاتراك على دعمهم لخطة الامم المتحدة لإعادة توحيد الجزيرة التي عرضت على الاستفتاء في شطري الجزيرة في ابريل (نيسان) 2004. ووافقت عليها غالبية القبارصة الاتراك بينما رفضتها غالبية القبارصة اليونانيين ما حال دون إعادة توحيد الجزيرة.