ارتفاع في شعبية باراك لانتهاجه خطا متطرفا مع الفلسطينيين

في آخر استطلاعات للرأي

TT

أشارت آخر استطلاعات الرأي في اسرائيل الى ان قوة أحزاب اليمين بدأت تنحسر في الأسابيع الأخيرة منذ تعيين زعيم حزب العمل الجديد-القديم، ايهود باراك، وزيرا للدفاع في حكومة ايهود أولمرت الائتلافية. وحسب هذه الاستطلاعات فان باراك بات أقوى المنافسين على رئاسة الحكومة، وتزايدت احتمالات فوزه على زعيم المعارضة، بنيامين نتنياهو، لأول مرة منذ ست سنوات. أما أولمرت فقد واصل التقدم البطيء لاستعادة قوته.

ففي الرد على السؤال لأي حزب تصوت في ما لو جرت الانتخابات العامة اليوم، ظهرت نتائج تدل على المساواة بين كتلتي اليمين والوسط الليبرالي، وعلى انتعاش كبير في قوة حزب العمل بزعامة باراك، لدرجة ان هذا الحزب الذي خسر حوالي نصف شعبيته في الاستطلاعات التي جرت في أعقاب حرب لبنان، تمكن من استرجاع 80% من شعبيته، حسب الاستطلاع الأخير الذي نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت». في ما بدأ حزب الليكود يتراجع. ووفق الاستطلاعات فان حزب الليكود اليميني المعارض سيحصل على 24 مقعدا لو جرت الانتخابات الان (له اليوم 12 مقعدا ولكن الاستطلاعات كانت تعطيه ما بين 26 – 32 مقعدا)، يليه حزب العمل 18 مقعدا (له اليوم 19 مقعدا وأعطته الاستطلاعات السابقة 9 – 12 مقعدا)، ثم حزب «كديما» الحاكم 10 مقاعد (له اليوم 29 مقعدا وأعطته الاستطلاعات الأخيرة 6 – 8 مقاعد). وتساوى معه في النتيجة كل من حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، و«اسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف، وكلاهما في الائتلاف الحكومي ولكل منهما اليوم 11 مقعدا.

وتبين نتائج الاستطلاع إن حزب الليكود سيكون صاحب الحق في تشكيل الحكومة ولكنها لن تكون حكومة يمين صرف، لأن قوة اليمين لا تتعدى 55 مقعدا مقابل 51 لأحزاب الائتلاف الحالي. وفي هذه الحالة سيضطر اليمين الى اللجوء الى حزب «كديما» أو حزب العمل لتشكيل الائتلاف. وإذا استمرت وتيرة التغيير في المزاج الشعبي على هذا النحو، فثمة احتمال لأن يصبح حزب العمل أكبر الأحزاب فيشكل باراك الحكومة.

وتتصاعد هذه الاحتمالات أيضا مع استمزاج رأي الجمهور في أي رئيس حكومة تفضل في اسرائيل. فحسب الاستطلاع المذكور تساوت شعبية باراك ونتنياهو، حيث حصل كل منهما على 20% من أصوات المستطلعين. وحصل أفيغدور لبرمن، وزير الشؤون الاستراتيجية وزعيم حزب «اسرائيل بيتنا» على 14%، وقبع رئيس الوزراء أولمرت في المرتبة الرابعة بنسبة 8%.

ويلخص المراقبون هذه النتائج بجملة واحدة، هي: «باراك هو صاحب أكبر الاحتمالات للفوز برئاسة الحكومة الاسرائيلية القادمة». ويؤكدون أن هذه النتيجة تدل على أن الجمهور الاسرائيلي يتجاوب مع الجهود التي يبذلها باراك للعودة الى مقعد رئاسة الوزراء ويسامح باراك على اخفاقاته في فترة رئاسة الحكومة السابقة (1999 - 2001)، حين كانوا قد رأوا فيه قائدا متعجرفا ومتسرعا وفظا وعندما فشل في التوصل الى اتفاق مع الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، في كامب ديفيد وانفجرت الانتفاضة الفلسطينية، أسقطوه لينتخبوا مكانه أرييل شارون الذي لا يزال يرقد على فراش الموت منذ يناير (كانون الثاني) 2006. ويعتمد باراك تكتيكا سياسيا جديدا لاستعادة ثقة الجمهور وكسب أصواته، هي انتهاج طريق سياسي يميني، مقارنة مع حزبه (العمل) وحتى بالمقارنة مع حزب «كديما»، وطريق سياسي يساري بالمقارنة مع الليكود. فقد قرأ في الخريطة السياسية للجمهور الاسرائيلي جنوحا الى اليمين منذ اندلاع الانتفاضة. فاختار الركوب على صهوة اليمين هذه. وانطلق في ذلك من موقعه في وزارة الدفاع بالذات، حيث تتمركز في يديه قوة جبارة في المقاييس الاسرائيلية. فهو يعبر بدقة عن رغبات الجيش ويدافع عن مواقف الجيش في كل القضايا بما في ذلك القضية السياسية. فمع ان البرنامج السياسي لحزب العمل الذي يقوده يتحدث عن وضع قضية التفاوض مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (ابو مازن)، حول التسوية الدائمة على رأس جدول الاهتمام، فإن باراك يعارض ذلك بشدة ويقول ان على الجيش الاسرائيلي أن يبقى مسيطرا على الضفة الغربية خمس سنوات أخرى على الأقل. ويضيف ان أبو مازن ليس أهلا للتوقيع على اتفاق سلام دائم ولا حتى على اعلان مبادئ للتسوية الدائمة لأنه يثبت انه لا يملك السيطرة على الشارع الفلسطيني ولا يضمن الأمن. والى جانب كل ذلك يحاول باراك استعادة هيبة الجيش، التي كان قد افتقدها الى حد غير قليل في حرب لبنان الأخيرة، وبث الشعور بالقوة العسكرية الكبيرة. وهو يفعل ذلك بالتدريبات الكبيرة للجيش بمشاركة قوات كبيرة جدا من جيش الاحتياط، حيث انه يريد من خلال ذلك أن يشعر أكبر عدد من المواطنين الاسرائيليين ان الجيش يعيش حالة جديدة بعد الحرب يكون فيها أقوى، وهو يحرص على الظهور أمام الجنود صغارا وضباطا في كل تدريب فيدير الحوارات معهم ويقدم الدروس لهم في الإقدام والشجاعة، وينفذ عمليات عسكرية متواصلة مثل الضربة لسورية وخطف زعيم حماس في رفح من دون أن يمس أي جندي اسرائيلي واعتقال زعيم التنظيم العسكري لحركة حماس في نابلس وغير ذلك.